المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024
سالم بن شامخ
سالم بن شامخ

‏عندما نطق القلم

عندما نطق القلم بمحبرته انبثقت حروفه ، تعددت ألوانه ، إختلفت لُغاته ، تنوعت خطوطه ، تزخرفت كلماته ، تشكلت حروفه ، أصبح مِدادُهُ بحراً ..

ذكرهُ ربي في خير الكتب وفي أسمى المعاني ولخير الخلق حتى جعله قسماً يُتلى
فقال تعالى : ( نُ . والقلمِ ومايسطُرُون )
العظيم ما أعظمه أقسم به الله وربنا لا يقسم إلا بعظيم ،أما يكفي أنه كتب مقادير كل شيء إلى قيام الساعة

إن أول ماخلق الله القلم ،فقال لهُ أُكتب : قال : رب وماذا أكتب ؟ قال أكتُب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ،،

‏قيل للقلم أكتب في السماء وقيل للنبي محمد إقرأ في الأرض .. فربط في روعته بين السماء والأرض ،، فسماءٌ وأرض ، وبهِ كان الوصل ..

كتب فأفرح وكتب فأحيا وكتب فأنطق وكتب فقتل وكتب فأبكى وكتب فشهِد وأشهـد ، وكتب ففضح وأفصح فبه ‏تُكتبُ القرارات ، وتصدرُ الفرمانات ، وتوقع الهِبات، و تُصدرُ الأوراق المالية ( الشيكات )..بخبرِهِ يهتزُ إقتصاد وبخبرِهِ تُجنى الثروات ،
بالقلم تُكتبُ الحقائق والأخبار و تتباهى الصُحُف ، من كُتابها من يُشترى لقُوةِ قلمه ، فهو يرعِدُ ويزبِد فهنيئاً لمن كان سلاحه القلم وتجند دفاعاً عنِ الدينِ والوطن ...

سيظل القلم عظيماً وسيبقى إحتياجنا لهُ باقياً ..
‏لم ولن تغنِ عن كتابته الآلات الحديثة بأنواعها وتطور تقنياتهـا ..
فالورقة بلا قيمة من دون حبره ، ‏والطابعة لاغنى لها عن كتابته ، هي تكتب بقلم داخلها ، ‏ونحن نكتب بقلم بين أصابعنا ..

يقال مانسيهُ العقل قيدهُ القلم ، وقيدُ العلمِ الكتابة ..

‏عندما تفيض المشاعر نكتبها به ، وعندما نحتاجه في المسائل نحلها به

‏‫يصيرُ‬ في الحزن كدمعٍ مُنهمر، فيوثر بكلماته ، ويكتبُ الفرح ويظهر فينا ترجمة كلماته وجميل مُسطراته ، ‏يُكتب الفرح به في كل اللغات
في الفنون دليل وإبداع، وفي المشاعر شعر وأدب، وفي الرياضةِ توقيعُهُ يقدر بأغلى الأثمان ‏فيُعدُ تذكاراً ..
‏به تكتب الخطابات ، ويوذن بالحرب وتدونُ النقاط، وتوضع الخطط ، وتطلقُ الاستراتيجيات ، ‏وتكتب الأسرار ، ويزوج الأحبة ، يُسمى البارعُ في خطِهِ خطاطا ، والرسامُ بمرسمِهِ رساماً ..

بهذا القلم قد تُقيّد حريتك دهراً ، وقد يطلقك حُراً وقد يقتلك قهراً ..

‏به تحدُثُ الإقتراعات ويُرشحُ المعالي للأعالي ، وأحياناً تكونُ في البُشرى رائحة حِبره عطراً .

‏كثُرت أسماؤه فمنها اليُراعُ والمرقم والمذبرُ والمزبر والمداد ‏ ‏ومنها الطومار وهذا ما كان يستخدم لتوقيع الخلفاء والكتابة إلى السلاطين ، وقلمُ الثُلُثين وهو ما كان يستخدم من الخلفاء إلى العمال، وقلم العهود لكتابة العهود والبيعات ، وقلم غبار الحلبة ‏لحملة عبر الحمام الزاجل ، ‏وقلم الأجازة وهو خاص بتوقيعات الحكام ، ولكُلِ حضارةٍ فنُها وقلمها ، وهكذا عند العرب إذا عظم الشيء كثرت اسماؤه ، سُمي قلماً لحدته ، وسميت سُورةٌ من القرآنِ بإسمه لعظمته .

‏له سحر خاص به ، وغزل لا يليق إلا به ، به تضبط الدواوين ، ويصدق عند القاضي ، بِهِ تُعقدُ الشراكات وتفضُ المنازعات ، ‏وتعقد مجالس الصلح ، وتكتب السياسات .
‏منذ الأزل تكتب الصكوك به ويصل الدليل إلى مكانه وصاحب الكنز الى كنزه .
عندما تُوضعُ منهُ نقطة في آخر السطر تتوقفُ الكلمات مهما كانت .

‏توعد الله به فقال ( سنكتب ما قالوا ) ..
كلُنا مرهُونون بما نكتُب ولو كان بعيداً ..
فلنحسن مانكتُب فإنهُ أجدرُ بنا ..
وكما قيل .. فلا تكتُب بخطك غير شيءٍ يسُرُك في القيامةِ أن تراهُ ..
ومانكتُبُهُ حتماً سيكونُ إما شاهـداً لنا أو علينا ..ذكره الإله الحكيم في أكثر من موقع فقال تعالى : ( علم بالقلم ) وقال تعالى :( وإذ يُلقُُون أقلامهم ) .
القلم كنزٌ لصاحبه لاتنتهي عجائبه ، ولاتتوقفُ غرائبه ، ‏فمن أمسك بقلمه واسثمر مواهبه أبدع ، ومن يبدع بالقلم يسمو ، كتب فأرشد ، وكتب فأغوى ‏، لكُلِ قلمٍ مدادُهُ الخاص ، ولربُما يفيظُ بكتابته رزقٌ عظيم ..

كتب لهرقل عظيم الروم ولم يستمع لِما خُط به فمُزِق مُلكُه .. وللنجاشي ملك الحبشه فأسلم وكان فتحاً ..
قد يكونُ جُندياً خفياً ، وقد يكونُ مدرساً وفياً ، وطبيباً عَليا ، ومهندساً بهياً ، وفناناً سميا ..
لكُلِ قلمٍ مدادُهُ الخاصُ به ، ومجدُهُ الذي يتغنى به ، ورقيهُ المُميزُ به .
‏مع جماله لكنه قد يخطيء بخطأ كاتبه ، فيقتُلُ خطئاً أو قد يفُكُ عانياً ، أو قد يُشعِلُ بهـجةً وسلاما ..
وهُنا يتوقفُ قلمي بحُرُوفه ، ويسكُنُ حِبري بهدوءه ، بعد أن تكلم عن نفسِهِ بخجله ، وكتبتُ بِهِ بكبرياءه ، وأستأذِنكم مما فاض قلماً أرجو أن يكون مُسددا .
بواسطة : سالم بن شامخ
 1  0  27.3K