دردشات الصومعة: الاثنينية وخوجة.. في ذاكرتي
عندما كنت أعد مقالي الذي نشرته الأسبوع الماضي «عشر سنوات على مقام حجاز ووفاة صاحبها محمد صادق دياب» https://garbnews.net/news/s/193547. رجعت كعادتي في البحث وجمع المعلومات إلى موقعي المفضل الأول (الاثنينية) لاستطلاع معلومات عما إذا كان دياب قد كرم فيها، والتزود بأي معلومات إضافية عنه، ففوجئت بأن الموقع غير متاح!، واظهرت نتاج البحث تفاعلات لحسابات المهتمين بالموقع جلها تأسف على توقف الخدمة فيه من أبريل 2021م، منهم المخرج والمنتج السينمائي محمود صباغ الذي قال في تغريدة نشرها على حسابه في تويتر "تأسفت كثيرا من تعطل الموقع الالكتروني "للإثنينية". من زمن باكر اخذ عبد المقصود خوجة على عاتقه نشر أدب الرواد ورعاية مواسم الأدب. موقع الإثنينية مكتبة رقمية للأدب السعودي والذاكرة السياسية والاجتماعية. أعظم تكريم يستحقه منا الشيخ عبد المقصود هو توفير اللازم لإستمرار مؤسسة "الاثنينية"".
فأحزنني ذلك كثيرًا، لأن الموقع كان عبارة عن مكتبة ثقافية رقمية ضمت 178 مجلدا من إصدارات الاثنينية وأكثر من 33 ألف صورة توثيقية، إلى جانب 500 مادة مرئية لأمسيات التكريم على قناة الاثنينية على «يوتيوب» وحساب على الفيس بوك وتويتر وبث مباشر لحفلات التكريم، التي كانت تتم مساء كل اثنين بدارة مؤسسها الشيخ عبد المقصود خوجة طوال العام باستثناء الإجازة الصيفية بحضور رجال الفكر والصحافة والأدب من داخل المملكة وخارجها للاحتفاء بأحد رموز الشعر والأدب الذين أثروا الساحة ثم توسعت لتشمل رجالات الأدب والثقافة والعلم والفكر وغيرهم من المبدعين من مختلف أنحاء الوطن العربي. وكان أول من احتفي به الأديب والمؤرخ عبد القدوس الأنصاري في انطلاقة الاثنينية «22/01/1403هـ - 08/11/1982م».
وقد ارتبطت الاثنينية وصاحبها بذاكرتي منذ بدأت في مشروع كتابة السيرة الذاتية لجدي الأديب الراحل طاهر زمخشري في مطلع الألفية الثانية، حينما كاتبت كل من عرفت أن له علاقة به لجمع معلومات عنه، وكان من بينهم الشيخ عبد المقصود خوجة الذي ربطته به علاقة وثيقة ومن أكبر الداعمين له اجتماعيًا وأدبيُا، فأكرمني بنسخة من الجزئين الأول والثاني للاثنينية فكانتا بمثابة كنز أدبي لا يقدر بثمن ومرجع هام استندت إليه في تأليف كتابي "الماسة السمراء بابا طاهر زمخشري القرني العشرين الذي أصدرته في العام 2005م.
ثم جمعتني الصدفة للالتقاء المباشر به لأول مرة حينما زار مقر جمعية إبصار الخيرية في 31/08/2013م إبان إدارتي لها، وتعارفنا وأضافني إلى قائمة ضيوف الاثنينية، ومن حينها أصبحت اتردد عليها ومن المداومين على حضورها، وانبهرت جدًا بها وبطريقة تنظيمها وفي كل شيء مرتبط بها من حيث استقبال الضيوف من المتطوعين على رأسهم صاحبها شخصيًا. وإدارة الندوة من قبل اللجنة المنظمة وكلمة صاحب الاثنينية التي يفتتح بها اللقاء، ثم كلمة المكرم والخدمات التي توفر له من شرائح عرض وغير ذلك، وتنظيم جلوس النساء حيث لم يكن معتاد في تلك الفترة حضورهن في مثل هذه الأمسيات. وطريقة إدارة الأسئلة والحوار والنقاش المفتوح عقب كلمة المكرم، وطبيعة جائزة التكريم التي كانت رمزية ذات قيمة معنوية كمصاحف مخطوطة، أو قطعة من كسوة الكعبة وما شابه ذلك. وتختم الأمسية بمأدبة عشاء بنكهة شرقية كل ذلك يتم على خلفية صوت خرير المياه المنبعث من النوافير الموزعة في فناء المنزل، فيعطيك إيحاء وكأن بك في أحد مجالس الأدب في العصر الاندلسي.
وعلى ضوء لقاءاتي به والحديث معه عن بابا طاهر ووضع دواوينه وأعماله الأدبية بادر بإعلان قيام منتدى الإثنينية بجمع وإعادة طباعة دواوين الزمخشري الشعرية وكافة أعماله الأخرى. ونشرها ضمن مجموعة مطبوعات كاملة وتوزيعها ضمن إطار عمل الاثنينية الثقافي في جمع إرث المفكرين والأدباء الذين أثروا الساحة الأدبية السعودية المعاصرة. وبالفعل أوفد سكرتير الاثنينية د. محمد الحسن وشرعنا بجمع ما بحوزتي من مقتنيات أدبية للأديب، ولكن ظروف مرض الشيخ عبد المقصود وتوقف الاثنينية حالا دون استكمال المشروع.
ولا أنسى تلك الليلة المميزة من أمسية الاثنينية (416) «26/01/1434هـ» التي احتفي فيها بالبروفسيور د. زهير يوسف الهليس كبير استشاري جراحة القلب والصدر والأوعية الدموية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، رئيس جمعية جراحة قلب الاطفال العالمية نظير إنجازاته المحلية والدولية، الذي جمعتني به ذكرى إنسانية حينما أجرى عملية جراحة قلب مفتوح لابني سندس بعد عشرة أيام من ولادته في 25 أكتوبر 1992م استمرت لمدة 8 ساعات ساهمت بفضل الله في انقاذ حياته. وأجرى له عملية قلب مفتوح أخرى بعد عامين من العملية الأولى. وكنت قد اصطحبت معي ابني سندس إلى تلك الأمسية لجمعه بالطبيب الذي أنقذ حياته وهو في المهد، فكان لقاء مثير بعد تعريفي له بنفسي وابني سندس وتذكيره بالعملية بعد 24 عام من إجرائها.
وبالعودة إلى موقع الاثنينية الإلكتروني فإنني أناشد نجله الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود خوجة بالعمل على إعادة إطلاق الموقع ليستعيد مكانته كمرجع معلوماتي متفرد عن الشخصيات التي كرمت وموسوعة أدبية موثقة من أفواه أصحابها، كما كان عليه بمثابة شمعة تضيء الطريق للباحثين والمهتمين بتراجم أعلام الشعر والأدب والفكر في الوطن العربي، كما أضم صوتي إلى النخب التي اقترحت ان يتم تطوير الاثنينية لتكون مركز ومنتدى ثقافي أدبي باسم مؤسسها للحفاظ على ذكراه وجهوده التي بذلها. وأن يكون للمركز مجلس إدارة وإدارة تنفيذية تقوم بوضع خطط العمل والإشراف على إدارة النشاطات الثقافية والفكرية فيه بالتعاون مع وزارة الثقافة والجهات المعنية كالأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون. واختم دردشتي بجميل ما قاله الشاعر خالد المحاميد مدحا بالشيخ عبد المقصود خوجة.
يا سيدي والقول فيك رواية
كتبت عظيم فصولها الأفعال
إن كنت أخفيت المكارم زاهدًا
فلها لسان فاضح ومقال
فأحزنني ذلك كثيرًا، لأن الموقع كان عبارة عن مكتبة ثقافية رقمية ضمت 178 مجلدا من إصدارات الاثنينية وأكثر من 33 ألف صورة توثيقية، إلى جانب 500 مادة مرئية لأمسيات التكريم على قناة الاثنينية على «يوتيوب» وحساب على الفيس بوك وتويتر وبث مباشر لحفلات التكريم، التي كانت تتم مساء كل اثنين بدارة مؤسسها الشيخ عبد المقصود خوجة طوال العام باستثناء الإجازة الصيفية بحضور رجال الفكر والصحافة والأدب من داخل المملكة وخارجها للاحتفاء بأحد رموز الشعر والأدب الذين أثروا الساحة ثم توسعت لتشمل رجالات الأدب والثقافة والعلم والفكر وغيرهم من المبدعين من مختلف أنحاء الوطن العربي. وكان أول من احتفي به الأديب والمؤرخ عبد القدوس الأنصاري في انطلاقة الاثنينية «22/01/1403هـ - 08/11/1982م».
وقد ارتبطت الاثنينية وصاحبها بذاكرتي منذ بدأت في مشروع كتابة السيرة الذاتية لجدي الأديب الراحل طاهر زمخشري في مطلع الألفية الثانية، حينما كاتبت كل من عرفت أن له علاقة به لجمع معلومات عنه، وكان من بينهم الشيخ عبد المقصود خوجة الذي ربطته به علاقة وثيقة ومن أكبر الداعمين له اجتماعيًا وأدبيُا، فأكرمني بنسخة من الجزئين الأول والثاني للاثنينية فكانتا بمثابة كنز أدبي لا يقدر بثمن ومرجع هام استندت إليه في تأليف كتابي "الماسة السمراء بابا طاهر زمخشري القرني العشرين الذي أصدرته في العام 2005م.
ثم جمعتني الصدفة للالتقاء المباشر به لأول مرة حينما زار مقر جمعية إبصار الخيرية في 31/08/2013م إبان إدارتي لها، وتعارفنا وأضافني إلى قائمة ضيوف الاثنينية، ومن حينها أصبحت اتردد عليها ومن المداومين على حضورها، وانبهرت جدًا بها وبطريقة تنظيمها وفي كل شيء مرتبط بها من حيث استقبال الضيوف من المتطوعين على رأسهم صاحبها شخصيًا. وإدارة الندوة من قبل اللجنة المنظمة وكلمة صاحب الاثنينية التي يفتتح بها اللقاء، ثم كلمة المكرم والخدمات التي توفر له من شرائح عرض وغير ذلك، وتنظيم جلوس النساء حيث لم يكن معتاد في تلك الفترة حضورهن في مثل هذه الأمسيات. وطريقة إدارة الأسئلة والحوار والنقاش المفتوح عقب كلمة المكرم، وطبيعة جائزة التكريم التي كانت رمزية ذات قيمة معنوية كمصاحف مخطوطة، أو قطعة من كسوة الكعبة وما شابه ذلك. وتختم الأمسية بمأدبة عشاء بنكهة شرقية كل ذلك يتم على خلفية صوت خرير المياه المنبعث من النوافير الموزعة في فناء المنزل، فيعطيك إيحاء وكأن بك في أحد مجالس الأدب في العصر الاندلسي.
وعلى ضوء لقاءاتي به والحديث معه عن بابا طاهر ووضع دواوينه وأعماله الأدبية بادر بإعلان قيام منتدى الإثنينية بجمع وإعادة طباعة دواوين الزمخشري الشعرية وكافة أعماله الأخرى. ونشرها ضمن مجموعة مطبوعات كاملة وتوزيعها ضمن إطار عمل الاثنينية الثقافي في جمع إرث المفكرين والأدباء الذين أثروا الساحة الأدبية السعودية المعاصرة. وبالفعل أوفد سكرتير الاثنينية د. محمد الحسن وشرعنا بجمع ما بحوزتي من مقتنيات أدبية للأديب، ولكن ظروف مرض الشيخ عبد المقصود وتوقف الاثنينية حالا دون استكمال المشروع.
ولا أنسى تلك الليلة المميزة من أمسية الاثنينية (416) «26/01/1434هـ» التي احتفي فيها بالبروفسيور د. زهير يوسف الهليس كبير استشاري جراحة القلب والصدر والأوعية الدموية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، رئيس جمعية جراحة قلب الاطفال العالمية نظير إنجازاته المحلية والدولية، الذي جمعتني به ذكرى إنسانية حينما أجرى عملية جراحة قلب مفتوح لابني سندس بعد عشرة أيام من ولادته في 25 أكتوبر 1992م استمرت لمدة 8 ساعات ساهمت بفضل الله في انقاذ حياته. وأجرى له عملية قلب مفتوح أخرى بعد عامين من العملية الأولى. وكنت قد اصطحبت معي ابني سندس إلى تلك الأمسية لجمعه بالطبيب الذي أنقذ حياته وهو في المهد، فكان لقاء مثير بعد تعريفي له بنفسي وابني سندس وتذكيره بالعملية بعد 24 عام من إجرائها.
وبالعودة إلى موقع الاثنينية الإلكتروني فإنني أناشد نجله الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود خوجة بالعمل على إعادة إطلاق الموقع ليستعيد مكانته كمرجع معلوماتي متفرد عن الشخصيات التي كرمت وموسوعة أدبية موثقة من أفواه أصحابها، كما كان عليه بمثابة شمعة تضيء الطريق للباحثين والمهتمين بتراجم أعلام الشعر والأدب والفكر في الوطن العربي، كما أضم صوتي إلى النخب التي اقترحت ان يتم تطوير الاثنينية لتكون مركز ومنتدى ثقافي أدبي باسم مؤسسها للحفاظ على ذكراه وجهوده التي بذلها. وأن يكون للمركز مجلس إدارة وإدارة تنفيذية تقوم بوضع خطط العمل والإشراف على إدارة النشاطات الثقافية والفكرية فيه بالتعاون مع وزارة الثقافة والجهات المعنية كالأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون. واختم دردشتي بجميل ما قاله الشاعر خالد المحاميد مدحا بالشيخ عبد المقصود خوجة.
يا سيدي والقول فيك رواية
كتبت عظيم فصولها الأفعال
إن كنت أخفيت المكارم زاهدًا
فلها لسان فاضح ومقال