رسائل التواصل الاجتماعي بين الواقع والمامول
عجبا لنا - نحن المجتمع المتفرغ- ليس لدينا ما يشغلنا ، نتقلب في النعم ، ونعيش في بحبوحة من العيش الرغيد آمنين هانئين في بيوتنا ومع أُسرنا ، نملك قوت يومنا وقوت سنة كاملة لا نكترث بزوال نعمة ، ولا نخشى حدوث نقمة ، لا هين نخوض مع الخائضين ، نؤلف الرسائل ونتسابق في نقل الشائعات ،وكل واحد منا يريد أن يحظى بقصب السبق في نقل الأحداث المفجعة ، والكوارث الجماعية ، وكأنه المتحدث الرسمي للدولة . بل يجعل من نفسه مسؤولا كبيرا .يحدد حجم الكارثة ، و يصوغ لها الفرضيات ، والمسببات ، ويبدأ في توجيه أصابع الاتهام نحو الجهات المختصة التي لا يدرك مسؤولياتها ولا يعلم ماتضطلع به من مهام جسيمة .(قد تنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمدِ.. وينكرُ الفمُّ طعم الماءِ من سقمِ..) كل ذلك لأننا لم نتدبر توجيهات شريعتنا الغراء نحو هذه المواقف.. ولم نعمل بما جاء فيها…. ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر….) ( وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ) إن المتأمل لأسلوب الرسائل بشكل عام في هذه الأحداث يجد تركيزها بالدرجة الأولى على الإنسان نفسه . ذلك المخلوق الضعيف الذي لايملك ضرا ولانفعا . متناسيا لخالق البشر و مدبر الكون ، و مسبب الأسباب… الذي يتوفى الأنفس حين موتها… ما أجمل !!َ ، وما أعظم َ!! وما أجدرَ !! لو كانت رسائل المجتمع تتحدث في مثل هذه المواقف والأحداث عن القضاء والقدر ، وعن الصبر ، وعن حُسن الخاتمة.. مَن منا لا يرجو حُسن الخاتمة .. إن من حسن الخاتمة أن يموت الإنسان على طاعة.. إن من مات محرما بجوار بيت الله العتيق أو مات في مشعر منى ملبيا في يوم الحج الأكبر نا سكا في منسكه قاصدا وجه ربه ، طامعا في رحمته ثم يتولاه الله بقضائه وقدره في أشرف زمان و أفضل مكان ويقبض روحه .فلا شك إن لله حكمته ..(يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم…).. أقول لو أن رسا ئلنا -كمجتمع مسلم - يؤمن بالقضاء والقدر جعلنا منها رؤية ًسامية ً ، و جسّدنا بها عقيدة ًراسخةً ..لكان أولى وأحرى ، وأعظم شرفا ، وأنصع شعورا ، و أسمى هدفا ، وأنبل مقصدا… لماذا لا نذكر حديث المصطفى صلى الله وسلم عليه.. الذي في معناه… أنه في آخر الزمن يكثر الهرج والمرج… وهو الموت الجماعي ، والموت المفاجئ… لما ذا لا نوطن أنفسنا ، ونؤصل لأحداثنا تأصيلا شرعيا.. قبل أن نحيطها بآرائنا ومقترحاتنا ، و توجساتنا ، وتكهناتنا، واتهاماتنا ، وووو أخي القارئ الكريم ..لم أقصد شخصا بعينه ، ولم أنكر بعض الرسائل المنصفة المتزنة ، ولكنني أعني بهذا ..الأسلوب السائد في رسائل التواصل الاجتماعي… أسأل الله الرحمة لأمواتنا وأموات المسلمين…. وأسأل الله لي ولكم السلامة،،ولوطننا الأمن والاستقرار…وعيدكم مبارك ، وكل عام أنتم بخير….