ما هكذا تُوردُ الإبلُ
خلال ربع قرن قدمت حضرموت نموذجاً لا يستهان به من النشاط السياسي المنبثق من التعددية السياسية التي جاءت بها وحدة 22مايو1990م بعد ربع قرن مضى من نظام شمولي متسلط يحبس الانفاس ويحصي حركاتك وسكناتك بعد أن رفعوا شعارهم الشهير (لا صوت يعلو فوق صوت الحزب) فكانت نتيجة الانتخابات البرلمانية وتحديدا في نسختها الثانية في عام 1997م هي أبرز ملامح ذلك النموذج الأمثل عندما كان على رأس السلطة في المحافظة أحد الرجال المميزين ممن يستحق أن يطلق عليه صفة رجل دولة بما تحمله الكلمة من معنى،
ورغم ما تعرضت لها تلك التجربة الجميلة فيما بعد من تشوهات جراء سياسة عفاش الاستحواذية الا أن حضرموت ورجالها وشبابها بقيت هي الأمثل والأكثر حكمة سياسية وحيادية وابتعادا عن صراعات الأجنحة المختلفة في الغالب لكن ما جرى في الستة الأعوام الأخيرة ربما افقد صفة الأفضلية النسبية التي تمتعت بها حضرموت او لنقل ابتعدت بعض الشيء بسبب انخداع البعض بذلك السراب الذي يحسبه الظمآن ماء، ولكن رغم سلبية البعض الذي يحاول النأي بنفسه عن مجريات الأحداث الا أن هناك فئة أخرجهم الوضع المتردي والذي غالبا تضرر منه الجميع وفي وجود ما يمكن أن نسميه مظاهر دولة قرروا ممارسة حقهم الدستوري في الاعتراض بسلمية فقاموا بتنظيم وقفات احتجاجية منذ عدة أشهر امام ديوان المحافظة كل يوم خميس ولمدة عشرة دقائق يرفعون بعض اللافتات المطالبة للسلطة المحلية بحقوق المواطن داخل المحافظة من تحسين الخدمات والاحتياجات الضرورية وفتح مطار الريان الذي مازال مغلقا امام الطيران المدني دون سبب مقنع على الرغم من الوعود الكثيرة بفتحه وتذهب تلك الوعود ادراج الرياح على الرغم أن وسائل التواصل قد امتلأت بتلك الأخبار الكاذبة التي تعد بفتحه بين الحين والآخر ويمنون المواطن بافتتاح صالة لا مثيل لها تساوي في هندستها وامكانياتها ارقى المطارات الشهيرة في العالم، وبالتالي ستخفف المعاناة والأضرار التي تعرض لها أبناء حضرموت وغيرهم، بسبب هذا الاغلاق المجحف والمسكوت عنه من قبل السلطة المحلية بالمحافظة على وجه الخصوص ومن قبل الحكومة بشكل عام، هذا وغيره من الخدمات الضرورية طالب بها كل من شارك في الوقفة الاحتجاجية وقفة في غاية المثالية تمثل النموذج الحضرمي المميز في اخلاقه وسلوكه المعروف عنه لا يقطعون شارعاً امام المارّة ولا يعطلون حركة السير كما كان يفعل أصحاب (الحصيان)
ولا يرفعون لافتات اسقاط النظام أو تغيير المحافظ ولا يتلفظون بألفاظ نابية ولا يدعون لحزب ولا لمكوّن سياسي، وكيف سيحدث ذلك وهم مجموعة من المثقفين والمتعلمين والذين يشار لهم بالبنان في أعمالهم ومناطق سكنهم، وقفات لم تقطع طريق أو تمارس شغبا أو توقف حياة،
وبدلا من الاستماع لمطالبهم التي ليست شخصية بل حقوق وأبسط الحقوق والتفاعل معها بإيجابية، فما الذي جرى يوم الخميس الماضي؟ انتشار أمني في نفس موقع الوقفة وحملة اعتقالات طالت عدد منهم، والمؤسف أنها جاءت بعد مقطع متداول لمحافظ حضرموت وبجواره أحد الأشخاص يتحدث عن هذه الوقفة التي وصفها انها مدعومة من جهات خارجية ويطالبه بوضع حدٍ لها وللأسف جاراه أبو سالمين فيما قاله وهذه أسوأ شماعة وأسلوب لا يليق حقيقة في التعامل مع معاناة الناس ونربأ بالأخ المحافظ أن يمارس تعسفا تجاه محتجين سلميين دون النظر فيما خرجوا لأجله ومعالجته ووضع الحلول العاجلة للتخفيف من معاناة الناس.
ولهذا نكرر ما بدأنا به ما هكذا تورد الإبل!