دردشات الصومعة: نعمة طيور الحمام وأهمية استثمارها
اطلعت منذ أسابيع على مقطعي فيديو وصلاني عبر الواتساب، أحدهما لخطيب جمعة كان يتحدث عن ظاهرة انتشار طيور الحمام في الأحياء السكنية وأرجع السبب في ذلك لمحبي الخير من الذين يلقون بفضلات اطعمتهم في الشوارع لإطعام الطيور دون وعي وإدراك بما يسببونه من أذى للآخرين، أو انهم قد يعرضون الحمام للقتل أو الإبادة بسبب كثرته.
والفيديو الآخر لخبير بيئي انتقد الظاهرة وأشار إلى ما قد تحدثه من أضرار بيئية وصحية بانتقال بعض الأمراض عن طريقها أو من فضلاتها. وطالب بوضع الخطط واتخاذ إجراءات للحد من انتشارها.
فأثار كلامهما اهتمامي وفضولي حيث إن نظرتي تجاه الحمام بأنها من مخلوقات الطيور التي بعثها الله لخير قد لا نعلمه. لذلك لم اتذمر من انتشاره في محيطي السكني، أو انزعج من أصوات هدلهم وحركتهم فوق أجهزة التكييف وتساقط مخلفاتهم على السطح. فلطالما تعودت على رؤيته في محطينا، واثناء زياراتي لمكة والمدينة التي يكثر فيها «حمام الحمى» المعروف ايضًا بـ «حمام رب البيت». فضلًا عن رؤيته في الحدائق والميادين العامة في مدن أمريكا وأوروبا التي زرتها، يطيرون ويأكلون مما على الأرض من حبوب دون أن يؤذوا أو يؤاذوا، ويضفون على المارة والمتنزهين جو من الود والوئام.
فقمت بالبحث والاطلاع على ما نشر أو كتب عنه في الشبكة المعلوماتية من مقاطع فيديوهات ومقالات للوقوف على حقيقة منافعه من اضراره وأهميته للبشرية، خصوصًا وأن ظاهرة انتشاره في الأحياء السكنية أصبحت ملحوظة في أرجاء مدننا منذ سنوات. ولاحظت وجود انتقادات للظاهرة وممارسات المجتمع في طريقة الإطعام العشوائي للطيور، وتربية الحمام في الأماكن السكنية. واتفق مع بعض تلك الانتقادات خصوصًا تلك الممارسات من قبل الذين يلقون بفضلات أطعمتهم على الطرقات والأماكن العامة لإطعام الطيور.
ولكن ما أثار انتباهي واستوقفني خلال البحث الذي قمت به كتاب بعنوان «الحمام وطيور الزينة» للأستاذ الدكتور حسين عبد الحي قاعود. أستاذ صحة الحيوان والدواجن والأسماك والبيئة بكلية الطب البيطري بجامعة القاهرة والذي خلص في مقدمة كتابة إلى أن "الحمام من الطيور الجميلة التي عرفها الإنسان منذ قديم الأزل وتُوارثت تربيته، وهو رمز للحب والسلام. الحمام يتميز بسهولة تربيته، ولا يحتاج إلى عناية فائقة، كما أنه لا يحتاج إلى مساكن تتكلف كثيرًا، وإنما تتكلف نفقات قليلة. وتربيته ليست للهواية فقط، وقد تستخدم كمشروع تجاري مربح لا يحتاج إلى رأس مال كبير، ولا إلى مساحات كبيرة. وهو يتضاعف في فترات قصيرة".
فحفزني ذلك على قراءة المزيد عن تاريخ الحمام، أنواعه، طبائعه وعاداته، تربيته والغرض منها، المشاركة به في المسابقات، مقارنة بين تربيته وتربية الدجاج، الفرق بين الحمام واليمام. والأهم من ذلك كله نشر الوعي بأهمية طيور الحمام. وخلصت من إجمالي ما قرأت إلى نتيجة مفادها بان ظاهرة انتشار الحمام في عالمنا نعمة قد نكون غافلون عنها، وعلينا ان نستثمرها قبل أن نفقدها.
فالحمام تعايش معه الإنسان وانتفع به في أغراض مختلفة منها الغذاء، والبريد والحروب والمسابقات الرياضية، وغير ذلك. وتغنى به الشعراء كما قال الناقد الأدبي الدكتور عبد الرحيم حمدان حمدان أنه "من أكثر الأطيار وروداً على ألسنة الشعراء؛ لما يتمتع به من جمال فاتن، وتنوع في الأشكال والألوان، وما يصدر عنه من غناء شجي، وتغريد عذب، يثير في النفس أشجانها، ويهيج في القلب أحزانه".
وأن في تربيته فرص استثمارية وترفيهية ورياضية، فضلا عن الفوائد الغذائية الجمة فوفقًا لما لموقع "Dr. health benefits" يحتوي لحم الحمام على كمية عالية من البروتين والمعادن التي تساعد في نمو جسم الأطفال والبالغين، وزيادة كفاءة جهاز المناعة ووظيفة الغدة الدرقية، تحسين وظائف الكلى والكبد، تقوية الذاكرة والذكاء، خفض ضغط وسكر الدم، صحة الشعر والأظافر، تقليل الشعور بالإنهاك، الخصوبة، الوقاية من العديد من الأمراض مثل مرض جذور الحرة، التهاب المفاصل الروماتويدي، آلام العضلات، أمراض القلب والسرطان، والعديد من الفوائد الصحية الأخرى. كما أن روثه يعتبر من أفضل أنواع الأسمدة لتغذية التربة، فهو سماد عضوي يتفرد بأنه مناسب لجميع النباتات حيث انه يحتوي على 20% بوتاسيوم و5% نيتروجين. عدا الفوسفور، والكبريت، والمغنيسيوم وعناصر قيمة أخرى ضرورية لنمو وتطور النبات.
ولابد من التنبيه بأن تربية الحمام قد تتسبب في الإصابة ببعض الأمراض البكتيرية والطفيلية والفيروسية وأمراض أخرى جميعها مرتبطة ببيئته ولها علاجات وطرق وقاية لابد من اتباعها مثل تطهير المسكن والأدوات المستخدمة مثل العلافات والمساقى والتحصين بالمصل الواقي.
وبالعودة إلى موضوعنا الأساسي لاحظت مؤخرًا غياب الحمام عن الأماكن التي تعودت على رؤيته فيها، ولخوفي أن يكون قد أصابه ما حذر منه الخطيب بتعرضه للإبادة والقتل بسبب كثرته. ورجائي ألا يكون ذلك قد حدث فعلًا، وأن يتم استبدال فكرة التخلص منه إلى تربيته واستثماره. وإيجاد بيئة صحية ملائمة لاجتذابه بتنمية وتطوير الحدائق العامة المنشرة في الأحياء السكنية، وتوعية المجتمع وتثقيفه في كيفية العناية بالبيئة وإطعامه بصورة حضارية وصحية، مع وضع غرامات جزائية صارمة على من يلقون فضلات أطعمتهم في الشوارع والأماكن العامة. واستثماره أيضًا في التطوير السياحي باستحداث بطولة عالمية لسباقات الحمام واستعراضاتها الفنية والجمالية. والاستفادة من أسمدتها في مبادرة "السعودية الخضراء"، و"الشرق الأوسط الأخضر".
واختم دردشتي هذه بأبيات من قصيدة (عروس الروض) لشاعر المهجر إلياس فرحات:
يا عروس الروض يا ذات الجناح.. يا حمامة
سافري مصحوبة عند الصباح.. بالسلامة
واحملي شكوى فؤاد ذي جراح.. وهيامه
أسرعي قبل يشتد الهجير.. بالنزوحِ
واسبحي ما بين أمواج الأثير.. مثل روحي
وإذا لاح لك الروض النضير.. فاستريحي
رفرفي في روضة الأفق الجميل.. واستكني
وانظري محبوبتي عند الأصيل.. ثم غني
فهي إن تسألك عن صب عليل.. فهو عني
والفيديو الآخر لخبير بيئي انتقد الظاهرة وأشار إلى ما قد تحدثه من أضرار بيئية وصحية بانتقال بعض الأمراض عن طريقها أو من فضلاتها. وطالب بوضع الخطط واتخاذ إجراءات للحد من انتشارها.
فأثار كلامهما اهتمامي وفضولي حيث إن نظرتي تجاه الحمام بأنها من مخلوقات الطيور التي بعثها الله لخير قد لا نعلمه. لذلك لم اتذمر من انتشاره في محيطي السكني، أو انزعج من أصوات هدلهم وحركتهم فوق أجهزة التكييف وتساقط مخلفاتهم على السطح. فلطالما تعودت على رؤيته في محطينا، واثناء زياراتي لمكة والمدينة التي يكثر فيها «حمام الحمى» المعروف ايضًا بـ «حمام رب البيت». فضلًا عن رؤيته في الحدائق والميادين العامة في مدن أمريكا وأوروبا التي زرتها، يطيرون ويأكلون مما على الأرض من حبوب دون أن يؤذوا أو يؤاذوا، ويضفون على المارة والمتنزهين جو من الود والوئام.
فقمت بالبحث والاطلاع على ما نشر أو كتب عنه في الشبكة المعلوماتية من مقاطع فيديوهات ومقالات للوقوف على حقيقة منافعه من اضراره وأهميته للبشرية، خصوصًا وأن ظاهرة انتشاره في الأحياء السكنية أصبحت ملحوظة في أرجاء مدننا منذ سنوات. ولاحظت وجود انتقادات للظاهرة وممارسات المجتمع في طريقة الإطعام العشوائي للطيور، وتربية الحمام في الأماكن السكنية. واتفق مع بعض تلك الانتقادات خصوصًا تلك الممارسات من قبل الذين يلقون بفضلات أطعمتهم على الطرقات والأماكن العامة لإطعام الطيور.
ولكن ما أثار انتباهي واستوقفني خلال البحث الذي قمت به كتاب بعنوان «الحمام وطيور الزينة» للأستاذ الدكتور حسين عبد الحي قاعود. أستاذ صحة الحيوان والدواجن والأسماك والبيئة بكلية الطب البيطري بجامعة القاهرة والذي خلص في مقدمة كتابة إلى أن "الحمام من الطيور الجميلة التي عرفها الإنسان منذ قديم الأزل وتُوارثت تربيته، وهو رمز للحب والسلام. الحمام يتميز بسهولة تربيته، ولا يحتاج إلى عناية فائقة، كما أنه لا يحتاج إلى مساكن تتكلف كثيرًا، وإنما تتكلف نفقات قليلة. وتربيته ليست للهواية فقط، وقد تستخدم كمشروع تجاري مربح لا يحتاج إلى رأس مال كبير، ولا إلى مساحات كبيرة. وهو يتضاعف في فترات قصيرة".
فحفزني ذلك على قراءة المزيد عن تاريخ الحمام، أنواعه، طبائعه وعاداته، تربيته والغرض منها، المشاركة به في المسابقات، مقارنة بين تربيته وتربية الدجاج، الفرق بين الحمام واليمام. والأهم من ذلك كله نشر الوعي بأهمية طيور الحمام. وخلصت من إجمالي ما قرأت إلى نتيجة مفادها بان ظاهرة انتشار الحمام في عالمنا نعمة قد نكون غافلون عنها، وعلينا ان نستثمرها قبل أن نفقدها.
فالحمام تعايش معه الإنسان وانتفع به في أغراض مختلفة منها الغذاء، والبريد والحروب والمسابقات الرياضية، وغير ذلك. وتغنى به الشعراء كما قال الناقد الأدبي الدكتور عبد الرحيم حمدان حمدان أنه "من أكثر الأطيار وروداً على ألسنة الشعراء؛ لما يتمتع به من جمال فاتن، وتنوع في الأشكال والألوان، وما يصدر عنه من غناء شجي، وتغريد عذب، يثير في النفس أشجانها، ويهيج في القلب أحزانه".
وأن في تربيته فرص استثمارية وترفيهية ورياضية، فضلا عن الفوائد الغذائية الجمة فوفقًا لما لموقع "Dr. health benefits" يحتوي لحم الحمام على كمية عالية من البروتين والمعادن التي تساعد في نمو جسم الأطفال والبالغين، وزيادة كفاءة جهاز المناعة ووظيفة الغدة الدرقية، تحسين وظائف الكلى والكبد، تقوية الذاكرة والذكاء، خفض ضغط وسكر الدم، صحة الشعر والأظافر، تقليل الشعور بالإنهاك، الخصوبة، الوقاية من العديد من الأمراض مثل مرض جذور الحرة، التهاب المفاصل الروماتويدي، آلام العضلات، أمراض القلب والسرطان، والعديد من الفوائد الصحية الأخرى. كما أن روثه يعتبر من أفضل أنواع الأسمدة لتغذية التربة، فهو سماد عضوي يتفرد بأنه مناسب لجميع النباتات حيث انه يحتوي على 20% بوتاسيوم و5% نيتروجين. عدا الفوسفور، والكبريت، والمغنيسيوم وعناصر قيمة أخرى ضرورية لنمو وتطور النبات.
ولابد من التنبيه بأن تربية الحمام قد تتسبب في الإصابة ببعض الأمراض البكتيرية والطفيلية والفيروسية وأمراض أخرى جميعها مرتبطة ببيئته ولها علاجات وطرق وقاية لابد من اتباعها مثل تطهير المسكن والأدوات المستخدمة مثل العلافات والمساقى والتحصين بالمصل الواقي.
وبالعودة إلى موضوعنا الأساسي لاحظت مؤخرًا غياب الحمام عن الأماكن التي تعودت على رؤيته فيها، ولخوفي أن يكون قد أصابه ما حذر منه الخطيب بتعرضه للإبادة والقتل بسبب كثرته. ورجائي ألا يكون ذلك قد حدث فعلًا، وأن يتم استبدال فكرة التخلص منه إلى تربيته واستثماره. وإيجاد بيئة صحية ملائمة لاجتذابه بتنمية وتطوير الحدائق العامة المنشرة في الأحياء السكنية، وتوعية المجتمع وتثقيفه في كيفية العناية بالبيئة وإطعامه بصورة حضارية وصحية، مع وضع غرامات جزائية صارمة على من يلقون فضلات أطعمتهم في الشوارع والأماكن العامة. واستثماره أيضًا في التطوير السياحي باستحداث بطولة عالمية لسباقات الحمام واستعراضاتها الفنية والجمالية. والاستفادة من أسمدتها في مبادرة "السعودية الخضراء"، و"الشرق الأوسط الأخضر".
واختم دردشتي هذه بأبيات من قصيدة (عروس الروض) لشاعر المهجر إلياس فرحات:
يا عروس الروض يا ذات الجناح.. يا حمامة
سافري مصحوبة عند الصباح.. بالسلامة
واحملي شكوى فؤاد ذي جراح.. وهيامه
أسرعي قبل يشتد الهجير.. بالنزوحِ
واسبحي ما بين أمواج الأثير.. مثل روحي
وإذا لاح لك الروض النضير.. فاستريحي
رفرفي في روضة الأفق الجميل.. واستكني
وانظري محبوبتي عند الأصيل.. ثم غني
فهي إن تسألك عن صب عليل.. فهو عني