المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024
أ.د. منى كامل تركي
أ.د. منى كامل تركي

عن أ.د. منى كامل تركي

أستاذ القانون الدولي العام -نائب مدير مجلة القانون والاعمال الدولية مختبر البحث قانون الاعمال جامعة الحسن الاول ومحكم دولي

سياسة جزائية ناجحة لمكافحة جرائم المخدرات

في تطبيق قرار فصل الموظف المتعاطى للمواد المخدرة
جرائم المخدرات أحد أهم الجرائم الأكثر انتشارا في المجتمع الدولي سواء المجتمع الغربي بصفة عامة أو في الوطن العربي ودول الخليج ودول شرق أسيا والشرق الأوسط، فهي أشد الجرائم تهديدا للأمن الصحي والاقتصادي والثقافي لكافة المجتمعات لإنتشارها السريع وخطورتها التي لم تستثنى في ذلك أي دولة بين مجتمع غني أو فقير أو متحضر، متطور، أو مجتمع قروي، أو متدين وازدادت جرائم المخدرات على مستوى العالم في عصر العولمة واتخذت طابع الجريمة العالمية أو الجريمة المنظمة وأصبحت جرائم المخدرات بجميع أشكالها من الإتجار والإدمان والترويج محل اهتمام مختلف الهيئات والمراكز الدولية والوطنية للمطالبة بسن القوانين والتشريعات لتشديد العقاب في حق كل من سولت له نفسه مخالفتها بالزجر وتحقيق الردع ومصادرة كل عائدات الأموال لتلك الجرائم وتسليم المجرمين وغيرها
وقد اعتبر المشرع المصري المخدرات والمواد المبينة فى الجدول رقم (1) الملحق به واستثنى منها المستحضرات المبينة بالجدول رقم (2) هي الجواهر المخدرة فى تطبيق أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها وحظر على أى شخص أن يجلب أو يصدر أو ينتج أو يملك أو يحرز أو يبيع أو يشترى جواهر مخدرة أو يتبادل عليها أو ينزل عنها بأى صفة أو أن يتدخل بصفته وسيطا فى شيئ من ذلك الا فى ألأحوال المنصوص عليها فى هذا القانون وبالشروط المبينة به بالمادة (2/قانون مكافحة المخدرات واستعمالها) وعدم جواز جلب الجواهر المخدرة وتصدير ها الا بمتقضى ترخيص كتابى الجهة الادارية المختصة بالمادة (3/ قانون مكافحة المخدرات واستعمالها) وسعى المشرع إلى محاربة إدمان المخدرات عن طريق استراتيجية مزدوجة تمثلت في معاقبة تجار المخدرات بقسوة تصل إلى حد عقوبة الإعدام وتقديم فرص كافية لعلاج المدمنين لاسيما بعد ارتفاع عدد حالات الإدمان بمادتي القنب والهيروين المستخدمة في الأدوية المركبة
وقد حظيت جرائم ترويج المخدرات بأولوية العناية لدى مختلف الدول على مستوى تشريعاتها لأنها لم تعد مرتبطة بمنطقة معينة حكرا عليها، بل أصبحت تحدياً أمام العالم نظرا لسرعة الانتشار والتداول ولذلك سعت جميع الدول العربية والغربية للتصدي لجرائم المخدرات المتنوعة من الإدمان والاتجار والتهريب والتداول والاستعمال الغير مشروع من خلال وضع استراتيجية دولية فعالة للحد من تهريب المخدرات وتناولها وظهر ذلك من خلال التصديق على الاتفاقيات الدولية للمخدرات لسنة 1961، واتفاقية فيينا لسنة 1971 المتعلقة بالعقاقير والمنشطات الذهنية، ثم اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988 وتجسد التوجه العالمي في المساعي الأولية بعقد الإتفاقيات والبروتوكولات بإنشاء مكاتب خاصة بشؤون مكافحة المخدرات التابعة للأمم المتحدة وتشريع القوانين الصارمة لمكافحة المخدرات
وعلى نطاق الوطن العربي انتشر تعاطي المخدرات والإتجار بها في العديد من الأقطار العربية انتشارا مذهلا باليمن ولبنان ومصر والمغرب والجزائر مما استدعى عقد مؤتمرات و الندوات وما يتم خلالها من تبادل الخبرات و المعلومات ولو أنها تبقى في الكثير من الأحيان مجرد حبر على الورق فقد انتهج المشرعون في مختلف الدول سياسة جنائية لمكافحة جرائم المخدرات أساسها التشدد وهي سياسة قائمة على تجريم أكبر عدد من الأفعال التي تشكل جرائم مخدرات وفرض أقسى العقوبات بحق مرتكبيها، وبما أن انتهاج سياسة جنائية ناجحة لمكافحة جرائم المخدرات يفضي إلى تأمين حماية مناسبة للأفراد ولسلطات الدولة وللمجتمع ككل وصولاً إلى تحقيق الأمن المجتمعي وبكافة المستويات، لذلك ينبغي تحديد الثغرات التي تشوب تشريعات مكافحة المخدرات والتي تعيق عملية المكافحة وإيجاد أفضل السبل لسد هذه الثغرات ومعالجتها
وأن هذه المحاولات أدت إلى ظهور إشكاليات قانونية واقتصادية على صعيد القانون الجنائي الدولي والقانون الجنائي الوطني كان لابد من مواجهتها بالعمل على سن التشريعات ووضع الحلول العملية التي تضمن عدم تعارض المصالح الدولية والوطنية على حساب مكافحة جرائم المخدرات خاصة فيما يتعلق بوسائل وآليات مكافحة جرائم المخدرات وتكييفها القانوني ومدى تطبيق قواعد الاختصاص الجنائي الدولي بما يضمن ملاحقة مرتكبي هذه الجريمة والأموال الناتجة عنها في أقاليم دول أخرى وكذلك مدى إمكانية الاحتجاج على الأحكام الجزائية الصادرة من دولة في إقليم دولة أخرى في حالة تخطى الحدود الإقليمية.
فقد أصبح الخصم يلجأ إلى الاتجار بالمخدرات وتهريبها كسلاح لتحطيم القدرات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية لقطاعات هامة من أفراد الشعب يتعذر علي التشريعات الوطنية وحدها أن تتصدي لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية إذ أن الخطر المتزايد لا يداهم الدولة فقط بل يداهم المجتمع الدولي بأسره مما دفع الدول إلي توقيع الاتفاقيات الثنائية والجماعية من أجل مكافحة مشكلة المخدرات وجرائم المخدرات بأنواعها وأصبحت مكافحة جرائم المخدرات ضرورة يمليها واجب المحافظة علي قيم وطاقات شعب يتطلع إلي البناء والتطور والتنمية والمحافظة علي قدرات وحيوية شبابه كونهم دعامة بناء المجتمع ومن هنا جاء مشروع القانون رقم 73 لسنة 2021 الخاص بشأن شروط شغل الوظائف أو الاستمرار وتطبيق فصل الموظف المتعاطى للمواد المخدرة والذي صدق عليه فخامة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في يونيو2021 وبموافقة مجلس النواب يوم 23 مايو 2021 .
وذلك بهدف تعزيز الجهود الحكومية والمؤسسية المبذولة لمكافحة جرائم المخدرات من خلال تعزيز العمل المؤسسي لتوعية الجمهور بالأخطار الناجمة عن تعاطي المخدرات والإدمان عليها والآثار السلبية الناجمة عن التعاطي والإتجار بالمخدرات على كافة الأصعدة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والصحية وغيرها وسعى وزارة الداخلية إلى تحقيق الرؤية المستقبلية لمصرنا الحبيبة بالوصول للريادة العالمية في كافة المجالات من خلال العمل التشاركي مع الجهات الحكومية المعنية ومؤسسات المجتمع المحلي وأفراده لتحقيق أعلى درجات الأمن ومكافحة المخدرات بشكل ريادي مستدام فإن السياسة الجنائية وسيلة من الوسائل والأنظمة التي تقرها الدولة لمكافحة الجريمة بوضع استراتيجية التشريع لمكافحة الجريمة أما بالعقاب أو بالوقاية ولحماية أرواح الأبرياء وتجنب الحوادث الناتجة عن مشكلة العمل تحت تأثير المخدرات خاصة في المرافق الحيوية التي تمس حياة المواطنين.
فأن انتهاج هذه السياسة الجزائية الناجحة لمكافحة جرائم المخدرات سوف يفضي إلى تأمين حماية مناسبة للمجتمع المصري ولسلطات الدولة ككل لأن ذلك سوف يحول دون ترك تجار المخدرات التمادي في نشاطهم الإجرامي ويشكل ردع مهم لكل من تسول له نفسه سلوك طريق الإدمان أو التهريب أو الإتجار بالمخدرات وتحدد المصلحة الاجتماعية لحماية المجتمع من جرائم المخدرات بكافة أنواعها لها أضرار اجتماعية واقتصادية وخلقية وعقلية وتعطل القوى البشرية في المجتمع المصري للمضي على الخطى المرسومة لمواصلة الإنشاء والتعمير والتنمية والرقي والتقدم والازدهار الذي نعهده بمصر دائماً خالدة عظيمة أمنة في ظل القيادة الرشيدة لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ولنتعاون جميعاً كل في موقعه وكل في مجال عمله أن نقف بجانبه ومعه ضد أي استهداف يعوق مصرنا الحبيبة في مواصلة خطاها لمكافحة جرائم المخدرات والمخططات الإرهابية.... عشتي مصرنا عظيمة دائماً
 0  0  11.2K