دردشات الصومعة: العرب والطريق من أولمبياد طوكيو 2020 إلى باريس 2024
أسدل الستار يوم الأحد 09/08/2021م على أهم حدث رياضي عالمي تابعه مئات الملايين حول العالم بعد تأجيل دام لعام كامل بسبب جائحة كورونا، وهو «أولمبياد طوكيو 2020». وبحكم عشقي للأولمبياد التي فتحت عيني عليها منذ اولمبياد «ميونخ 1972م»، ومتابعة تطورها وتوسعها من دورة إلى أخرى، حرصت على متابعة أولمبياد طوكيو وأهم نتائجها وجديد ما قُدم فيها.
ولا شك في أن كل من تابعها يتفق معي بإنها كانت الاضخم منذ بدء المنافسات الأولمبية فقد أجمع المراقبون بانها شهدت قفزة نوعية في النواحي الرياضية والاجتماعية والإنسانية والاقتصادية، حيث بلغت تكلفتها 15.4 مليار دولار امريكي بزيادة بنسبة 22% بسبب تأجيلها اضطراريًا لمدة عام نتيجة جائحة كورنا، وتضمنت 339 منافسة في 33 رياضة من بينها 34 منافسة جديدة و 5 العاب جديدة هي التزلج بالألواح والكاراتيه والبيسبول/السوفتبول والتزلج على الأمواج لاجتذاب جماهير من فئات عمرية أصغر، وشارك فيها 11656 رياضي منهم 48.8% إناث، مثلوا 205 دولة وفريق اللجنة الأولمبية للاجئين.
وكان أكثر ما أثار إعجابي اللفتة الإنسانية باختيار شخص من ذوي الإعاقة وثمانية أطفال وأربعة من أبرز الرياضيين اليابانيين لحمل العلم الياباني خلال حفل الافتتاح بمشاركة مهنيين في مجال الرعاية الصحية تقديرًا لخدماتهم خلال الجائحة.
كذلك التقنيات التي استخدمت لأول مرة وجعلت البطولة من أكثر المسابقات الرياضية تقدمًا من الناحية التكنولوجية فعلى سبيل المثال نظام الاستشعار الذي طورته شركة أوميغا للساعات السويسرية لقياس سرعة الرياضيين أو نقاط التسارع من خلال توصيل أجهزة استشعار صغيرة بقمصانهم تجمع وتحلل ما يقرب من 2000 مجموعة من البيانات في الثانية الواحدة.
والكاميرات التي تعتمد الذكاء الاصطناعي لقياس الأداء الكامل للاعب ومشاركته مع الرياضيين والمدربين في الوقت الفعلي لكرة الطائرة الشاطئية، وسباقات طرق الدراجات والسباحة والجمباز.
واستخدام تقنية الرادار للعبة البيسبول لتحليل كل ضربة يقوم بها اللاعب وعرضها مع التحليل في الوقت الفعلي.
ونظام التتبع الرياضي الثلاثي الأبعاد الذي ابتكرته شركة انتل بالشراكة مع شركة علي بابا الصينية للحصول على رؤية ثلاثية الأبعاد للمنافس من أجل أن يقوم المدربون بتقييمه، ويتمكن المذيعون من المساعدة في إعلام المشاهدين بما يجري أثناء المنافسات في الوقت الفعلي. والتكنولوجيا القابلة للارتداء لتتبع الرياضيين عند إغلاق ملاعب التدريب بسبب الوباء.
فضلًا عن الربوتات متعددة الاستخدامات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والمزودة بكاميرات وأجهزة لتحية وتوجيه الرياضيين والمتفرجين وإحضار الوجبات الخفيفة، واسترداد العناصر المستخدمة في الألعاب كالرماح والجلل والكور...الخ. بالإضافة إلى الطائرات المسيرة التي أبهرت المتابعين في حفل الافتتاح حينما شكلت 1800 منها شكل الكرة الأرضية ثلاثي الأبعاد بقاراتها الخمسة وشعار الأولمبياد.
وما أثار الأعجاب ايضًا الاهتمام بالبيئة والمحافظة عليها باستخدام المواد المدورة والطاقات المتجددة في الدورة حيث صُنعت ميداليات اللاعبين من هواتف نقالة أعيد تدويرها، وصناعة الشعلة الأولمبية من نفايات الألمنيوم، واستخدام الطاقة المتجددة لتوليد التيار الكهربائي المستخدم في الألعاب.
والأمر الوحيد الذي عكر صفو فعاليات البطولة هو حرمان بعض الأبطال من المشاركة في المنافسات بسبب إصابتهم بفيروس كورونا، ومنع الجماهير من الحضور للملاعب والاستمتاع بتجهيزاتها وخدماتها بسبب الإجراءات الوقائية الصارمة التي اتبعتها اللجنة المنظمة للوقاية من الفيروس.
والواقع إن الألعاب الأولمبية لم تعد مجرد تجمع للمنافسات الرياضية والترفيه، بل أصبحت بمثابة مصدر هام لزيادة الناتج المحلي للدول التي تفوز بتنظيمها، وإن كانت اليابان لم تحقق المكاسب المالية المرجوة بحكم الجائحة، وعنصر هام لكسب القوة الناعمة ونشر الثقافة المحلية للمجتمعات الأخرى. لذلك يلاحظ أن الدول التي حققت المراكز العليا هي الأقوى اقتصاديًا وسبق لها أن نظمت الأولمبياد فقد حققت الولايات المتحدة الأمريكية المركز الأول بـ 113 ميدالية، الصين 88 ميدالية، اليابان 58 ميدالية، بريطانيا 65 ميدالية.
وغابت الـ 22 دولة العربية التي شاركت في البطولة عن المراكز المتقدمة رغم إنها حققت أفضل إنجاز لها في تاريخ مشاركاتها الأولمبية بحصولها على 18 ميدالية، إذ حققت قطر أعلى مركز بين الدول العربية في المركز (41) بـ 3 ميداليات 2 ذهبية و1 برونزية، مصر (54) بـ 1 ذهبية و1 فضية و4 برونزية، تونس (58) 1 ذهبية و1 فضية، المغرب (63) بـ 1 ذهبية، الأردن (74) بـ 1 فضية، و1 برونزية، السعودية والبحرين (77) بـ 1ميدالية فضية لكل منهما، الكويت وسوريا (86) بـ 1 برونزية لكل منهما.
وبرأيي إن تلك الإنجازات العربية تعتبر متواضعة مقارنة بعدد اللاعبين العرب الذين شاركوا في البطولة وعددهم 457 رياضي، مقارنة بـ «ـجامايكا» التي شارك منها 50 رياضيًا حققوا المركز 21 بمجموع 9 ميداليات 4 ذهبية، 1 فضية، 4 برونزية. فضلًا عن تحقيق بعضهم لأرقام قياسية.
ليس ذلك فحسب، بل أن بعض الأبطال الأفراد فاقت انجازاتهم الدول العربية كالسباح الأمريكي كايلب دريسيل الذي حقق 5 ميداليات ذهبية. والسباحتين الأستراليتين إيما ماكيون 4 ذهبية و3 برونزية وكايلي ماكيون 3 ذهبية و1 برونزية، فساهموا في وضع مراكز دولهم ضمن قائمة العشرة الأوائل. الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في منظومة الرياضة العربية واستعداداتها لأولمبياد باريس 2024 لكي يكون لنا مراكز متقدمة فيها.
ولتحقيق ذلك علينا وضع خطة استراتيجية تبدأ بالاهتمام بالرياضة المدرسية وتطويرها، ووضع مواد دراسية نظرية وعملية للألعاب الرياضية ضمن المناهج الدراسية في كافة المراحل، واستئناف الدورات الرياضية العربية المدرسية التي توقفت بعد آخر بطولة نظمت في الكويت عام 2012م. التركيز على الألعاب الفردية بجميع أنواعها وتنميتها. فأكثر الألعاب التي حققنا فيها ميداليات ألعاب القوى ورفع الاثقال والمصارعة والملاكمة والرماية والجودو والمبارزة والفروسية والكاراتيه والتايكواندو والخماسي الحديث وكرة الطائرة الشاطئية وهي لا تجد الدعم الكافي ككرة القدم.
إلزام الأندية العربية بتفعيل كافة الألعاب الرياضية المدرجة ضمن الألعاب الأولمبية ومشاركتها في البطولات المحلية والإقليمية، زيادة المشاركات النسائية في البطولات العالمية خصوصا الألعاب القريبة من عاداتنا وتقاليدنا كالرماية والفروسية بأنواعها والرياضات المائية التي تحصد عدد من الميداليات ترفع من مستوى الترتيب العام في البطولة. توعية المجتمعات العربية بأهمية المنافسات الأولمبية والمشاركة فيها. واختم دردشتي بما قاله الشاعر اللبناني عمر فروخ:
فحَي مَعي الرياضَةَ إن فيها *** فوائدَ للشَّباب الطَّامحِينا
وتبعثُ فِيهُمُ روحًا شريفًا *** فيلقون المتاعِبَ باِسِمينا
فكن فينا رياضيًا قويًا *** وكُن في الأرض إنسانًا مُعينًا
هنالِكَ نبلُغُ العلياءَ زهوًا *** ونرفَعُ رأسنا في الرافعينا
ولا شك في أن كل من تابعها يتفق معي بإنها كانت الاضخم منذ بدء المنافسات الأولمبية فقد أجمع المراقبون بانها شهدت قفزة نوعية في النواحي الرياضية والاجتماعية والإنسانية والاقتصادية، حيث بلغت تكلفتها 15.4 مليار دولار امريكي بزيادة بنسبة 22% بسبب تأجيلها اضطراريًا لمدة عام نتيجة جائحة كورنا، وتضمنت 339 منافسة في 33 رياضة من بينها 34 منافسة جديدة و 5 العاب جديدة هي التزلج بالألواح والكاراتيه والبيسبول/السوفتبول والتزلج على الأمواج لاجتذاب جماهير من فئات عمرية أصغر، وشارك فيها 11656 رياضي منهم 48.8% إناث، مثلوا 205 دولة وفريق اللجنة الأولمبية للاجئين.
وكان أكثر ما أثار إعجابي اللفتة الإنسانية باختيار شخص من ذوي الإعاقة وثمانية أطفال وأربعة من أبرز الرياضيين اليابانيين لحمل العلم الياباني خلال حفل الافتتاح بمشاركة مهنيين في مجال الرعاية الصحية تقديرًا لخدماتهم خلال الجائحة.
كذلك التقنيات التي استخدمت لأول مرة وجعلت البطولة من أكثر المسابقات الرياضية تقدمًا من الناحية التكنولوجية فعلى سبيل المثال نظام الاستشعار الذي طورته شركة أوميغا للساعات السويسرية لقياس سرعة الرياضيين أو نقاط التسارع من خلال توصيل أجهزة استشعار صغيرة بقمصانهم تجمع وتحلل ما يقرب من 2000 مجموعة من البيانات في الثانية الواحدة.
والكاميرات التي تعتمد الذكاء الاصطناعي لقياس الأداء الكامل للاعب ومشاركته مع الرياضيين والمدربين في الوقت الفعلي لكرة الطائرة الشاطئية، وسباقات طرق الدراجات والسباحة والجمباز.
واستخدام تقنية الرادار للعبة البيسبول لتحليل كل ضربة يقوم بها اللاعب وعرضها مع التحليل في الوقت الفعلي.
ونظام التتبع الرياضي الثلاثي الأبعاد الذي ابتكرته شركة انتل بالشراكة مع شركة علي بابا الصينية للحصول على رؤية ثلاثية الأبعاد للمنافس من أجل أن يقوم المدربون بتقييمه، ويتمكن المذيعون من المساعدة في إعلام المشاهدين بما يجري أثناء المنافسات في الوقت الفعلي. والتكنولوجيا القابلة للارتداء لتتبع الرياضيين عند إغلاق ملاعب التدريب بسبب الوباء.
فضلًا عن الربوتات متعددة الاستخدامات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والمزودة بكاميرات وأجهزة لتحية وتوجيه الرياضيين والمتفرجين وإحضار الوجبات الخفيفة، واسترداد العناصر المستخدمة في الألعاب كالرماح والجلل والكور...الخ. بالإضافة إلى الطائرات المسيرة التي أبهرت المتابعين في حفل الافتتاح حينما شكلت 1800 منها شكل الكرة الأرضية ثلاثي الأبعاد بقاراتها الخمسة وشعار الأولمبياد.
وما أثار الأعجاب ايضًا الاهتمام بالبيئة والمحافظة عليها باستخدام المواد المدورة والطاقات المتجددة في الدورة حيث صُنعت ميداليات اللاعبين من هواتف نقالة أعيد تدويرها، وصناعة الشعلة الأولمبية من نفايات الألمنيوم، واستخدام الطاقة المتجددة لتوليد التيار الكهربائي المستخدم في الألعاب.
والأمر الوحيد الذي عكر صفو فعاليات البطولة هو حرمان بعض الأبطال من المشاركة في المنافسات بسبب إصابتهم بفيروس كورونا، ومنع الجماهير من الحضور للملاعب والاستمتاع بتجهيزاتها وخدماتها بسبب الإجراءات الوقائية الصارمة التي اتبعتها اللجنة المنظمة للوقاية من الفيروس.
والواقع إن الألعاب الأولمبية لم تعد مجرد تجمع للمنافسات الرياضية والترفيه، بل أصبحت بمثابة مصدر هام لزيادة الناتج المحلي للدول التي تفوز بتنظيمها، وإن كانت اليابان لم تحقق المكاسب المالية المرجوة بحكم الجائحة، وعنصر هام لكسب القوة الناعمة ونشر الثقافة المحلية للمجتمعات الأخرى. لذلك يلاحظ أن الدول التي حققت المراكز العليا هي الأقوى اقتصاديًا وسبق لها أن نظمت الأولمبياد فقد حققت الولايات المتحدة الأمريكية المركز الأول بـ 113 ميدالية، الصين 88 ميدالية، اليابان 58 ميدالية، بريطانيا 65 ميدالية.
وغابت الـ 22 دولة العربية التي شاركت في البطولة عن المراكز المتقدمة رغم إنها حققت أفضل إنجاز لها في تاريخ مشاركاتها الأولمبية بحصولها على 18 ميدالية، إذ حققت قطر أعلى مركز بين الدول العربية في المركز (41) بـ 3 ميداليات 2 ذهبية و1 برونزية، مصر (54) بـ 1 ذهبية و1 فضية و4 برونزية، تونس (58) 1 ذهبية و1 فضية، المغرب (63) بـ 1 ذهبية، الأردن (74) بـ 1 فضية، و1 برونزية، السعودية والبحرين (77) بـ 1ميدالية فضية لكل منهما، الكويت وسوريا (86) بـ 1 برونزية لكل منهما.
وبرأيي إن تلك الإنجازات العربية تعتبر متواضعة مقارنة بعدد اللاعبين العرب الذين شاركوا في البطولة وعددهم 457 رياضي، مقارنة بـ «ـجامايكا» التي شارك منها 50 رياضيًا حققوا المركز 21 بمجموع 9 ميداليات 4 ذهبية، 1 فضية، 4 برونزية. فضلًا عن تحقيق بعضهم لأرقام قياسية.
ليس ذلك فحسب، بل أن بعض الأبطال الأفراد فاقت انجازاتهم الدول العربية كالسباح الأمريكي كايلب دريسيل الذي حقق 5 ميداليات ذهبية. والسباحتين الأستراليتين إيما ماكيون 4 ذهبية و3 برونزية وكايلي ماكيون 3 ذهبية و1 برونزية، فساهموا في وضع مراكز دولهم ضمن قائمة العشرة الأوائل. الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في منظومة الرياضة العربية واستعداداتها لأولمبياد باريس 2024 لكي يكون لنا مراكز متقدمة فيها.
ولتحقيق ذلك علينا وضع خطة استراتيجية تبدأ بالاهتمام بالرياضة المدرسية وتطويرها، ووضع مواد دراسية نظرية وعملية للألعاب الرياضية ضمن المناهج الدراسية في كافة المراحل، واستئناف الدورات الرياضية العربية المدرسية التي توقفت بعد آخر بطولة نظمت في الكويت عام 2012م. التركيز على الألعاب الفردية بجميع أنواعها وتنميتها. فأكثر الألعاب التي حققنا فيها ميداليات ألعاب القوى ورفع الاثقال والمصارعة والملاكمة والرماية والجودو والمبارزة والفروسية والكاراتيه والتايكواندو والخماسي الحديث وكرة الطائرة الشاطئية وهي لا تجد الدعم الكافي ككرة القدم.
إلزام الأندية العربية بتفعيل كافة الألعاب الرياضية المدرجة ضمن الألعاب الأولمبية ومشاركتها في البطولات المحلية والإقليمية، زيادة المشاركات النسائية في البطولات العالمية خصوصا الألعاب القريبة من عاداتنا وتقاليدنا كالرماية والفروسية بأنواعها والرياضات المائية التي تحصد عدد من الميداليات ترفع من مستوى الترتيب العام في البطولة. توعية المجتمعات العربية بأهمية المنافسات الأولمبية والمشاركة فيها. واختم دردشتي بما قاله الشاعر اللبناني عمر فروخ:
فحَي مَعي الرياضَةَ إن فيها *** فوائدَ للشَّباب الطَّامحِينا
وتبعثُ فِيهُمُ روحًا شريفًا *** فيلقون المتاعِبَ باِسِمينا
فكن فينا رياضيًا قويًا *** وكُن في الأرض إنسانًا مُعينًا
هنالِكَ نبلُغُ العلياءَ زهوًا *** ونرفَعُ رأسنا في الرافعينا