التعصب الرياضي... وناقوس الخطر
النفور من التعصب والكراهية أمر فطري في النفس البشرية لا يختلف أحد على هذه المسلمة.
والرياضة الأصل فيها الممارسة وليس المشاهدة لكن مع التحولات الحضارية التي أنتجها وافرزها العصر الحديث تم تحويل الرياضة إلى صناعة وسلعة وعندئذ لا بد من وجود مستهلكين ولا يكفي عدد الرياضيين لإشباع نهم وتطلعات رواد هذه الصناعة وماذا يستفيدون من أناس يمارسون الرياضة
فكان لا بد من صناعة مستهلك الذي هو المشاهد أو المشجع
وبدلا من أن تكون الرياضة فرصة لتقوية الجسم وبناء الصحة تحول مفهوم الرياضة إلى التشجيع والمشاهدة وكان لا بد من وجود التحفيز للمشاهد ليتابع فريقه المفضل وشراء قميصه وتناول المنتجات التي تروج لفريقه إلى غير ذلك
الحقيقة أن الكارثة لم تقف إلى هنا بل زادت بالبرامج المحمسة للجماهير أن تتابع نجومها كما قدمتها لهم بعد عملية التلميع الإعلامي الذي يحول شخصا عاديا إلى قدوة للشباب في كل تصرفاته أو أنه أسطورة ثم الإغراق الإعلامي في تتبع ماذا أكل وماذا شرب وأين حلق شعره وأين سهر ومتى نام ومتى استيقظ ومن تزوج ومن طلق ومتى غضب ومتى ابتسم
اي وربي إنه لحق فلو كانوا يتابعون نبيا مرسلا ينقذهم من النار ويدخلهم الجنة ما رصدوا كل هذه الحركات والأنفاس
ولنا أن نتخيل كم من الساعات تضيع على الجماهير وهم يتابعون كل هذه الترهات التي لا تقدم ولا تؤخر
لكن بالتأمل يتضح أن ترويج مثل هذه الأمور يعطي انطباعا عن أهمية هذا الشخص في المجتمع ومن زواية أخرى إضفاء بريق ولمعان من طريق غير مباشر على أهمية هذا الفريق
إن كل ما سبق على سوءته قد يكون مقبولا ومحتملا لكن الزائد عن الحد والذي يدق ناقوس الخطر على أمننا الفكري وثقافتنا هو تزكية الكراهية وإشعال العداوة والبغضاء بين الفرق الرياضية ولاعبيها والزج بالجماهير المغلوب على أمرها في الصراع الشيطاني من خلال التحريش والتحريض عبر وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الفضاء الإلكتروني للسخرية والاستهزاء والتقليل من شأن بعضنا البعض ثم ماذا جنينا من هذا سوى:
الحدة في التعامل وعدم قبول كل طرف للآخر
التربص والتفنن في الكيد والمكر
القطيعة بين الجماهير والتشاجر والتشاحن
التعدي على الخصوصيات والحرمات
والتنمر
كل هذا يحدث بسبب الرغبة المحمومة والكلمات المسمومة من كل طرف لصناعة مستهلكين للرياضة لا ممارسين والمضحك المبكي أن جميع من في المنظومة يستفيد ماديا اللاعب والإداري والعامل والصحفي والإعلامي ما عدا الجمهور المستهلك
إنني اقول
إن هذا التعصب الرياضي يدق ناقوس الخطر على كل المستويات وأتصور من خلال الرصد الثقافي أن هذا اللون من التعصب هو صورة وأنموذج لخلل أكبر على كل المستويات
فعلى المستوى السياسي هي نفس مسألة التهاوش والتقاطع والكراهية بين التيارات السياسية المختلفة وطعن كل طرف في الاخر وعدم تقبل أي تيار للآخر أو للحوار معه
وعلى المستوى الاجتماعي نجد الانتماء القبلي والعرقي يطغى على كل اعتبار والتنمر بالآخرين والتقليل منهم واحتقارهم
وعلى المستوى الثقافي والفني نجد الكراهية تمتد بين النخب المثقفة والتطاول على الآخرين وعدم القناعة بأن كل إنسان أو فنان يمكن أن يبدع في ميدان غير ميدان الآخر
وعلى المستوى الأسري نجد التقاطع الزوجين لأتفه الأسباب وضياع الاحترام المتبادل بين الأب وابنه وباقي أفراد الأسرة
وعلى المستوى الاقتصادي نجد التنافس الغير شريف بين الشركات والمؤسسات على حساب المستهلك وتشويه سمعة المنافسين بدون وجه حق
إن التعصب الرياضي هو صورة للحال التي وصلنا إليها على كل المستويات
إنه لا بد من العودة للرشاد والخروج من التيه وتحمل المسؤولية في التثقيف والتوعية لأبنائنا وبناتنا قبل أن يجرفنا الطوفان
اخاطب كل عاقل وشريف من العاملين في الإعلام ومنصات الفضاء الإلكتروني وكل المسؤولين عن الثقافة والفكر وبناء العقول وكل المعلمين وأساتذة الجامعات وكل الدعاة إلى الله تعالى أن يعملوا على تكوين وصناعة جيل من الشباب يؤمن بالتعددية والحوار وتصحيح مفاهيم الانتماء ونسج حبال التواد والمحبة بين الناس
والخروج بهذا الجيل من بؤرة الصراع إلى فضاء الحوار والنقاش وقبول الآخر ومن قيود الجهل والتخلف إلى بحبوحة العلم والنور
إن هذه الشحنات السلبية التي تمور بها حياتنا الرياضية هي إشارات إلى خطر أعظم وسرطان أشد يتمدد بلا هوادة في شرايين مجتمعنا وإذا لم نجتهد في مدافعته فسنكتوي بناره ونجني ثمرة تقاعسنا عن أداء واجبنا وتنصلنا من تحمل المسؤولية.
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها
اللهم أصلح أحوالنا وألف بين قلوبنا
أستاذ الثقافة والفكر الإسلامي
والرياضة الأصل فيها الممارسة وليس المشاهدة لكن مع التحولات الحضارية التي أنتجها وافرزها العصر الحديث تم تحويل الرياضة إلى صناعة وسلعة وعندئذ لا بد من وجود مستهلكين ولا يكفي عدد الرياضيين لإشباع نهم وتطلعات رواد هذه الصناعة وماذا يستفيدون من أناس يمارسون الرياضة
فكان لا بد من صناعة مستهلك الذي هو المشاهد أو المشجع
وبدلا من أن تكون الرياضة فرصة لتقوية الجسم وبناء الصحة تحول مفهوم الرياضة إلى التشجيع والمشاهدة وكان لا بد من وجود التحفيز للمشاهد ليتابع فريقه المفضل وشراء قميصه وتناول المنتجات التي تروج لفريقه إلى غير ذلك
الحقيقة أن الكارثة لم تقف إلى هنا بل زادت بالبرامج المحمسة للجماهير أن تتابع نجومها كما قدمتها لهم بعد عملية التلميع الإعلامي الذي يحول شخصا عاديا إلى قدوة للشباب في كل تصرفاته أو أنه أسطورة ثم الإغراق الإعلامي في تتبع ماذا أكل وماذا شرب وأين حلق شعره وأين سهر ومتى نام ومتى استيقظ ومن تزوج ومن طلق ومتى غضب ومتى ابتسم
اي وربي إنه لحق فلو كانوا يتابعون نبيا مرسلا ينقذهم من النار ويدخلهم الجنة ما رصدوا كل هذه الحركات والأنفاس
ولنا أن نتخيل كم من الساعات تضيع على الجماهير وهم يتابعون كل هذه الترهات التي لا تقدم ولا تؤخر
لكن بالتأمل يتضح أن ترويج مثل هذه الأمور يعطي انطباعا عن أهمية هذا الشخص في المجتمع ومن زواية أخرى إضفاء بريق ولمعان من طريق غير مباشر على أهمية هذا الفريق
إن كل ما سبق على سوءته قد يكون مقبولا ومحتملا لكن الزائد عن الحد والذي يدق ناقوس الخطر على أمننا الفكري وثقافتنا هو تزكية الكراهية وإشعال العداوة والبغضاء بين الفرق الرياضية ولاعبيها والزج بالجماهير المغلوب على أمرها في الصراع الشيطاني من خلال التحريش والتحريض عبر وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الفضاء الإلكتروني للسخرية والاستهزاء والتقليل من شأن بعضنا البعض ثم ماذا جنينا من هذا سوى:
الحدة في التعامل وعدم قبول كل طرف للآخر
التربص والتفنن في الكيد والمكر
القطيعة بين الجماهير والتشاجر والتشاحن
التعدي على الخصوصيات والحرمات
والتنمر
كل هذا يحدث بسبب الرغبة المحمومة والكلمات المسمومة من كل طرف لصناعة مستهلكين للرياضة لا ممارسين والمضحك المبكي أن جميع من في المنظومة يستفيد ماديا اللاعب والإداري والعامل والصحفي والإعلامي ما عدا الجمهور المستهلك
إنني اقول
إن هذا التعصب الرياضي يدق ناقوس الخطر على كل المستويات وأتصور من خلال الرصد الثقافي أن هذا اللون من التعصب هو صورة وأنموذج لخلل أكبر على كل المستويات
فعلى المستوى السياسي هي نفس مسألة التهاوش والتقاطع والكراهية بين التيارات السياسية المختلفة وطعن كل طرف في الاخر وعدم تقبل أي تيار للآخر أو للحوار معه
وعلى المستوى الاجتماعي نجد الانتماء القبلي والعرقي يطغى على كل اعتبار والتنمر بالآخرين والتقليل منهم واحتقارهم
وعلى المستوى الثقافي والفني نجد الكراهية تمتد بين النخب المثقفة والتطاول على الآخرين وعدم القناعة بأن كل إنسان أو فنان يمكن أن يبدع في ميدان غير ميدان الآخر
وعلى المستوى الأسري نجد التقاطع الزوجين لأتفه الأسباب وضياع الاحترام المتبادل بين الأب وابنه وباقي أفراد الأسرة
وعلى المستوى الاقتصادي نجد التنافس الغير شريف بين الشركات والمؤسسات على حساب المستهلك وتشويه سمعة المنافسين بدون وجه حق
إن التعصب الرياضي هو صورة للحال التي وصلنا إليها على كل المستويات
إنه لا بد من العودة للرشاد والخروج من التيه وتحمل المسؤولية في التثقيف والتوعية لأبنائنا وبناتنا قبل أن يجرفنا الطوفان
اخاطب كل عاقل وشريف من العاملين في الإعلام ومنصات الفضاء الإلكتروني وكل المسؤولين عن الثقافة والفكر وبناء العقول وكل المعلمين وأساتذة الجامعات وكل الدعاة إلى الله تعالى أن يعملوا على تكوين وصناعة جيل من الشباب يؤمن بالتعددية والحوار وتصحيح مفاهيم الانتماء ونسج حبال التواد والمحبة بين الناس
والخروج بهذا الجيل من بؤرة الصراع إلى فضاء الحوار والنقاش وقبول الآخر ومن قيود الجهل والتخلف إلى بحبوحة العلم والنور
إن هذه الشحنات السلبية التي تمور بها حياتنا الرياضية هي إشارات إلى خطر أعظم وسرطان أشد يتمدد بلا هوادة في شرايين مجتمعنا وإذا لم نجتهد في مدافعته فسنكتوي بناره ونجني ثمرة تقاعسنا عن أداء واجبنا وتنصلنا من تحمل المسؤولية.
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها
اللهم أصلح أحوالنا وألف بين قلوبنا
أستاذ الثقافة والفكر الإسلامي