شجاعة أن تكون غير محبوب
كلنا نسعى إلى أن نكون تحت أنظار الآخرين، نثير إعجابهم ونحظى باهتمامهم وقد نفعل المستحيل من أجل أن ننال رضاهم والتواصل معهم وقليل منا من لا يخشى العزلة في هذا العالم المعقد خاصة في عصر التقنية والتكنولوجيات التواصلية المتطورة، غير أن لا أحد منا يجرؤ أن يكون غير محبوب لأن هذا في اعتقادنا يشكل نقطة تحول مسارنا في واقعنا الفعلي.
فكلنا نرغب بالتغيير، وهي كلمة محفزة بشكل كبير في كل نقاشاتنا، ولكن الجواب عن سؤال لماذا نتكلم كثيرا عن التغيير؟ له جواب واحد وهو أننا لا نستطيع ذلك أو على الأقل يمثل التغيير بالنسبة إلينا أمرا في غاية الصعوبة، وهذا نفسه هو ما يجعل الناس تنخدع بكل النظريات والأيديولوجيات الكبرى التي تسعى إلى حلم التغيير الشامل والراديكالي كذلك غالبا ما يؤمن الناس بقانون السبب والمسبب وأيضا قانون الغايات، لكن لو تأملنا بشكل كبير فسنجد أن أغلب المحللين النفسيين حينما يحللون أي حالة من الحالات التي تعرض عليهم يربطون بينها وبين سبب حدث في الماضي وسيكتفون بمواساتك و تشجيعك وتحفيزك وهي حجة تميز علم المسببات، لكن ما نفعله بالتحديد هو أننا نصنع من هذه المسببات ما يخدم غاياتنا، أي أن هذه تجارب وصدمات نحدد من خلالها المعنى الذي نضيفه نحن عليها.
فالتغيير حلم صعب التحقيق، لهذا يسعى إليه الإنسان ويتمناه فالناس غالبا ما لا تقدر ذاتها أو تشعر بالمهانة، وهي ترى في نفسها مجموعة من النواقص، ومن أهم هذه النواقص هو لماذا لا نحب ذواتنا؟ فالجواب لهذا السؤال يكمن في التفكير الفيلسوفي لهذا الأمر البالغ التعقيد، وهو أن لدى كل واحد منا انطباعات خاطئة حول ذاته فنحن لا نرى فيها سوى العيوب والنقائص، كما نشعر بأننا لا نمتلك مزايا، وهذا ما نشعر به في قرارة أنفسنا، وعلى هذا الأساس نتصرف ونعمل كلنا ونفعل أشياء جميلة، لكن الذي يحدث هو أن كل المزايا تضيع حينما يصبح تفكيرنا يركز فقط على الجوانب السلبية دون غيرها، وهذا يعود بالأساس إلى نوع من الصراع الذاتي والكراهية التي تحدث في دواخلنا دون وعي منا، وبما أننا نعيش هذه الحالة من الصراع والتمزق الداخلي، فإن كل المزايا تحجبها عنا كراهيتنا لذواتنا فنصبح كارهين كل المزايا ونركز فقط على النواقص، كذلك حينما يدخل الإنسان في صراع مع ذاته داخليا يصبح الأمر صعبا من الناحية النفسية، فقد يتحول هذا الصراع إلى إحساس مزمن بالنقص، في حين أن مشاعر النقص التي نشعر بها هي في نهاية المطاف مجرد تأويلات ذاتية، نحن من نصنعها و نصدقها فتصبح جزء من حياتنا و واقعنا وهذا ما يجب أن نفهمه في هذا السياق هو أن مشاعر النقص لا تنشأ من فراغ فهي وليدة المقارنة بالآخرين، أولئك الذين يشعروننا بالنقص في كل حين ويولدون فينا كل مشاعر الحقد والحسد والغيرة فلو أن الشخص أو أي واحد منا تخلى عن أن يقارن نفسه بالآخرين وحقق حلم اكتفائه بذاته فرآها كاملة من غير منقوصة وأصبح يتمتع بشجاعة أن يكون غير محبوب لدى نفسه، لتجنبنا الكثير من الإشكالات النفسية والعقد الاجتماعية، وهذا يدفعنا بالأساس إلى الإقرار بأن مشاعر النقص ليست حقيقة موضوعية تعني بأنك ناقص أو غير مكتمل، بل هي تأويلات ذاتية وانطباعات نفسية يصدقها العقل الباطن بكثرة التكرار والمقارنة بعبارة أدق ليس الإحساس بالنقص حقيقة موضوعية، وإنما هو تأويل وانطباع ذاتي اتجاه الأشياء التي تقارن فيها نفسك بالآخرين.
كما أن الحديث عن الحرية حديث ذو شجون ممتد في الزمان والمكان لأنه مرتبط بجوهر الإنسان وطبيعته باعتباره كائنا يحظى بالقدرة على التصرف وحرية الإرادة، وهو ما يميزه عن غيره من الكائنات الأخرى، لكن هل طرحنا يوما مثل هذا السؤال؟ ما الحرية؟ بكل تأكيد نعم، لكن لكل واحد منظوره الخاص ورؤيته للحرية وحدودها وشروطها وضوابطها، كما أن هناك من يعتبر بأن الحرية هي المال، أو لنقل بأن المال هو حرية مغلقة فمن خلالها يتحقق كل شيء وتغدو كل الأشياء الصعبة في متناول اليد، لا تحتاج منك سوى الإرادة والرغبة، لكن هذا التصور بالرغم من وجاهته إلا أن هناك مجموعة من الصعوبات تعترضه و تخفف من حدته إذ أنه بالرغم من أهمية المال وحساسية امتلاكه إلا أنه لا يستطيع تعويض العديد من الأشياء التي قد تفوق وجوده وأهميته، ومعنى ذلك أنه يمكنك أن تصبح غنيا، لكن ماذا لو لم تجد من يحبك أو يقدرك أو يتواصل معك؟ أمر مستحيل تصوره لأننا لا نستطيع أن نعيش خارج المجتمع وخارج علاقاته المتشابكة وهي تبدو مهمة لأننا محاطون بأناس آخرين نتواصل معهم كل حين وهذا هو سبب أزمتنا كما يؤكد علماء الفلسفة، فلا بد من الاعتراف بأننا كائنات نحب أن نرضي الآخرين وهذا هو سر تعاستنا وربما هذا هو السبب الرئيسي الذي يجعلنا دوما في صراع داخلي مع ذواتنا لا نسمع لصوتها ولا نحب إلا ما يرسمه لنا الآخرون، لكن ما يحق لنا التساؤل حوله هنا هو الأسباب الكامنة وراء هذه الرغبة الجامحة في نيل رضا الآخرين أو الاستجابة إلى تأويلاتهم التي تغير نظرتنا لأنفسنا؟
إنها باختصار مجموعة من الدوافع النفسية مجملها فيما يلي تأثير التربية القائمة على العقاب والجزاء، حب المديح وكراهية الهجاء والذم، الرغبة في حب الآخرين وتحقيق التوازن النفسي، العيش خارج حدود الذات، والذوبان في التفكير الجماعي، السعي نحو تحقيق تطلعات الآخرين بعيدا عن طموحات الذات، فالإنسان كائن اجتماعي وجميع مشاكله تنطلق من هذا المعطى وتحقيق تطلعات الغير جحيم لا يطاق.
فكلنا نرغب بالتغيير، وهي كلمة محفزة بشكل كبير في كل نقاشاتنا، ولكن الجواب عن سؤال لماذا نتكلم كثيرا عن التغيير؟ له جواب واحد وهو أننا لا نستطيع ذلك أو على الأقل يمثل التغيير بالنسبة إلينا أمرا في غاية الصعوبة، وهذا نفسه هو ما يجعل الناس تنخدع بكل النظريات والأيديولوجيات الكبرى التي تسعى إلى حلم التغيير الشامل والراديكالي كذلك غالبا ما يؤمن الناس بقانون السبب والمسبب وأيضا قانون الغايات، لكن لو تأملنا بشكل كبير فسنجد أن أغلب المحللين النفسيين حينما يحللون أي حالة من الحالات التي تعرض عليهم يربطون بينها وبين سبب حدث في الماضي وسيكتفون بمواساتك و تشجيعك وتحفيزك وهي حجة تميز علم المسببات، لكن ما نفعله بالتحديد هو أننا نصنع من هذه المسببات ما يخدم غاياتنا، أي أن هذه تجارب وصدمات نحدد من خلالها المعنى الذي نضيفه نحن عليها.
فالتغيير حلم صعب التحقيق، لهذا يسعى إليه الإنسان ويتمناه فالناس غالبا ما لا تقدر ذاتها أو تشعر بالمهانة، وهي ترى في نفسها مجموعة من النواقص، ومن أهم هذه النواقص هو لماذا لا نحب ذواتنا؟ فالجواب لهذا السؤال يكمن في التفكير الفيلسوفي لهذا الأمر البالغ التعقيد، وهو أن لدى كل واحد منا انطباعات خاطئة حول ذاته فنحن لا نرى فيها سوى العيوب والنقائص، كما نشعر بأننا لا نمتلك مزايا، وهذا ما نشعر به في قرارة أنفسنا، وعلى هذا الأساس نتصرف ونعمل كلنا ونفعل أشياء جميلة، لكن الذي يحدث هو أن كل المزايا تضيع حينما يصبح تفكيرنا يركز فقط على الجوانب السلبية دون غيرها، وهذا يعود بالأساس إلى نوع من الصراع الذاتي والكراهية التي تحدث في دواخلنا دون وعي منا، وبما أننا نعيش هذه الحالة من الصراع والتمزق الداخلي، فإن كل المزايا تحجبها عنا كراهيتنا لذواتنا فنصبح كارهين كل المزايا ونركز فقط على النواقص، كذلك حينما يدخل الإنسان في صراع مع ذاته داخليا يصبح الأمر صعبا من الناحية النفسية، فقد يتحول هذا الصراع إلى إحساس مزمن بالنقص، في حين أن مشاعر النقص التي نشعر بها هي في نهاية المطاف مجرد تأويلات ذاتية، نحن من نصنعها و نصدقها فتصبح جزء من حياتنا و واقعنا وهذا ما يجب أن نفهمه في هذا السياق هو أن مشاعر النقص لا تنشأ من فراغ فهي وليدة المقارنة بالآخرين، أولئك الذين يشعروننا بالنقص في كل حين ويولدون فينا كل مشاعر الحقد والحسد والغيرة فلو أن الشخص أو أي واحد منا تخلى عن أن يقارن نفسه بالآخرين وحقق حلم اكتفائه بذاته فرآها كاملة من غير منقوصة وأصبح يتمتع بشجاعة أن يكون غير محبوب لدى نفسه، لتجنبنا الكثير من الإشكالات النفسية والعقد الاجتماعية، وهذا يدفعنا بالأساس إلى الإقرار بأن مشاعر النقص ليست حقيقة موضوعية تعني بأنك ناقص أو غير مكتمل، بل هي تأويلات ذاتية وانطباعات نفسية يصدقها العقل الباطن بكثرة التكرار والمقارنة بعبارة أدق ليس الإحساس بالنقص حقيقة موضوعية، وإنما هو تأويل وانطباع ذاتي اتجاه الأشياء التي تقارن فيها نفسك بالآخرين.
كما أن الحديث عن الحرية حديث ذو شجون ممتد في الزمان والمكان لأنه مرتبط بجوهر الإنسان وطبيعته باعتباره كائنا يحظى بالقدرة على التصرف وحرية الإرادة، وهو ما يميزه عن غيره من الكائنات الأخرى، لكن هل طرحنا يوما مثل هذا السؤال؟ ما الحرية؟ بكل تأكيد نعم، لكن لكل واحد منظوره الخاص ورؤيته للحرية وحدودها وشروطها وضوابطها، كما أن هناك من يعتبر بأن الحرية هي المال، أو لنقل بأن المال هو حرية مغلقة فمن خلالها يتحقق كل شيء وتغدو كل الأشياء الصعبة في متناول اليد، لا تحتاج منك سوى الإرادة والرغبة، لكن هذا التصور بالرغم من وجاهته إلا أن هناك مجموعة من الصعوبات تعترضه و تخفف من حدته إذ أنه بالرغم من أهمية المال وحساسية امتلاكه إلا أنه لا يستطيع تعويض العديد من الأشياء التي قد تفوق وجوده وأهميته، ومعنى ذلك أنه يمكنك أن تصبح غنيا، لكن ماذا لو لم تجد من يحبك أو يقدرك أو يتواصل معك؟ أمر مستحيل تصوره لأننا لا نستطيع أن نعيش خارج المجتمع وخارج علاقاته المتشابكة وهي تبدو مهمة لأننا محاطون بأناس آخرين نتواصل معهم كل حين وهذا هو سبب أزمتنا كما يؤكد علماء الفلسفة، فلا بد من الاعتراف بأننا كائنات نحب أن نرضي الآخرين وهذا هو سر تعاستنا وربما هذا هو السبب الرئيسي الذي يجعلنا دوما في صراع داخلي مع ذواتنا لا نسمع لصوتها ولا نحب إلا ما يرسمه لنا الآخرون، لكن ما يحق لنا التساؤل حوله هنا هو الأسباب الكامنة وراء هذه الرغبة الجامحة في نيل رضا الآخرين أو الاستجابة إلى تأويلاتهم التي تغير نظرتنا لأنفسنا؟
إنها باختصار مجموعة من الدوافع النفسية مجملها فيما يلي تأثير التربية القائمة على العقاب والجزاء، حب المديح وكراهية الهجاء والذم، الرغبة في حب الآخرين وتحقيق التوازن النفسي، العيش خارج حدود الذات، والذوبان في التفكير الجماعي، السعي نحو تحقيق تطلعات الآخرين بعيدا عن طموحات الذات، فالإنسان كائن اجتماعي وجميع مشاكله تنطلق من هذا المعطى وتحقيق تطلعات الغير جحيم لا يطاق.