المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 25 نوفمبر 2024

عاصفة الحزم : المفاجأة السعودية والاضطراب الإيراني

جمال سلطان :

الحملة التي قادتها المملكة العربية السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن فجر اليوم فاجأت الجميع ، وحتى ساعات قليلة مضت لم يكن أحد يتصور أن تخوض السعودية المواجهة بهذا المستوى من القدرة والحزم والحسم ، بل إن ديبلوماسيين سعوديين تعمدوا أن يطلقوا تصريحات "خداعية" قبل يوم واحد من (عاصفة الحزم) يؤكدون فيها أن استعدادات المملكة على الحدود هي إجراء دفاعي بحت ، وعليه رتب الحوثيون وحليفهم المتآمر الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح خططهم لاقتحام عدن ، عاصمة الجنوب ، فجر اليوم بعد أن فرضوا الحصار عليها من جميع الجهات ، إلا أن "العاصفة" سبقتهم ، وقام الطيران السعودي بمشاركة طيران من عدة دول عربية بهجوم واسع النطاق ، أوقف زحف الحوثيين إلى عدن واضطرهم إلى الهروب باتجاه الشمال ، وخسروا قاعدة العند الجوية الاستراتيجية كما خسروا مطار عدن وفي طريقهم لخسائر متتالية خلال الأيام القليلة المقبلة ، إذا استمرت عاصفة الحزم على هذا المستوى من الإصرار والحزم .

* * العملية السعودية هي في جوهرها أيضا عملية دفاعية ، لأن الحوثيين أطلقوا الأسبوع الماضي ، وهم في غمرة نشوة النصر ، تهديدات صريحة للمملكة بأنها الهدف المقبل ، وأن عرش آل سعود سيتم الإطاحة به إذا فكروا في التدخل باليمن ، وقاموا باستعراض قوة على حدود المملكة بإجراء مناورات عسكرية بالأسلحة الثقيلة ، وكل تلك إشارات بالغة الاستفزاز والخطر ، ولا يمكن لأي دولة ذات سيادة أن تتجاهلها ، أو أن تنتظر حتى يدخل المتمردون عليها مدنها وقراها ، خاصة وأنهم فعلوا ذلك العدوان من قبل في 2009 واعتدوا على الأراضي السعودية وقتلوا بعضا من الجنود ، وبالتالي فالعملية السعودية مشروعة تماما ، إضافة إلى شرعية أخرى بأن التحرك كان بطلب من الرئيس الشرعي لليمن عبد ربه منصور هادي ، ولعل هذا ما جعل هناك إجماعا عربيا ، باستثناءات طفيفة معظمها طائفية ، على دعم السعودية في معركتها المشروعة وتأييد العمليات ، وإبداء أكثر من دولة استعدادها للمشاركة دعما للقوات السعودية .

* * *عنصر المفاجأة لم يكن وحده الذي ميز العمليات العسكرية السعودية ، بعد تمويه بأنهم لا يفكرون في التدخل ، بل إن السرية في تخطيط العمليات والدقة في تحديد أولويات الأهداف في المرحلة الأولى ، حيث تم تدمير قواعد الدفاع الجوي في اليمن بكاملها حسب ما نقلت الوكالات ، بما يسمح بأن تكون السيادة في الأجواء اليمنية لطيران التحالف العربي بقيادة السعودية ، وأيضا دقة التصويب للأهداف المقصودة ، كل ذلك كشف عن تطور حقيقي في القدرات العسكرية السعودية ، وخاصة سلاح الجو ، وهو ما أطلق موجة من الانتشاء في الأوساط السعودية ، وتفاؤلا غير مسبوق بسياسات العاهل السعودي الجديد الملك سلمان . العمليات العسكرية العربية في اليمن أصابت إيران بارتباك كبير ، لأنها لم تتصور أن يقع مثل هذا التدخل في ظل حالة من الترهل في السياسة العربية والتردد في اتخاذ القرارات المصيرية في وقت لم يعد يسمح بمثل هذا التردد ، كانت إيران تراهن على أن حالة "الخوف" التي صنعتها وروجتها مؤخرا في العالم العربي بأن أذرعها العسكرية تمتد الآن إلى البحر المتوسط "حزب الله" وإلى البحر الأحمر "الحوثيين" ، سوف تمنع أي "مغامرة" عسكرية عربية في أي منطقة ، كما راهنت القيادة الإيرانية على أن أي تحرك عسكري عربي ـ إن وقع ـ لن يكون قبل القمة العربية في شرم الشيخ ، ووقتها سيكون الأمر قد انتهى بدخول عدن واعتقال الرئيس ومساعديه ، وهذا ما انعكس بوضوح على الإعلام الإيراني والموالي لإيران عربيا ، حيث كان في حالة اضطراب وهستيريا منذ الصباح الباكر على وقع العمليات العسكرية في اليمن ، كانت إيران تمني نفسها فجر اليوم بسماع حسم موقعة عدن ورفع صور خامنئي في شوارعها ، إلا أنها فوجئت باندحار المتمردين وتشظي قواتهم المحاصرة لعدن ثم تراجعها وانكسارها وهروبها إلى الشمال وخسارتها معظم المواقع التي استولت عليها مؤخرا .

* *الحملة التي تقودها السعودية مصيرية ، ليس فقط من أجل اليمن ، وإنما هي رسالة لإيران بأن الخليج العربي ومعه تضامن عربي وإسلامي واسع ، لن يسمح بعد اليوم بتهديد وجوده وأمنه القومي ، وأنه يملك قدرات ردع كافية ، كما أن هذه العمليات من المؤكد أنها ستنعكس على تقديرات وحسابات مستقبلية للأوضاع في سوريا والعراق ، ويبقى من المهم للغاية أن تعمل هذه الحملة بالتنسيق مع القوى الفاعلة على الأرض في اليمن من أبناء اليمن ، الحراك الشعبي والقبائل ، فالمعركة مع الحوثيين هي معركتهم بالأساس ، والحملة العربية هي للدعم والمساندة ، وليست بديلا عن جهاد اليمنيين ضد من أرادوا سرقة ثورتهم وتسليم بلادهم كولاية للامبراطورية الفارسية الجديدة .

[email protected]

twitter: @GamalSultan1

بواسطة :
 0  0  17.3K