#أفغانستان.بَعدَ.سقوط.كابُل. (مُقترحي لـ(تحييدها) بنكهة سويسرية!)
في غرة أپريل من سنة 1975م، كان الحدث الذي رمزَ لأول هزيمة لأمريكا؛ و كان ذلك في مطار 'نها.ترانگ'، سايگون Saigon، في ڤيتنام. فكان ذلك الحدث ملخصاً في صورة التقطت لجموع من الناس تتدافع و تجاهد للصعود الى طائرة هيلوكبتر توشك على الإقلاع، بعد هزيمة امريكا و أتباعها في الجهاز الڤيتنامي من محسوبيها في جنوب ڤيتنام؛ و ذلك بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب و الدمار، و خسارة مليارات الدولارات و خمسين ألف من الشباب الأمريكي.. و مئات الألوف من الڤيتناميين الأبرياء!
و لقد كانت لتلك الحرب بدايات سابقة كانت في أواخر خمسينات القرن العشرين، بُعيدَ انهزامات فرنسا أمام الڤيتناميين و خاصة في المعركة الفاصلة في منطقة (دِيـَن.بــِيـَن.فُو) بقيادة الجنرال الڤيتنامي جياپ.
ثم تجاسرت أمريكا في عهد الرئيس آيزِنهاور لتحل محل فرنسا.. فوقعت في مستنقع طال و استطال عبر خمسة رؤساء؛ و انتهى الصراع بهزيمة أخرى، هذه المرة للأمريكان، على يد ثوار ڤيتنام.. الـ(ڤِـيـَتْ كونگ)، و بقيادة نفس الجنرال (جياپ) مرة أخرى.
في الساعات الأخيرة من موقعة سايگون في أپريل، 1975م، حاولت الطائرات الهيلكوپتر الأمريكية جاهدةّ التقاطَ و إنقاذ الموظفين الأمريكيين من على سطح السفارة الأمريكية، في محاولةجاهدة للفرار، و ذلك عندما استولى الڤيتناميون على سايگون، عاصمة ما كان وقتها يسمى بـ(ڤيتنام الجنوبية).
و الآن، في كابـُل، في ناصفة اغسطس،2021م، كانت الهزيمة الثانية، فكانت خاتمة غزو امريكا لأفغانستان.. بعد فترة طالت لعقدين كاملين من الزمان؛ و كان ذلك أيضاً بعد عدد من الرؤساء بلغ تعدادهم أربعة منذ بوش الصغير، و بعده بـَرّاك حسين أوباما، ثم دونالد طرمپ و كان رابعهم جو بايدن.
و كان (هذا) الإنسحاب المهين أيضاً بعد خسارة ترليون من الدولارات و آلاف الأرواح من الأمريكيين، و معهم أعدادٌ من الأورپيين (و الأتراك) من رعايا حلف الأطلسي.
فكانت سايگون الهزيمة (الأولى)، في 1975م؛ و تتلوها الآن كابل، 'سايگون' (الثانية) في ناصفة اغسطس،2021م.
و مع عودة الطالبان الى السلطة في المسكينة افغانستان، نقول فيما نقول: 'و الله المستعان'؛ او كما يقال في التركية 'أمان، يا ربي، أمان'.. بمعنى يا عِظمَ البلاء و فداحة الخُسران'!
فمن الصراعات التي حلّت بأفغانستان في القرن العشرين كان غزو روسيا/الاتحاد السوڤيتي في 1979م، الذي دام لعقد من الزمان.. ثم ساهم ذلك الغزو في سقوط و تفكك الغازي.
ثم اعقبه قيام حكم الطالبان لسبع سنوات عجاف شمل ايواء (القاعدة).. حتى الغزو الأمريكي في 2001م الذي دام لعقدين كاملين.
و إردافاً لفكرة و اهمية (منع) انفراد أي من القوى الكبرى و المطامع الخارجية في افغانستان، و هي مطامع ليست ولادة الحاضر المعاش..بل منذ حوالي قرنين في فترة التاريخ القريب! فبعد احتلال بريطانيا عموم الهند و ما حولها (بما شمل ما صار يسمى افغانستان) فلقد حدث في 31 من مارس، 1885م آن قامت كتيبة روسية بعملية تحرش في غارة على حدود 'افغانستان'، في منطقة قرية پانج.ديه (القُريّات الخمس)، كادت ان تشغل حرباً شاملة بين "روسيا القيصرية" و "بريطانيا العظمى" التي كانت محتلة لعموم شبه القارة الهندية.. بما شمل نفوذها على 'افغانستان')!
*فما الحل؟*
و مع التوقع ان مثل هذا السقوط في كابل سيعاود الحدوث إذا لم تتم ازالة أسبابه، فلديّ اقتراح اراه الصالح و الباقي.. و المحقِّق للسلام في افغانستان المثخنة بالحروب و الجراح، و أتمنى وراء هذا الاقتراح الاستقرار في المنطقة بعامة.
..ألا و هو:
التوصل الى 'معاهدة أممية' ملزمة تتوافق فيها و عليها الدول الكبرى المعنية و القوى المتحفزة لمعاودة لانقضاض على افغانستان.. و ذلك بالالتزام الجماعي على (تحييدها)، فيكون ضمن الموقعين: بريطانيا؛ روسيا؛ الصين؛ الهند؛ و إيران (و كانت أجزاء من 'أفغانستان' تابعة للدولتين الأخيرتين). و بذا تكون افغانستان ملتحمة الأطراف متكاملة فيما بينها، بما يشمل مكوناتها الأربعة الرئيسة: الپـُشتون؛ الطجـَك؛ الأوزبك/التُركمان؛ و الهزار. و أن تكون البلد محايدة بين كافة القوى المحيطة بها، و منفتحة على الجميع؛ متعاونة مع الكل.. و مستفيدة من موارد الجهات المحيطة.. فمختلف البضائع تمر من كل صوب؛ و الاستثمارات تُستجلب من الجميع؛ و السياحة مرحب بها من هذا و ذلك و ذاك..
إن مقترحي بهكذا معاهدة يستدر نموذجه من موقع آخر في الدنيا كان في شخص و كينونة دولة سويسرا.. التي اشتهرت عبر السنين بأنها 'محايدة' بينما الأدق و الأصح ان نقول انها كانت 'مُحيَّدَة'، خيرةً (و) قسراً في آن!
و كما ان افغانستان مكونة من اربع مكونات عرقية/لغوية أساسية؛ فإن سويسرا هي الأخرى كانت و لا تزال مكونة من أربعة مكونات: الألمانية؛ الفرنسية؛ الإيطالية؛ و الرومانش.
و افغانستان تقع في منطقة إستراتيجية حساسة من النواحي الجغرافية و عدد من الموارد الطبيعية الاقتصادية مثل المعادن النادرة.. و التي باضطراد يتزايد الطلب عليها و تتعالى اسعارها، مثل: *(الليثيوم)،* لتصنيع البطاريات و منها لسيارات المستقبل؛ *(البرليوم)،* لصناعات الحاسوب و الطائرات و المركبات الفضائية و الصواريخ فائقة السرعة! فضلاً عن كميات ضخمة من النحاس.. و هو معدن مطلوب للعديد من الصناعات!
و كذلك كانت و لا زالت سويسرا بموقعها المركزي في خطوط المواصلات، و في تمركز مصادر المياه و قمم الألپ و منابع الأنهار!
و عليه، فإن فكرة (تحييد) افغانستان هنا هي لحسم الصراع بين الدول الكبرى و للحد من معاودة الطمع في احتلالها، من ناحية؛ و أيضاً للحد من الصراع الداخلي من ناحية ثانية..
و لإنعاش الشعب الأفغاني، و إغنائه عن الاعتماد على البدائي من الزراعة و (المؤذي) من المحاصيل!!
فعسى ان يتمحور الزمان، و يفيق العالم و مواطن القوى و مراكز السلطوان فيتمُ (تحييدُ) -و نجاة- أفغانستان!!