تاريخ القانون ودخوله إلى الدول العربية
في درس رائع مع سماحة مفتي فرنسا أستاذ الفقه المقارن والقانون الدولي أ.د. محمد بن جبر الألفي عن تاريخ القانون ودخوله إلى الدول العربية قال: في العالم القديم لم يكن ثمة قانون، إلا قبل خمسة ألاف سنة في حضارة بابل بالعراق، فهمْ أول من سن القانون على يد الملك حمورابي، حيث اتخذ القانون الخاص به، ونقش بلغة المسار على الصخر.
أما في الحضارة الفرعونية فاتخذ المصريون القدماء قانونا خاصا بهم على يد خورسية بمصر قبل 3000آ لاف سنة.
أما اليهود فاتخذوا قانونا خاصا بهم من التوراة والألواح الانثي عشر التي أنزلت على موسى عليه السلام، فعلموا بها مع بعض التحريفات والزيادات والنقص، وغير ذلك من أفعال اليهود.
أما في الحضارة الرومانية فأمر الإمبراطور البيزنطي جيستنيان بعضا من رجال الدين المسيحي في مملكته بانتقاء مجموعة من القوانين الرومانية، وسمي بقانون جيستنيان. وهو عبارة عن مجموعة من القوانين التي كلنت تتبعها العديدُ من الأمم المختلفة، وعرفت هذه المجموعة باسم: كوربس جوريس سيفيلز، وتعني: مجموعة القوانين المدنية، عُرف عن هذه المجموعة أنها من أكبر الإسهامات الرومانية في مجال الحضارة. جمعت بين القوانين الرومانية القديمة والمبادئ القانونية، ممثلة في عدد من القضايا.
قسم علماء القانونِ -والذين قاموا بدراسة قانون جستنيان- القانونَ إلى عدة أقسام :
المبادئ العامة: واستخدمت كتابًا دراسيا لدارسي القانون والمحاماة.
المخطوطة: مجموعة من التشريعات والمبادئ، والقوانين المستحدثة والقوانين الجديدة المقترحة.
مجموعة القوانين: وهي سجل قضائي يُغطي الكثير من المحاكمات والقرارات.
وفي الديانة النصرانية عرف ما يسمى بالقانون الكنسي (الكنيسة) فكان للرجال الذين يعملون في الكنيسية الحق في معاقبة أي شخص أذنب دون معرفته بالقانون المحظور عن النشر.
أما في العصر الحديث فقام نابليون بونابرت الهالك سنة (1821م) بوضع قانون مكتوب منشور للعامة، فمن هذا السياق انتشر القانون من فرنسا للعالم ويعتبر نابيلون أبا القانون المعاصر.
أما عن كيفية دخوله للعالم العربي فإن هذه الدول العربية لا تتحاكم إلا بالأعراف التي كانت سائدة بينهم، فلا قانون عندهم يذكر، فمن مصر كان انطلاق القانون. ففي عام 1882 قام المصريون بمطالبة الإنجليز بالرحيل عن مصر، ووضع دستور لمصر معترف به، وطالب بالمحاكم الشريعة إبان حكم إبراهيم باشا فرضخ الاحتلال الإنجليزي لبعض المطالب إلا أن اختلاف علماء الأزهر كان عائقا لهذه، لمطالبة فكل من علماء المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة رغبوا بأن يكون الحكم بمذهبه فاستغل الإنجليز هذا الخلاف فوضع دستور بلادهم لمصر العمل به مع المحاكم المختلطة حيث تم استقطاب قضاة من جميع أوربا، فكل قاض يحكم بقانون بلاده. استمرت هذا العملية حتى سنة 1919م حيث طالب المصريون مرة أخرى برحيل الإنجليز من مصر إلى ما حول قناة السويس، فتم له ما أراد ومن هنا كانت نقظة البداية، فتم العمل على صياغة دستور وبرلمان جديد لمصر سنة 1923م وتم إلغاء المحاكم المختلطة، وإحلال المحاكم الشرعية، واستمر العمل بهذا الدستور حتى سنة 1936 فكون لجنة لتعديل القانون بقيادة د. عبدالزراق السنهوي فعمل على صياغة القانون والدستور المصري بما يتناسب مع العصر الحديث، وانطلق القانون إلى الدول العربية فأي دولة تتحرر من الاحتلال الإنجليزي تستدعي السنهوري لعمل قانون ودستور يحاكي قانون مصر، فتجد أن في ليبيا وسوريا يُعمَل بنفس قانون مصر. ومن ثَم دخلت القوانين إلى الدول العربية.
دكتوراه في الفقه المقارن، وباحث في القانون الدولي، وعضو المحكمة الدولية.
b_alhnishi@
[email protected]