المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 4 مايو 2024
طارق محمود نواب _ مكة
طارق محمود نواب _ مكة

جولة داخل عوالم الإنتاجية

ليست الحياة الجادة والناجحة سوى تلك الحياة التي تمنح صاحبها القدرة على الإنتاج والإبداع. ففي عالم مليء بالتحديات والصعوبات وحركة التأثير والتأثر، لا أحد ينكر دور الإنتاجية والعمل على تكريس الذات وإثباتها في واقع صعب المراس، ومع ذلك فالناس تختلف اختلافا واضحا في لحظات حضورها الإيجابي في مجتمعاتها، فهناك من تكون أفضل مواهبه هي تسويق الذات وحسن عرضها، وهناك آخرون تكون لديهم خيارات أخرى حيث يتواجدون في مستوى مختلف فينجزون المهام المطلوبة منهم على أحسن وجه.
نحن لا يمكننا أن نتصور الإنتاجية المرتبطة بعمل الأشياء والمهام والمسؤوليات إلا من خلال عامل التحفيز فهو أكثر من مهارة أو موهبة، إنه الدافع الذاتي والموضوعي نحو العمل والسير قدما نحو النجاح دون أن يعترضك اي عائق.
فلقد اكتشف العلماء أن المرء يستطيع أن يطور مستواه في التحفيز وأن يدرب نفسه على خلق حافزه أو دافعه الذاتي من أجل الاستمرار، كما أن العديد من الباحثين يقولون بأن أحد المتطلبات الأساسية بفكرة التحفيز هي أن نثق بقدرتنا على التحكم في أفعالنا والبيئة المحيطة بنا، ومعنى ذلك أن الحاجة إلى التحكم تمثل ضرورة بيولوجية، والأهم في كل هذا السياق هو أن الناس التي يكون لها الحافز أو تكون لها القدرة على التحكم تميل على زيادة الاجتهاد في العمل كما تؤكد الدراسات الميدانية، كما أنهم يتغلبون على العقبات بشكل سريع ، ويتمتعون بحياة أطول مقارنة بأقرانهم غير المحفزين.
لكن كيف نخلق هذا الحافز بحسب الكاتب؟ لتحقيق الحافز وفعل التحفيز يلزمنا فعل الأمور التالية، تعزيز الاختيارات الذاتية والثقة بها، الشعور بالاستقلالية وحرية الإرادة، الشعور بالسيطرة على الأمور.
فالكثير من الدراسات الميدانية والعلمية تؤكد على أن الاشتغال بمجموعات الدراسة هو طقس من طقوس الاستحقاق والكفاءة في معظم برامج إدارة الأعمال، ومعنى ذلك أن الاشتغال في مجموعات وفرق بحثية يمكن الإنسان من مضاعفة الجهد والاستفادة من التواصل مع الآخرين في الوصول بشكل أفضل إلى نتائج مثيرة إذا كانت طرق الاشتغال بالمجموعات تشتغل بشكل جيد في إطار من التعاون والتضامن.
لكن ما الذي يجعل العمل في مجموعة احدهم هي اهم ممارسات المردودية والتحفيز الإيجابي على مواصلة العمل والنجاح؟ إنها النتائج المبهرة التي توصلت إليها بعض الدراسات الميدانية، وتتمثل في كون أن المجموعة دوما يسودها روح من التعاون، ناهيك عن أن الجميع يسعى وراء القيادة وانتقاد الأفكار نقدا بناء وفعالا، إضافة إلى الحماس الذي يبديه الجميع في دعم بعضهم البعض.
فلقد لاحظ بعض المشتغلين في شركة جوجل، وذلك من خلال استطلاعات رأي أجريت لهم بأن العديد منهم كانوا يذكرون باستمرار أهمية فرق بحثهم والمجموعات التي يشتغلون فيها، وهنا بدأ العلماء يكتشفون أن الفرق لا يمكن أن تعمل بشكل يصل إلى الجودة والمردودية المطلوبة إلا إذا تضمنت أشخاصا يمتلكون الرغبة في العمل الجماعي والاشتغال ضمن فرق عمل وامتلاك الأفراد لنفس الأذواق والهوايات.
فلا يكفي الكثير من التحفيز والاشتغال بفرق للحصول على مردودية الإنتاجية وعلى قدر كبير من الجهد والعمل المطلوب، بل يضاف إليهما أيضا عامل التركيز أو التفكير التفاعلي. وأساس هذه المهارة وهذه القدرة الذاتية أن يصل المرء إلى القدرة على توزيع الانتباه بشكل جيد، وهو كنز هائل يمكن الإنسان من تخطي مجموعة من العوائق والصعاب.
فعلى سبيل المثال يتدرب الرياضيون على مجموعة من الخطوات التي تمكنهم من التفكير خلال اللعب واتخاذ القرارات اللازمة بطريقة تفاعلية. ويمكننا أن نقول بأن التفكير التفاعلي يساهم في مساعدتنا على اتخاذ القرارات المطلوبة في الوقت والزمان المناسبين، كما أنه يمكننا من الاستفادة من مواهبنا التفاعلية والتصرف بطريقة آلية.
لكن بالرغم من أهمية التركيز إلا أن الإنسان معرض للغفلة الإدراكية والتفكير التفاعلي. فعندما ينتقل المصباح الكاشف في عقولنا من الخفوت إلى السطوع في جزء من الثانية نكون أكثر تركيزا وأكثر فعالية، وسيتوقف المصباح عن الدوران داخل رؤوسنا ويتوقف عن العمل حينما نتوقف عن تحفيز هذه القدرة وهذه المهارة.
فليس هناك عمل يخلو من أهداف مرجوة ومقاصد محتملة، وإلا تحولت الحياة إلى عبث وانعدمت سبل التواصل لأن اللامعنى هو الذي يسود حينذاك طبيعة الأشياء، لكن الأمر هنا يختلف فتحديد و وضع الأهداف وتصديرها والتخطيط للوصول إليها هو الخطوة الأولى نحو تحقيقها.
كما أن الكثير من الدراسات تؤكد أن الأشخاص الذين يتمتعون بخاصية تحديد الأهداف هما أشخاص مرتبطون بشكل وثيق بالنجاح في الحياة بشكل عام، ولكن ما أهمية وضع الأهداف أو الحاجة إلى ما يسميه البعض بالانغلاق المعرفي، وهناك حاجة ملحة إلى هذا الجانب تتمثل في أنه جانب قوي في حياة الإنسان الناجح فتعلمك لقوة الانضباط الذاتي يعني التمتع بصفات الريادة والقيادة، والقدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة، وتجنب التخمينات غير الضرورية.
لكن هناك أيضا مخاطر ترتبط بهذا النوع من التفكير يمكن الإشارة إليها في السرعة في اتخاذ القرار التحيز في عملية الحكم ضيق الأفق وبروز الدوافع التسلطية.
 0  0  6.6K