المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 29 مارس 2024
د.ابراهيم عباس نــَـتــّو
د.ابراهيم عباس نــَـتــّو

عن د.ابراهيم عباس نــَـتــّو

عميدسابق بجامعة البترول.

مِن ماضي #الرياض و ما حولها

ذكريات من رواية سبعينيٌ عاش قبل اكثر من نصف قرن في الرياض. (و هو سرد زوّدني بأصله الزميل د.احمد العويس، الاستاذ بقسم الكيمياء، جامعةالملك سعود.. و تفضل فأعانني في ترجمة عدد من مفردات تلك الذكريات.)*

هي ذكريات من ماضي مدينة الرياض.. عايشت بعضها خلال حوالي 1000 يوم من معيشتي فيها و عملي مسؤولاً عن البحوث و الإحصاءات العامة و التوثيق التربوي في وزارة التعليم/ 'المعارف'، و ذلك بعد تخرجي بالدكتوراه في الادارة التربوية من جامعة تكساس، امريكا، فكنت في الرياض بدءاً بخريف 1973م الى نهاية ربيع 1976م.

و كنت خلال تلك الفترة قد عاصرت بعضاً من ذكريات هذا السرد. (أمّا د.العويس فقد عاش -بدَوره- جزءاً من بدايات نشأته.. في حارة العتيبية بمكة المكرمة.)

*عن الرياض، قال الراوي.. (قبل إعمال 'رتوشاتي' خلال إعادة-تحريرها):-*
كانت الدرعية بعيدة عن الرياض؛ و الرحلات كانت الى هيت و مشتل-و-عيون الخرج و الأفلاج و الساقي.. و في أيام المطر، كانت الكشتات (=خَرجات البر) الى صلبوخ و شعيب حريملاء و الحيسية و بعض مناطق/مزارع وادي حنيفة من جهة الدرعية.
و عند كيلو 6 على طريق الحجاز، كانت قهاوي لليمنيين و فيها المعرَّق و الشيشة و برّاد الشاهي أبو اربعة.. (اشلرةً الى برّاد الشاي بستة اربعة فناجيل مسكوڤي/'بيالات' بالبدوية.

كان سوق الخضار و اللحوم الرئيسي بالمُقيبرة/المِدزيبرة التي تبسّطت في 'المزيبرة' بمنطقة الديرة). و بيع السمك المقلي و الكبدة كان في 'حِلة(=حارة) العبيد،' في شرق الرياض..بعد مجرى البطحاء. و مكتبة الجريسي (..غير الجريسي المعروف حالياً)، كانت في آخر شارع القرى؛ و كانت مركزاً لتوزيع و بيع الجرائد. و مدرسة معاوية بن أبي سفيان كانت بجنب 'عمارة الباخرة'؛ و كانت تقام فيها الزواجات في فصل الصيف للذين يعرفون "واسطة"!!
و مطعم الصومالي للمكرونة و حراج الرَّوَادو (=جمع رادو/راديو) في دكاكين في نهاية مسجد الجامع الكبير من جهة الشرق من ساحة الصفاة التي كان فيها قصر الحُكم.

كان سوق السدرة خلف قصر الحكم من الجنوب، و دكاكين بلشرف و الحضارم الذين يبيعون الحلويات و المكسرات و الحب و القريض (=حبوب الحُمّص اليابس التي تحتاج في اكلها الى القرض)؛ و البسكويتات و الملابس.. مقابلة لقصر الحكم من جهة الجنوب. و كنا نتمشى هناك و نتفرج و نتمنى لو حبةحلاوة واحدة

كان الراديو (جهاز المذياع) الشائع، من توشيبا و فِليبس و ناشيونال. و كانت التكاسي تركّب جهاز الـ(بَكَمْ..Pickup، جهاز تشغيل الكاسيت).. فتشغل أغاني حجاب و خلف العتيبي و عبدالله فضالة و سلامة وغيرهم من المطربين القدامى بأعلى صوت. [واللي ما معه (بكم) ماله سوق]!! (كان أصحاب التكاسي كلهم من المواطنين؛ و كانت السيارات الموجودة هي الڤُلڤو (Volvo) و الفولكا؛ و سيارات الشفر(Chevrolet) مشهورة في التكاسي.)

كان الرز المشهور و المستخدم بكثرة: أبوسيوف و أبو بنت الأمريكي؛ وما كنا نعرف رز المزة الهندي. و كان كيلو لحم الجمل بريالين و لحم الغنم بثلاثة ريالات.. و كانوا يلفّونها في أوراق أكياس الإسمنت.

و كان في الاسواق ما يسمى بالوزنة (لعلها تعادل 'الأقة' بمكة)، و هي المعروفة بذلك الوقت، ثم جاء بعدها الكيلو/ Kilogram.

أما الدواجن فما كانت معروفة؛ ثم بدأ الدجاج الفرنسي المجمد و آخذ في الإنتشار متاخراً في أواخر الثمانينيات و أوائل التسعينات الهجرية تقريبا. و كان الحطب و الفحم و القاز هو الوقود السائد في ذلك الوقت.

و كانت وسائل النقل على عربانات الكارّو Carro التي تجرّها الحمير الحساوية في ذلك الوقت في أواخر السبعينات و أوائل الثمانينات الهجرية.

و كان سعر الأرض في ذلك الوقت في الجرادية أو الحبونية أو عتيقة براتب شهر لموظف متوسط.. و لا يوجد مكيفات إلا مكيفات صحراويةً قليلة و نادرة و عند علية القوم غالبا. و لا يُعرف مكيف الفريون. و المتطورون عندهم مروحة و لمبة و ثلاجة.. 'عدا الأمراء و التجار، فلديهم مكيفات تمشية-حال.'

و كانت المساجد مليانة بالمهاف (المراوح) المصنوعة من الخوص. و كان فرش المساجد عبارة عن مِداد (جمع مَدّة.. تُمد على طول الصف) و تصنع من عذوق النخل؛ و الحصير من الخوص؛ و لا نعرف غيرها إلا بعض البُسُط/الكنابل (=الحنابل).

و كنا نرى الأمراء و الوزراء في سياراتهم العادية بلا حراسة نهائياً. و كانت للملك سعود و للملك فيصل دَكّات و مجالس خارج الرياض يتبردان فيها من آخر العصر إلى صلاة العشاء في كيلو ستة و المعيزيلة و شمال الرياض القريب. و كان الناس يقتربون منهم بشكل عادي جداً، و لا يوجد لهم حرس سوى بعض الخويا/المرافقين.

و كان الناس ينامون في السطوح لعدم وجود المكيفات، و كانوا يرشونها بعد العصر بالماء لكي تبرد. و كان الناس ينامون بدري ما بين الساعة الثالثة و الرابعة بعد صلاة العِشاء بالتوقيت الغروبي (يعني كحد أقصى الساعة العاشرة بالتوقيت الزوالي في الوقت الحاضر)

و كانوا يضعون ماء الشرب في القِرَبْ للتبريد و (الزير)؛ و كانت المساجد مليئةً منها و من المَطَّارات (=زمزميات من قماش القِلع) السفرية المعروفة في ذلك الوقت. و الجح (الحبحب) والجراوة (الخربز/الشمّام) يحطونها تحت الزير أو القربة، و يغطونها بخيشة و يرشونها بالماء، و ينقط عليها ماء الزير أو القربة حتى يضربها الهواء مباشرة فتبرد بنقط الماء.
و يوضع باقي الخضرة غالبا تحت هذه الأخياش المرشوشة بالماء لتبرد؛ . وغالباً ما يضعونها في مكج (=تيّار) الهواء لأنه ما كان هناك ثلاجات عند أغلب و عامة الناس. و لكن، فعلاً كانت أفكارهم رائعة حسب الإمكانات و الحاجة في ذلك الوقت، فالحاجة أم الاختراع. و كان بعض الناس يطبخون على الكولة (=نوع من الطباخة تحمل قدراً ليس صغيرا)..وكذلك الدافور. [و هذا بعد التقدم، و إلا فالحطب و الفحم كان سيد الموقف.]

كانت بعض المطاعم الراقية في شارع الوزير. و كانت أشهر مكتبة تجارية مكتبة الخزندار في شارع الوزير أيضا. تصور إشترينا (أطلس) بعشرة ريالات كنا نظن أن هذا السعر جنوني. و كانت أشهر معالم شارع الشميسي عمارة بن سيار.

وكانت النساء يبسطن بسطاتهن أمام صيدلية مستشفى الشميسي لبيع الزجاجات الفارغة لكي يشتريها المرضى و يوضع فيها الدواء.. و كانوا يأتون بها من الزبائل بعد غسلها بالماء.

و كان الكناسون عُمانية يشيلون الزبائل على الحمير الحساوية؛ و كان البيت اللي ما فيه قِدر أبو-ذبيحة ما له هيبة؛ و كانت المرأة هي التي تطبخ؛ (الأمهات و البنات) هن من يطبخن و يقرصن القرصان؛ و يساعدهن بعض النساء السعوديات كخادمات معروفات عند بعض الأسر فقط.

و كان العبيد يباعون و يُشترون في ذلك الوقت. و التلفون كان (أبو هَندل) و هو عند بعض الناس القلة و خصوصا المشايخ و القضاة و الأثرياء. و كانت الإذاعة الرئيسة في الرياض إذاعة طامي. و الرحلات كانت تتم بإستئجار سيارة غالبا منها المُقفّص و اللواري (جمع Lory).

كان طلب التاكسي بريالين إلى أي موقع في الرياض؛ و الراكب الواحد بربع و نصف ريال.. بحسب القرب و البعد، (كانت الرياض صغيرة جداً)
أما الرحلات الجوية إلى جدة و تبوك و الدمام، فكانت على طائرات الداكوتا و الكونڤير صوت 'ماطورها' يرَنّع (=يصرصع) في الاذن؛ و لها مراوح.

و لو أردت ان تستحدث مزرعة ما قال لك "إبن.أُمّه" (=كائناً من كان) شيء؛ بل قال: "خط اللي تبيه (=تبغاه) برجلك."!
و كان الذِّراع هو المعروف (في قياس الأبعاد)، و كانت البيوت من الطين؛ و السقف المرابيع غالباً و الخشب؛ و كان المتحكم في تخطيط الأراضي في ذلك الوقت سوريون و فلسطينيون و أردنيون.

و التمر كان يباع في خصف أكياس مسفوفة من الخوص تسمى القُلة.. و كان الجح (=الحبحب) يباع بالكوم.. و حتى الديناميت كان يباع في المباسط عادي.

كانت الضّبان تزحف بالآلاف على طريق الشرقية و بعد المعيزيلة. و كانت مشروبات غازية كثيرة (كندا دراي)، (كرش Crush)، (مِشن) و (بيبسي)؛ و كان سعر القارورة ربع ريال؛ و لا تُعرف المياه المعبأة.

و كانت مياه الشبكة (المجاري) تُخفف بالاسفنيك و كانت له ريحة و يتبدل لون الاسفنيك ظاهراً بالماء. و كان مشروع بن عمّار لبناء فلل في حي الشفاء تغييراً مهماً في نظام البناء في الرياض. و كان مسبح الحكير و مسابح شارع عسير متنفساً و ملتقى للشباب؛

و لم يكن إلا موقع واحد لسيارات النجدة/جزء من الشرطة، في الرياض، فيه سيارات جنب بوابة الثميري على شارع الوزير.

و كان المجتمع هادئاً، بلا مشاكل و لا تعقيدات.
ذكريات من حياة بسيطة جداً
 0  0  9.9K