كفانا جهلا أيها العقلاء
مصلح الخديدي :
هناك عادة من العادات الجاهلية *يندى لها الجبين . تحتاج منا وقفة تأمل ثم تفكر ثم تغيير للأفضل والأصلح .
ففي كل يوم وكل عام تزداد هذه العادة وكأننا لا زلنا في أيام الجاهلية . وما تعلمناه في مدارسنا وجامعاتنا مع الأسف الشديد ذهب أدراج الرياح . ولم يجدر بنا أن نغير بعض تلك العادات التي توارثناها عن أجدادنا رحمهم الله رحمة واسعة ونطورها للأفضل مع مايتواكب مع عصرنا . بل طورناها للأسوء حتى أصبحت تشكل عبء علينا جميعا . بل أصبحت بعيدة تماما كل البعد عن ما أمرنا به قدوتنا ونبينا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم . ألا وهي ( مراسيم العزاء ) .
فما أن نسمع بموت أحد إلا وقد توافد أفراد القبيلة من كل حدب وصوب لمقر العزاء لمواساة أهل الميت وللقيام بواجب العزاء . وهذا الأمر في بدايته أمر محمود وطيب . بل واجب يحتمه علينا الشرع والعرف . ولكن الطامة الكبرى في ما يتبعه من تصرفات جاهليه قد سار عليها أجدادنا رحمهم الله تعالى . أيام جهلهم بتعاليم الدين وماجاء عن المصطفى . فقد نلتمس لهم العذر لجهلهم . فما نفعله ونقوم به الآن رغم إنتشار العلم ولله الحمد والمنه . إلا إننا مع الأسف الشديد لازلنا في جهل يزداد يوما بعد يوم وعام بعد عام . معتقدين أننا نتطور ولكنه العكس . حيث نجتمع ونمكث عند أهل الميت ثلاثة أيام متواصلة وقد نتجاوز الاسبوع . نأتي بالولائم ونجتمع عليها طوال هذه المده .. الافطار - والغداء - والعشاء . نأكل ونشرب ونضحك ونمزح . وقد نتطرق في حديثنا لامور الحياة اليوميه ونخرج عن المسار . وكأنها أيام أفراح وليالي ملاح . نتدافع ونتزاحم في مقر العزاء بدلا من أن نعزي ونذهب لنترك المجال لغيرنا حتى يقوم بواجب العزاء . فلا ندع مجالا أو مكانا لكثرة تواجدنا الدائم الغير مبرر له أبدا . فقد يحضر البعض من المعزين وكأنه في دوامة قد لايعرف من هم أهل الميت ومن هم المعزين .
فالواجب علينا جميعا أن نتبع سنة نبينا محمد صل الله عليه وسلم ونقتدي به فهوا قدوتنا وليست العادات الجاهلية قدوة لنا . فقط نأخذ منها ماهوا أصلح وأنفع .
حيث نبعث لأهل الميت آى اسرته وأقربائه الخاصين فقط طعاما ونترك واحد أو اثنين يقومون على خدمتهم وإستقبال المعزين ونبتعد عن هذا التجمع .
فان النبي الكريم عندما أتاه خبر وفاة جعفر بن أبي طالب أمر أن يبعثوا لأهله طعاما لأنه قد أتاهم مايشغلهم . ولم يحث أو يأمر بالتجمع وإشغالهم بغير ماهم فيه من مصيبة .
فقد تطور بنا الحال أيضا حتى أخرجنا أهل الميت من دارهم وأقمنا العزاء في الاستراحات حتى يستمر ذلك التجمع الجاهلي الأشبه بالافراح . وقد يصل بنا المطاف لاستئجار قاعات الأفراح . عندها تكمن قمة الجهل في عصر العلم . ونصل لمربط الفرس حيث لانعد نفرق بين العزاء والافراح . وكذلك أتينا بما نشغلهم ونشغل أنفسنا به . بما يسمى بالجدول الدوري الذي يعده أهل الميت لتنسيق سراء العزائم . تحت مسمى الوجوب القبلية .. لتبدا رحلة المعاناه ليتنقلون من دار إلى دار ومن إستراحة لاخرى وكأننا فرحين ومستأنسين لموت أحدنا .. ولو سؤلنا عنها لقلنا إنها صدقة وصلة واجبة علينا .
فاذا كانت كذلك كما نزعم . فلماذا لانبحث عن اللأفضل لنكسب الصلة والأجر والمثوبه والفائدة التي تعود على الميت و أهله وتخفف من وطأة ماحدث لهم .
حيث نعطي أهل الميت قيمة التكلفة التي قد نهدرها خلال تلك الأيام بغير وجه حق . لينتفعوا بها في أمور حياتهم أو يقضون بها دينا كان على عاتق المتوفي لم يقضى بعد . ونكسب الأجر للميت باذن الله تعالى والمساعدة للحي . بدلا من أن نجتمع عليها ونشاركهم فيها بالاكل والشرب .. فهنا قد حققنا المعنى الحقيقي للصلة والصدقة الواجبة علينا . ونبتعد عن هذه العادة الجاهلية التي قد تدخلنا في باب الرياء والنفاق والعياذ بالله . والاسراف والتبذير . وحتى لانصل يوما ما لانفرق بين العزاء والفرح .
- فهل سنستمر في *هذا الجهل أيه العقلاء ؟