"عاصفة الحزم".. هل تعيد الروح للعرب؟
طه خليفة :
نمت بعد منتصف ليلة الخميس بعد أن أرسلت مقالي لـ "المصريون" بعنوان " هل بقي للعرب شيء في اليمن؟"، وفيه اتحسر على حالة العرب حيث* يضيع منهم اليمن كاملا لصالح إيران، فالحوثيون كانوا في الساعة الأخيرة من انقلابهم على الحوار والحلول السلمية والشراكة الوطنية والشرعية الدستورية لإكمال احتلال جنوب اليمن بدعم وتنسيق وتخطيط حليفهم اليوم وعدوهم السابق الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وكان ذلك يعني فرض شرعية القوة المسلحة والأمر الواقع على اليمن كله شمالا وجنوبا من جماعة متمردة وميليشيا عسكرية ورئيس سابق أسقطته ثورة شعبية، وبالتالي يتحول آخر رمز للشرعية وهو الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي إلى رئيس مطارد في مخابيء اليمن، أو رئيس لاجيء في الخارج ثم يطويه النسيان، وبذلك تكون إيران قد وضعت يديها على بلد عربي رابع بالكامل ودون احتلال مباشر منها أو تكلفة ضخمة، احتلال هاديء وناعم.
وخطورة سيطرة إيران على اليمن أنها تصبح على الحدود الجنوبية الشاسعة للسعودية، تحاصرها وتشاغلها وتلاعبها وتعبث في أمنها بشكل مباشر عبر عميلها المحلي الحوثي وبالضرورة ميليشيات الحرس الثوري الإيراني وكل الميليشيات المذهبية الأخرى التابعة لها، موقف كارثي للسعودية التي تعتبرها إيران الخصم الخليجي الأهم لها، وهز استقرار المملكة وإزعاجها هو هدف إيراني استراتيجي ولذلك نتضامن دوما مع السعودية لأن مجرد اهتزازها يعني سيطرة سهلة لإيران على كل بلدان الخليج، فالسعودية هى حائط الأمان للخليج العربي كله، وهى ومصر البلدان الحافظان حتى اليوم للوجود العربي وعصمة ماتبقى من عقده على الانفراط.
* * *وفي سيطرة إيران على اليمن كاملا أن تضع يديها على مضيق باب المندب لتتحكم ليس في حركة الملاحة الدولية من وإلى الخليج العربي فقط، بل لتلاعب مصر عبر هذا المضيق حيث يرتبط جانب مهم من الملاحة في قناة السويس ومداخيلها منها بهذا المضيق، وهناك قناة جديدة يجري شقها يمكن عندئذ أن تصير بلا فائدة.
* * إذن التغول الحوثي على اليمن واحتلاله قضية لم يكن يجب السكوت عليها أكثر من ذلك، وقد كنت شبه يائس أن يكون العرب في حالة قدرة على الفعل والتحرك سياسيا أو عسكريا وحتى تصريح الأمير سعود الفيصل قبل يومين بالتدخل لو لم تحل الأزمة سياسيا فهمته على أنه نوع من الضغط على الحوثيين وإيران للتجاوب مع الحوار المنتظر برعاية خليجية، لكن ساء الوضع في اليوم التالي لتصريح الفيصل حيث تحرك الحوثيون وصالح سريعا للسيطرة على جنوب اليمن وإسقاط عدن أهم مدنه وهى التي أعلنها الرئيس هادي عاصمة مؤقتة لليمن بديلا عن صنعاء المحتلة حوثيا ، ومنها ظل يمارس دوره وشرعيته خلال الفترة الماضية بعد فراره من قبضة الحوثيين.
* * * *قلت لصديق لي ليلة الأربعاء أنني بعد التطورات الخطيرة اليوم في عدن توقعت عقد اجتماع قمة عاجل يسمى اجتماع* 6+1 أي دول مجلس التعاون ومصر، ولا مانع أن ينضم الأردن ، ولا مانع ألا تشارك فيه سلطنة عمان بسبب موقفها الحيادي في الشأن العربي والدولي، علاوة على أنها هى من هندست التقارب الإيراني الأمريكي لتسهيل التفاوض حول الملف النووي، المهم أن يكون هناك اجتماع قمة عربي عاجل للتصرف، لكني استيقظت فجر الخميس ليس على اجتماع قمة إنما على عملية "عاصفة الحزم" وهى عملية عسكرية عربية واسعة في اليمن لوقف التمدد الحوثي وإعادة تلك الجماعة المتمردة إلى مخابئها في "صعدة" وإنقاذ اليمن والخليج من مخططات إيران.
* * * *كان العرب هذه المرة على قدر الأزمة وخطورتها ولم يكن الوقت للقمم بل للتحرك والعمل وتلك العملية العسكرية الكبيرة لم تكن تمر بالطبع دون تنسيق وموافقة أمريكية وهذا ضروري فأمريكا هى اللاعب الدولي الأهم وهى مفيدة معلوماتيا ولوجستيا، لكن من الجيد أن تكون العملية عربية خالصة بمشاركة إسلامية من باكستان وبوجود خليجي كثيف فلم تتخلف ولا دولة باستثناء عمان وموقفها مفهوم خليجيا وعربيا وهذه العملية كما قلنا في مقال سابق هى مثل الكي أي آخر العلاج فلم يترك الحوثيون منفذا للحوار والتفاهم، فهم شرهون للسلطة وقد أغرتهم قوتهم، وعدم وجود دولة، أو جيش، بل فوضى ودولة فاشلة وهذا الإغراء جعلهم يطيحون بكل أفكار الحوار والحلول السياسية وظنوا أن اليمن دان لهم وأن العرب غارقون في سباتهم والسعودية ستجد نفسها أمام أمر واقع وستسلم في النهاية لهم كحكام على اليمن. من المؤسف أن يتسبب الحوثيون وشريكهم المخلوع صالح ومن وراءهم إيران في سفك الدماء وليس في إحياء النفوس، وفي التخريب والتدمير وليس في التنمية والبناء، وفي الحرب وليس في السلم. "عاصفة الحزم"..
قد تكون بادرة لعودة روح جديدة للعرب.
27-03-2015 02:37 مساءً
0
0
9.2K