المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 6 مايو 2024
أ.د. منى كامل تركي
أ.د. منى كامل تركي

عن أ.د. منى كامل تركي

أستاذ القانون الدولي العام -نائب مدير مجلة القانون والاعمال الدولية مختبر البحث قانون الاعمال جامعة الحسن الاول ومحكم دولي

عولمة الجريمة بين العنف وانتهاك حقوق الإنسان

عادة يأتي الاعتداء على الحقوق والممتلكات في عالم الجريمة التقليدي من أفراد على هامش المجتمع، أو عصابات معزولة، أما اليوم فإن فقد يمثل الإجرام التهديد الأكبر لاستتباب أمن المجتمعات والأمم والتحدي الأبرز لتشريعاتها ومؤسساتها،

فالعنف العام الداخلي الذي نعاني منه هو وليد تراكم طويل وليس وليد يوم وليلة، ومعنى ذلك أن تخفيفه يستلزم فهم تاريخ الوضع السياسي والتاريخي للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية .
ففي الوقت الذي تدفع الاختراعات التكنولوجية المربكة إلى جانب التحديات الاجتماعية والسياسية، العالم وتشكله يواجه الإدراك البشري صعوبات كبيرة في مواكبة هذه التطورات الجذرية وقد أصبح العنف سيداً للأحكام التي تقوم بها الذهنية العربية فإذا كانت الهيمنة أسلوباً للتعامل بين البشر، فإن العنف أو التهديد به أصبح سيد الموقف.

وقد بات تنامي الجريمة يشغل بال المجتمع الدولي نظراً لتعدد صورها وأنماطها وكذلك درجة خطورتها، إذ بدأت تفرض نفسها على كافة المعاملات والسلوكيات الإنسانية ففي ظل متغيرات العولمة أصبحنا جزءا من المنظومة الكلية للمجتمع الدولي بالنظر إلى الانفتاح على العالم الخارجي، والاختلاط بالأجانب، والتواصل الاجتماعي بين الشعوب.

وأصبح اللجوء إلى العنف أو التهديد به لفض المشاكل البسيطة والمعقدة أمر محتوم يبرز في كثير من تفاعلاتنا اليومية مثل التهديد بالضرب والقتل والاغتيال والتهجير والتدمير وهي تصرفات وأفعال أصبحت تصدر يصدر بشكل تلقائي عفوي لا شعوري فأصبح العنف أسلوب للتعامل وجزء من شخصيتنا الاجتماعية والنفسية حتى أننا نفهم الحب المقدس، وممارسة العشق والوصال، نفهمه فتحاً وخزقاً وقرطاً وحرثاً، واللجوء إلى الهيمنة والعنف أو التهديد بهما أصبح أسلوب شامل وعام ومن هذا المنطلق، ينشأ العنف من عدم القدرة على إيجاد أرضية مشتركة عند التفاوض بشأن العلاقات الشخصية في المجتمعات أو العلاقات الدولية بين الدول.

وقد جرم المشرعين في معظم الدول العربية مظاهر الإساءة للشخص بشكل عام دون أن يحدد نوع الشخص إمرأة أو رجل، أو فتى أو فتاة أو طفلاً أو جنيناً في بطن أمه وبالإضافة إلى العقوبات التي حددها المشرع فالدولة أقامت مراكز الدعم الاجتماعي لحماية ضحايا العنف ضد النساء الواقع عليهن من الأب أو الزوج أو الأخ، والمتنوع بين الكدم والضرب ومحاولة القتل، والعنف المعنوي والمتمثل بالعنف اللفظي والنفسي والترويع والخطف والطرد وغيرها، إضافة إلى الاستغلال المادي مثل أخذ المال، لمساعدة الضحايا اجتماعياً وقانونياً ونفسياً ليتمكنوا من العودة إلى حياتهن الطبيعية، والاندماج في المجتمع وتجاوز الأزمة التي سببها الزوج، أو أحد أفراد الأسرة.
وقد ناضلت الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان منذ سنوات عديدة من أجل الاعتراف الكامل بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية في النظام القضائي الدولي وكذلك في البعثات الدولية للتحقيق في انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مثل الحق في السكن والحق في العمل وتوصيات الاعتراف بتلك الحقوق وإعمالها كما ناضلت الهيئات الدولية من أجل تعزيز الالتزامات القضائية للدول والشركات في مجال حقوق الإنسان ومن أجل الاعتراف بحق الضحايا في الحصول على تعويضات.

إلا أن عالم الجريمة المنظمة اليوم حقق تطور مذهل على مستوى الانتشار والتأثير كما أصبح له وزن مالي هائل جعل أنشطتها ضمن طليعة قطاعات الاقتصاد العالمي الأكثر مردودية ومتاجرة مافيا الهجرة السرية بأحلام العاطلين، وتلاعب جماعات الإرهاب العابر للأوطان بعواطف الشباب المتمرد إذ أن أغلب الحالات تستغل النخب الإجرامية بمقتضاه بؤس وخصاصة وهامشية عالم الجريمة الصغيرة وتقوم بتوظيفه لتعظيم أرباحها فالعولمة تمثل بيئة ملائمة لنمو الإجرام وتسهل من زيادة النشاط في ظل التكتل الإجرامي في شكل تنظيمات إجرامية تتعاون فيما بينها بدءً بالجريمة وانتهاء بالغسيل والاستثمار.

ففي الفترة الأخيرة تزايدت ظاهرة الإجرام مما استوجب دراسة أخطارها وأسبابها ومدى ارتباطها بالمتغيرات المتسارعة والماثلة أمامنا والتي نعيشها عبر وسائل الاتصال والتواصل ذات التقنية العالية، وبالتالي علينا تسليط الضوء على العنف وتأثير العولمة فيها أو بمعنى أخر التعرف على أسباب تزايد العنف وعلاقتها بالمتغيرات التي حدثت في العالم في ظل العولمة وتداعيات ذلك من خلال إعطاء صور لبعض الجرائم التي تحمل كل مظاهر العولمة.
 0  0  13.5K