الصيدلية
بتصرف من كتاب "تجربتي مع الزوجة الثانية" للمستشار الأسري عبدالله بن عبدالرحمن العيادة والصيدلية أحد عناوين فهرس الكتاب
٢٩- ٧- ١٤٤٤هـ
عند إشارة المرور، يرن هاتفي الجوال،وإذا بها زوجتي الثانية تذكرني بموعدها عند الكوافير.
فقدت بعض صوابي،وانشل تفكيري،كأني ورقة في عاصفة هوجاء،لا أدري أين ستلقيني، ينظر الناس لي وأنا في سيارتي باستغراب،ولا أدري لماذا؟ فلما التفت لنفسي وإذا بي أرى شيئاً لم يخطر لـي علـى بال.
أقود سيارتي وليس عليّ إلا (الفانيلة) الداخلية وسروال قصير فقط ؟! كيف وصلت إلى هذه الحالة؟ لا أدري.
البداية ذهبت لبيت زوجتي الأولى، وهناك كانت بوادر نشوب معركة،والسبب أني نسيت إحضار بعض الأغراض المهمة في نظر زوجتي المصون، كلمة منها وكلمة مني - وأنا أصلاً جاهز للاشتعال والسبب المخفي ضغوط العمل.
علت الأصوات هنا وهناك وارتج المنزل،وأفرزت شعوراً داخلياً، في الأصل، شعور جاهز عند أي حادث تصادم للاشتعال،فصدحت بكلماتي ذات الصـدى المدوي،فردت قائلة أصلاً :أنت الشي اللي لنا تنساه، واللي لغيرنا يجي كامل مكمل هنا صبت الزيت على الجمر.
أصابتني بدوار عظیم فخرجت وركبت سيارتي،ويا للصدفة كان مفتاح السيارة في مكان التشغيل،أدرت المفتاح واشتغلت السيارة، ومضيت لا أدري إلى أين، وعند إشارة المرور،يرن هاتفي الجوال واذا بها زوجتي الثانية تذكرني بموعدها عند الكوافير،وتطلب مني أن آتي إليها الآن، فقلت: الآن ما أقدر، وقبل أن أكمل الجملة كأنهن قد تجهزن للمعركة.
أصلاً انت ما تحبني،ولا تبيني، وأنت طول وقتك معها،لكن اشبع منها،ثم أغلقت السماعة.
انتبهت على اصوات منبهات السيارات التي خلفي،الإشارة تفتح وتغلق وأنا لست هنا.
طرق أحد الاشخاص على زجاج السيارة، فرفعت رأسي ولا أدري أين أنا،وقد أصابهم الذهول من وضعي كأني نائم ولست بنائم،وفقط بالملابس الداخلية.
أنزلت الزجاج لأرد عليه، فاقترب مني عرفت أنه يريد أن يشم رائحتي عندها تبسمت له وأنا أقول:لـو تـدري مـا أنـا فيه لعذرتني.
رجعت لبيتي الأول،ودخلت أمشي ببطء، وأخذت ملابسي التي كانت معلقة في الصالة وهربت كقط اصطاد حمامة، وانطلقت أسابق الريح إلى بيت صديق قديم قد سبقني للتعدد،وعرفت أنه يعيش بينهن كملك متوج،لأطلب منه الوصفة السحرية.طرقت بابه بدون موعد،لأن جذور الصداقة بيننا تسمح بتجاوز البرتوكول الذي ضربه الناس على أنفسهم؛لا تأتي إلا بموعد مسبق.
فتح الباب أحد أبنائه الصغار، لم أره من قبل،يظهر أنه من الجيل الجديد،سألته الوالد موجود فقال:نعم هو موجود.
استغربت لطلاقة لسانه، ولكنته،كأنه من غير البيئة التي نعيشها،هنا بدأ التحليل المتطفل والفضولي،كعادتنا، نجري مسحاً جيوغرافيا واستطلاعياً،وقد سمحت لنفسي بذلك بحكم العلاقة الوطيدة بيننا،وأنا سأسأله مباشرة عن هذا الغلام الفطن.
خرج صديقي،وعانقني بحرارة،وهو يقول:يظهر أنك قد اكتويت من الجمرتين !
تعجبت كيف وردت هذه الخاطرة في ذهنه؟قلت:لهذا أتيت إليك مسرعاً لأطفئ لهيبهما... بدأت الحديث وأنا بحالتي المزرية؛فوصفت له الأحوال الجوية الملبدة بالغيوم،وأن الطقس منذر برعد وبرق،لذلك هربت وأتيت إليك بدون سابق موعد..فرد وهو يبتسم:وهل يوجد معدد مرتاح اوغير معدد مرتاح؟ قلت:نعم،أنت..ولهذا أتيتك.
حدثني عن طريقتك،وما هي الوصفة السحرية التي استطعت أن تروض المهرات التي عندك؟
بعدما أحضر القهوة قال (روق) وبعدين أذكر لك الوصفة السحرية،لكن ليس هنا رغم انس المكان والورد المحيط به.
خرجنا بالسيارة صوب حديقة خارج البلد تم إنشاؤها حديثاً، ليستمتع بها الناس بعيداً عن صخب المدينة وزحامها، جلسنا علـى العشب الجميل، ورائحة الورد على جنباته، عبيرهـا يطرد سأم الأعصاب ويريح،فقال:منحتهن كامل مسؤولياتي التي حددها الشرع،وهي العدل ما استطعت لذلك سبيلاً.
وهذه (النية) الإيجابية ساعدتني كثيراً،فقد حققت لكل واحدة ما تريد حسب شروطها أول الأمر،ثم وضعت كل واحدة في بيت مستقل، وأشعرت كل واحدة أنه ليس معي غيرها إذا كنت عندها،
وأني مسافر إذا ذهبت لضرتها،ومن أول اللحظات كنت صارماً في منع الحديث مهما يكن - إلا بخير - عن البيت الآخر، ولا أدع لهن الفرصة في هذا،وبقدر ما استطعت منحتهن الحب بالعدل،وأخفيت مشاعري، فأشعرت كل واحدة أنها محبوبتي.
من خلال ما تجده مني إذا كنت عندها،أما النفقة فلها سالفة لوحدها،هناك مصروفان لكل واحدة مصروف شخصي، ومصرف بيتها.
قال صاحبي:يقول العوام العود من أول ركزة،وأنت أتيت بعدما تحطمت عظامك من الهم والغم،ولكن لن نخسر شيئاً، ومن يدري قد يستفيد من كلامنا هذا جيل لم يأت بعد.
أول ما قررت أن أسجل في عالم التعدد،أخذت على نفسي أن أطبق من أولها، وقسمت وقتي إلى ثلاثة أقسام قسم لكل واحدة،وقسم للأولاد ومتابعاتهم، وقسم خاص لي زياراتي رحلاتي... إلخ.
وأما السفر فلي معه قصصاً أْخر فالحمد الله أعيش بينهن بسعادة تامة،ولا يخلو الجو من بعض الغيوم في بعض الأوقات، كعادة المطر،وهو يعتبر بالنسبة لي ملح الحياة.
ولو رجعنا لأصل الفكرة،أنا لم أعدد إلا تحت ضغط الاحتياج وهذا الاحتياج يقدر بقدره؛ كلّ بحسبه، ووفرت كل ما يحتاجه هذا الأمر،وهي الفقرات الثلاثة التي ذكرها خبراء التعدد الأوائل(صبر ومهر وظهر).هذا باختصار يا صاحبي أسلوبي وسط الزهرات الأربع.
فعــدت مــن عـنـده و أنا لا أدري..هل سأستطيع ترويض تلك المهرتين من جديد وهل ستكرر الأجيال التعدد في زمن تتلاطمه المتغيرات؟؟