المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 27 ديسمبر 2024
أنيسه الهندي
أنيسه الهندي

القط و الفأر ..صداقة أم عداوة بين الأقران ؟

منذ قابيل وهابيل تتقلب علاقات البشر بين صداقة وعداوة ..محبة
و بغض ..تسامح و حقد ..وفاء و خيانة ..تضحية و نكران ..وما تزال حتى يومنا تتكرر قصة الأقران بين مدّ و جذب ..فطبيعة النفس البشرية مكونة من أخلاط متعددة و مشاعر متضاربة في ذات اللحظة قد تفرح و تحزن .. قد تنسى و تتذكر .. وقد تحب و تكره ومن الحب ما قتل .
الاستقرار النفسي لنا صعب و أصعب منه الرضا..
حتى و إن رضينا عن تصرفات غيرنا و أفكارهم فلن يدوم الرضا إلى مالا نهاية هكذا نحن حتى عن أنفسنا لا نرضى فكيف سنرضى عن غيرنا ؟
ومع هذا ستجد أنفسا هادئة راكزة مطمئنة نظرت إلى السماء بفكرها و تعالت عن صغائر الأمور و نسيت الضغائن فهي ترى أن الحياة برمتها راحلة و أن لا بقاء إلا لذات الله تبارك و تعالى ..لذا تجد أصحاب تلك الأنفس في انسجام نفسي وابتسامة قناعة بما يحصل و كل همهم محاولة إنهاض الهمم و زرع التفاؤل و بث السعادة .
وبين الاضطراب النفسي و الاستقرار تجد صنفا ثالثا من البشر يتقلب بين هذا و ذاك فتجده في ساعة راضٍ مطمئن متفائل ..وفي ساعة أخرى تجده متمردا مضطربا متشائما ..وهذا ليس بغريب على من يحيا حياتنا المعاصرة في شتى بقاع الأرض :حياة متسارعة متقلبة تحمل لنا الأخبار في الدقيقة الواحدة أنباءً مفرحة و مفزعة ..أفراح و أتراح ..موت و ميلاد ..بل إن بعضنا يجد جمال الحياة في تنوعها ..فلا تستغرب ولا تحكم على غيرك بما تراه أنت ولا يراه هو ..فلكلٍّ منا زاوية للرؤية و هدفا يختلف عن غيره و أملا قد يبدو لغيره حتفا .
ولمّا كان الإنسان كائنا اجتماعيا لا يحيا إلا مع غيره و بغيره ستبدأ العلاقات بالتشابك و تجد الأقران تارة منسجمين و تارة مختلفين لا متخالفين ..و الكيّس الفطن من يلتمس لصديقه عذرا ..حتى و إن بحثت عن صديق بلا عيوب أو أخطاء فلن تجد في عصرنا.. فكما قال الشاعر بشار بن برد
أَخوكَ الَّذي إِن رِبتَهُ قالَ إِنَّما * أَرَبتُ وَإِن عاتَبتَهُ لانَ جانِبُه
إذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً * صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه
فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ * مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى * ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه؟!.

ستتعدد تجاربك في الحياة و كما تحاسب غيرك و تلومه ستجد من يُحاسبك و يلومك ..وكما ستتردد في إنهاء صداقتك بالآخر سيتردد غيرك بإنهاء صداقتك ..جدلية الحياة ستستمر بك أو بدونك ..ومن وفيت له يوما ستجده قد وفى لك أياما ..فقط وسّع زاوية رؤيتك ..و افتح لعقلك آفاقا جديدة ..اشعر بغيرك كما يشعر غيرك بك ..و ساعد كما تُحب أن يساعدوك ..ولا تجعل حياتك في كرب مستمر و صراع لا ينتهي كصراع القط و الفأر ..فالأقران بهم تحلو الحياة فهم عطرها و إن لم يروقك لك ..و هم أجمل معاني الدنيا حتى و إن رأيتهم عكس ذلك ..انظر لداخل لنفسك وأصلحها قبل أن تصلح غيرك و تأكّد بأن الحياة لا تقف عليك وحدك فأنت مجرد إنسان بين ملايين البشر ..قبلك كانت الدنيا ..و بعدك ستبقى إلى أن يرث الله الأرض و من عليها ..فطب نفسا.
بواسطة : أنيسه الهندي
 0  0  15.4K