المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 4 مايو 2024
طارق محمود نواب _ مكة
طارق محمود نواب _ مكة

الغرور العدو الخفى

إن التاريخ مليء بالشخصيات القوية المؤثرة التي استطاعت تغيير مجرى التاريخ وحققت إنجازات غير مسبوقة سواء في الجوانب الادارية أو العلمية أو القيادية أو فى أي مجال آخر، ولكنه أيضا مليء بمن أخفق وتعثروا رغم مواهبهم وطموحاتهم الكبيرة، والسبب في ذلك دائما هو الغرور.
فمن استطاعوا أن يتحكمون في غرورهم والعمل على القضاء عليه هم فقط من أصبحوا عظماء وتقدموا تقدما هائلاً في حياتهم، باستثناء القليل جدا من الشخصيات النرجسية على مدار التاريخ، وكانت نهاية أغلبهم كارثية مثل الإسكندر الأكبر أو نابليون فقد تكون أنت بنفسك في مفترق طرق وقد تكون طموحا وتملك ما يلزم من المواهب لتحقيق النجاح أو تكون بالفعل حققت قدرا من النجاح الذي لم يسبق أن حققه غيرك، ولكنك تخشى من الخطوة القادمة وتشك بقدراتك على التعافي أيا كانت المرحلة التي أنت بها الآن، فعليك أن تتعلم من دروس التاريخ وتحذر من العدو الأكبر في حياتك "الغرور"،
إن الغرور يوصف بأنه اعتقادنا الغير صحيح بأهميتنا ونجاحنا وإحساسنا بالغطرسة أو الإحساس بالأفضلية والتميز خارج حدود الموهبة والثقة. وقد تقول بأنك لست مغرور وأنه لا يمكن لأحد أن يصفك بالغرور ولكن الحقيقة هي أن الغرور صفة متأصلة في البشر كلهم فالغرور هو ما تحتاج إلى أن تسمعه حتى تتغلب على خوفك الداخلي.
فأنت تحتاج إلى أن يخبرك عقلك بأنك مختلف ومميز وقادر على النجاح في كل مرة تحاول أن تنجز عملا إبداعي أو تقود الآخرين نحو النجاح، ولكن حين يصبح هذا الانطباع الشخصي عن نفسك مبالغا فيه، يصبح الغرور عقبة في طريق تحقيق الطموح أو الحفاظ على ما حصلت عليه من نجاح والاستمرارية أو تخطي الفشل والتعافي، كما أن مشكلة العصر الحالي هي زيادة قدرتنا على الشعور بالغرور، فمن السهل اليوم أن تنشر على حساباتك في مواقع التواصل الاجتماعي منشورات يومية عن مدى نجاح شركتك وتحصل على آلاف التهانى، وفي الحقيقة شركتك هي مجرد حبر على ورق، وقد تتمكن من عرض فكرتك على ملايين البشر وتحصل على الإعجاب فتشعر بأنك حققت نجاحا باهرا مع أن فكرتك لم تغادر رأسك، وقد تسمع اليوم عن شخص ناجح جدا واجه صعوبات الحياة وتغلب عليها وتتمنى أن تصبح مثله.
وفي اليوم التالي تسمع عن الانهيار التام الذي حدث في حياته والفضائح الذي تعرض لها ببساطة لأن غروره منعه من عرض القصة الحقيقية حول نجاحه والوجه الحقيقي خلف حقيقة إنجازاته لأن القصة التي ترويها ويرويها أي شخص عن نفسه عادة ما لا تكون الحقيقية ودائما ما يوجد بها مبالغات عن القدرات الشخصية وتخفيف من الأزمات الحالية. فالغرور عدو لا يستهان به في أي مرحلة في حياتك، سواء كنت حققت في مسيرتك شيئا ما أو فشلت فيه، ولكي تكون القصة التي ترويها عن نفسك حقيقية، يجب أن تتعلم التواضع والعيش بواقعية وتتعلم كيف تقيم مواهبك بواقعية، فيمكن أن تفعل ذلك عبر تفضيل العزلة لأن العزلة توفر مناخا أفضل حتى ترى نفسك ومواهبك بشكل أوضح وتخطط جيدا لخطوات نجاحك في من خطوة صغيرة كل يوم تتعلم منها وتستثمر في نفسك، كما أنه عليك التخلي تماما عن فكرة النجاح السريع أو الشهرة السريعة لأن نهاية كلا منهما كارثية، فتدفعك مواقع التواصل الاجتماعي للحديث عن نفسك.
فالنجاح يتم تقييمه بالمعايير الشخصية ومدى التغير في انضباطك وكيف تغيرت طريقتك إلى الأفضل، وهذا ما يميز المتواضع عن المغرور حين يصادفهم الفشل، وقد لا تتحقق رغبتك أو لا تحصل على الترقية في عملك، وقد تضيع الفرصة التي تعتمد عليها، وهذا النوع من الفشل لا بد أن يحدث في حياتك سواء الآن أو بعد سنوات من النجاح، وعندها أمامك طريقين إما التذمر والعناد أو أن تكون مرنا وتتكيف مع الأوضاع الجديدة في الحياة.
حتى وإن كنت الآن في وضع لا ترغب به ومكان لا تفضله، وتعتقد بأن هذا الوقت يعتبر ضائعا من عمرك إذا اجعله وقتا مثمرا بنفسك وحاول أن تعمل على تطوير ذاتك، فالأوضاع الحالية والصعوبات التي تواجهها يمكن أن تحولها لصالحك وتتعلم من لحظة الفشل وتتكيف وتنجح وفق معاييرك الخاصة إن قاومت العدو الحقيقي وهو غرورك، فأنت من تصنع من وقت الفشل وقتا ضائعا بعنادك مع الحياة، ولكن التواضع يعلمك المرونة والاستفادة من كل لحظة.
 0  0  9.8K