المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024
محمد بالفخر
محمد بالفخر

22مايو ذكرى باهتة

في 22 مايو 1990م احتفل اليمنيون بإعلان توحدهم في دولة واحدة ذابت خلالها هوية الدولتين السابقتين في دولة واحدة تسمى الجمهورية اليمنية وأعدّها الوحدويون العرب خطوة عظيمة نحو إعادة تحقيق الوحدة العربية الكبرى التي مزقتها على أرض الواقع خرائط سايكس وبيكو وثبتتها منظمة هزلية تدعى الجامعة العربية لم يذكر لها منذ التأسيس خطوة إيجابية واحدة تجعل من هذه الأمة العظيمة أمة ذات شأن رغم كثرة مؤتمراتها وميزانياتها والتي لم تعد ذات أهمية أو حتى يلقي لها المواطن العربي بالاً او يعلق عليها أملاً، وتبخرت تلك الشعارات القومجية العربية البراقة (حرية، اشتراكية، وحدة) وعلى الرغم من سيطرة أصحابها على مقاليد الحكم في معظم الدول إلا أنهم لم يخطو خطوة واحدة للتحرر من واقع تم فرضه وخطط له بدقة بالغة لنعيش التمزيق والتمزق بحذافيره وبأبشع صوره.

جاء 22 مايو اليمني محققا الحلم الوحدوي العربي في حده الأدنى باندماج دولتين يحملان اسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية في دولة واحدة تسمى (الجمهورية اليمنية) وارتفع العلم الجديد وعاش الشعب أفراحا بهذا العرس الوحدوي الجميل بغض النظر عن الأسباب التي هيأته وعن أهداف صانعيه الا أن الفرحة الشعبية وصل صداها لكل الشعوب العربية وبالذات الشعب الفلسطيني الذي مازال يرزح تحت الاحتلال الصهيوني ومؤملاً في هذا الحدث الوحدوي أن يكون الخطوة الأولى لتوحيد الأمة قاطبة ليسهل استئصال الورم الخبيث التي تمت زراعته في ارض فلسطين العربية من قبل أعداء الأمة،

وأما الفرحة الداخلية فقد بلغت مداها داخليا وبالذات جنوبا وفي عدن وحضرموت على وجه التحديد معلنة الانعتاق من ربع قرن تحت وطأة حكم شيوعي شمولي انبثق عن حركة القوميين العرب واعتنق الماركسية اللينينية وطبقها بأبشع صورة من موطن انبعاثها ووضع البلاد والعباد في سور حديدي وفصله عن محيطه العربي والإسلامي، ذاق المواطنين خلالها مرارة العيش والتنكيل والمعتقلات والسجون السرية وزوار الفجر والطوابير الطويلة للحصول على حصة تموينية غذائية لاحتياجاتهم الضرورية وليس الكمالية،

وأما النخب السياسية والمثقفة فكانت فرحتها أعظم بهذا المنجز العظيم حيث أصبح بإمكانها ممارسة العمل السياسي المعلن وخاصة ان اتفاقية الوحدة اقترنت بحرية التعددية السياسية والحزبية والتي لم تكن متاحة إلا تحت عباءة الحاكم الفضفاضة شمالا وأما جنوباً فقد كانت من المحرمات ومن كبائر الموبقات ويُرهبها ذلك الشعار المرفوع في كل شارع وفوق كل مبنى (لا صوت يعلو فوق صوت الحزب)

وايضاً وهو المهم فقد تنفس الناس الصعداء في الجنوب على وجه الخصوص فلن يروا مذابح المتصارعين على الحكم كل ثمان سنوات وبالتالي لن يكتووا بنيران صراع الرفاق المتجدد،

مضت الأيام سريعاً وبدأت ملامح الأفراح تتلاشى رويداً رويدا ودخلت الحسابات التي لم تكن حاضرةٌ في لحظات انهيار جدار برلين ومشاهد ملاحقة الجماهير الثائرة في رومانيا للرفيق تشاوشيسكو وتطويق المجاهدين في كابل للرفيق حفيظ الله امين، وانهيار المنظومة الاشتراكية العظمى برمتها على يد الرفيق جورباتشوف،

دخلت البلاد بعدها منعطفات سياسية حادة وكاد أن يدفن حلم 22 مايو سريعاً وإن كان من موقف إيجابي صلب يحسب للرئيس السابق علي صالح هو الحفاظ على منجز 22 مايو واجهاض مشروع التمرد والانفصال الذي قاده شريكه السابق ليعود بالوضع الى ما كان عليه قبل عام 1990م.

فعلاً حافظ علي صالح مرحلياً على هذا المنجز في ذلك الوقت قبل أن يسلمه على طبق من ذهب بتسليم العاصمة صنعاء لمليشيات كهوف مران بدعم انقلابها ليس على 22 مايو فحسب بل على ثورتي سبتمبر واكتوبر لتعود لنا ذكرى 22 مايو باهتة وحزينة،

فمن سيزيح عنها هذه الملامح؟ انا لمنتظرون..
بواسطة : محمد بالفخر
 0  0  8.6K