المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024
أنيسه الهندي
أنيسه الهندي

خاطرة لين الكلام حتى في الخصام

الخلاف البشري –لا الاختلاف – طبيعة إنسانية تنبع من تعدد وجهات النظر ؛ لأن لكل إنسان رؤيته الخاصة به خاصة في القضايا الحياتية اليومية ..وقليل منّا من ينظر إلى ما بعد المشكلة في ذروتها أي لا يجعل خلافه مع غيره يتناسى أن أي خلاف سينتهي و أن الغد ستعود المياه إلى مجاريها و ننسى خلافنا في أمر ما ..فالحياة تتجدد و في كل موقف سنجد الخلاف مثلما نجد التوافق .
كن لطيفا في الكلام.. كالورد يوصل المعنى بكل احترام.. قلوب الناس شغفى بالفكر و الذكاء و الافهام.. فتسلح بسمو فكرك و لين الكلام.. فكلنا على هذي الأرض بشر.. كلنا من دم ومشاعر يؤثر في قلوبنا الخصام.
وكما للنباتات ورود فللبشر أيضا ورود وهم الذين يسعون لإصلاح ذات البين بين المتخاصمين ..فطبيعتك البشرية مفطورة على المدنية
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( لا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه).
هل ستقف مكتوف الأيدي حين يحدث خلاف بين أصدقائك أو أهلك أو زملائك في العمل ؟ الرغبة في الإصلاح بين المتخاصمين دليل على نقاء الروح و صفاء النية وحسن الخلق و الفهم الصحيح لمعنى الإنسانية ..الإنسان مدني بطبعه يحب الاجتماع ولا يمكن أن يستغني عن التعامل مع إخوانه أو أصدقائه أو أهله أو زملائه في العمل ، ومن المستحيل أن يعيش منفرداً، ولهذا عليه أن يحتمل الأذى و الخصومة وأن يكف أذاه عن غيره، والمسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خيرٌ من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم.. ، فقال سبحانه: (( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ))[آل عمران:134]، فمن واجبنا أن نسعى للإصلاح بين المتخاصمين و ألا نسمح للخلاف أن يكبر ..فالخلاف بيئة خصبة لوسوسة الشيطان الذي يستحوذ على قلب الإنسان الوحيد ..ويتلاعب به و بأفكاره ..لذا لا تترك صاحبك فريسة للشيطان بل بادر لحل أي خلاف بقدر جهدك و استطاعتك ..و احتسب عملك لوجه الله تعالى .
ولأننا نحيا في حياة متداخلة متشابكة فقد تكون أنت نفسك طرفا في خلاف أو خصام مع صديق أو جار أو غيره ..فماذا تصنع ؟ و كيف ستتصرف؟ بداية اهدأ ..فكّر بمسببات الخلاف ..تصور نفسك مكان الطرف الآخر وحاول أن تفكر بطريقة تفكيره لترى الخلاف بينكما من زاوية أخرى حينها ستجد أنك أخطأت مثلما أخطأ هو ..ولو فكرنا بهذه الطريقة لذابت خلافاتنا كما يذوب الجليد حين تشرق الشمس.
تروي لنا قصص الأدب و الفقه حلافا حدث بين الشافعي و تلميذه يونس بن علي في مسألة ، فقام "يونس" غاضبًا .. وترك الدرس .. وذهب إلى بيته .. فلما أقبل الليل... سمع "يونس" صوت طرق على باب منزله ..
فقال يونس: من بالباب ..؟ قال الطارق: محمد بن إدريس فقال يونس : فتفكرت في كل من كان اسمه محمد بن إدريس إلّا الشافعي .. قال: فلما فتحت الباب، فوجئت بالإمام الشافعي ..
فقال يا يونس، تجمعنا مئات المسائل وتفرقنا مسألة .. !!!
يا يونس، لا تحاول الانتصار في كل الاختلافات .. فأحيانا "كسب القلوب" أولى من "كسب المواقف"... يا يونس، لا تهدم الجسور التي بنيتها وعبرتها .. فربما تحتاجها للعودة يوما ما. اكره "الخطأ" دائمًا... ولكن لا تكره "المُخطئ" . وأبغض "المعصية"... لكن سامح وارحم "العاصي".
يا يونس، انتقد "القول"..
لكن احترم "القائل"... فإن مهمتنا هي أن نقضي على "المرض" ..لا على "المرضى.
ما أحوجنا إلى مثل هذه القيم الراقية في التعامل مع الآخرين و إلى لين الكلام ..فلين الكلام يبدد الخصام .
بواسطة : أنيسه الهندي
 0  0  11.7K