المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الثلاثاء 23 أبريل 2024
د.ابراهيم عباس نــَـتــّو
د.ابراهيم عباس نــَـتــّو

عن د.ابراهيم عباس نــَـتــّو

عميدسابق بجامعة البترول.

پروپَگندا الهِياط Propaganda

پروپَگندا، لفظة و فكرة اصلها الدعاية و الإعلام المُغرِض و غالباً المُضلِّل و المُشوِّه؛ و لقد انتشرت و غزت العالم في ارجائه، بما في ذلك الوطن العربي و الأمة الإسلامية. و الپروپَگندا وسيلة تنقل عناصر و مواد الصراعات الكلامية و الحروب الدامية على حد سواء.
و صارت لفطة 'پروپَگندا' معروفة مألوفة حتى عند العموم عندنا، و لو بنطق بلدي بُربَگَندَه Burbuganda؛ و صارت Propaganda هكذا كلمةً و مصطلحاً قائماً بذاته، رغم ان الأصل من فِعل propagate: نشرَ، عمّمَ؛ و الإسم propagation.

و تشتمل (الپروپَگندا) على انواع الدعاية و مختلف وسائل الاعلام الذي يغلبُ عليها النوع المضلل و الكاذب، و المحشو بمختلف المعلومات المشوَّهة و بأصناف الإشاعات. فتتميز (الپروپَگَندا) بنشر المعلومات المضلِّلة و ذات الطبيعة المنحازة، ساعية في ذلك الى ترويج سياسة او اديولوجية معينة او وجهة نظر محددة. و ذلك في ايام السلم و الحرب عل. حد سواء. و كما ان الحروب يتم غرسها بألفاظ، و أنّ الحربَ أوّلها كلامُ، فإن من ضحاياها الحقيقة و الابرياء الأنام!

و هذا يذكرنا بكتاب المؤلف المميَّز جورج أوروِل George Orwell الشهير: (1984)، حيث استعمل -في ريادة و إبداع- الفاظاً مثل: Newspeak؛ Disinformation؛ Indoctrination؛ Big Lie Techniques؛ و (الأخ الأكبر/Big Brother.. حين يشير الى السلطات التي تسهر بعيون محدّقة تلاحقك حيث تكون أو لا تكون! وهذا الكاتب الشهير جورج أورويل (اسمه الحقيقي: إرِك آرثر بلير)، تميّز في كتب عشرة بالنباهة و الصراحة و عمق الذكاء.. مع الوافر من روح الدعابة و خفة الظل! فروايته 1984..مثل معظم غيرها تنظر الى الحياة نظرة دِستوپية Dystopic قاتمة، بعكس النظرة الأوطوپية Utopic العامرة بالإيجابية، المغموسة بالأمل و المفعمة بجميل الخيال. هذه الرواية تُعدّ من اشهر الروايات في القرن العشرين، نشرت في صيف 1949م بعد بدء كتابتها في 1944م قُبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية، و حيث تنبأ الكاتب فيها عن توقع انتشار الاستبداد الذي فعلاً تفشى خلال فترة تخيله و عمّا سيحدث خلال نصف قرن.. من سيادة جبروت الاستبداد و الطغيان في أكثر من مكان!

و في مجال پروپَگَندا الحروب، و خاصة خلال الحرب العالمية الثانية، كان اشهر من اشتهر: جوزِف پول گوبلِز Joseph P. Goebbels (تم اعدامه في 1945م)، و كان عضد الزعيم النازي أدولف هتلر.. و ساعِده الأيمن بنشر الدعاية و المعلومات الهادفة الى خدمة النظام، و العاملة على ارساء و تثبيت قواعده و شد قوامه في أنحاء البلاد و في ارجاء العالم. كما و ساهم هذا و ذاك في تخلَق عبارة (غسيل المخ) Brain Washing، و خاصة في استخدام عبارة گوبلز المشهورة عن اهمية اسلوب التكرار و التكرار، ثم التكرار.. حتى تتثبت الكلمة او الفكرة في اسماع و اذهان السواد الأعظم من الناس!!

كما و لقد شمل تاريخ الاعلام و الدعاية ما كان في مجال الدعوة و التبليغ و التبشير، فكان التأسيس في عهد البابا گريگوري الخامس.عشر: Gregory XV، حين قام في 1622م بتكوين لجنة عليا من عدد من كرادلة الكنيسة الكاثوليكية بروما ليكونوا مسؤولين عن إيفاد البعوث الخارجية للإعلام و الإرشاد للدعوة و ترسيخ العقيدة و التبشير.

و يبقى التعريف الاصلي للفظة و فكرة (پروپگندا) Propaganda، لتعني في الأساس: بث المعلومات، و نشر 'الحقائق'، و التعاريف، و التفسيرات و الإشاعات، بل و أنصاف الأكاذيب و التعبير الازدواجي و المزدوج؛ ثم الأكاذيب الخالصة، و كل ذلك في خِضَّم موجات المعلومات المُغرضة -و المفروضة- بين الناس، و ذلك بهدف تشكيل و تكوين الرأي العام بوسائل تخدير الوعي و رقابة الفكر و تجميد التفكير.. و تحنيط الضمير، (مع) استجلاب و تشجيع 'الولاء' و 'الطاعة العمياء'، و مع تنامي ما صرنا نسمع به و نسميه و نتداوله في الفضاء العام و الخاص من ('هِياط') حتى أضحت لفظةً جامعةً صارت توجز مزيج النفاق مع المزيد من پروپگندا 'الولاء'، و 'الذباب الإلكتروني'، بمعنى تغييب الوعي و محو الحاجة حتى إلى التفكير.
 0  0  13.2K