... قصة سؤال ... قمحة ولا شعيرة؟
من صفات الإنسان أنه عجول، يترقّب الأحداث ويسعى على عجل لمعرفة نتائجها نجاحا أو فشلا، فتراه يسأل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن النتيجة، ومن ذلك سؤاله "قمحة ولا شعيرة؟". من أهم مواضع هذا الترقب عند كافة الشعوب قديما وحديثا معرفة جنس المولود ذكرا أم أنثى. يورِدُ لنا ورق بردي مصري نصّا عمره حوالي 3500عام أن نساء مصر كنّ يتأكّدن من حملهنّ ويتعرّفن كذلك على جنس المولود بطريقة بسيطة ودقيقة هي حبوب القمح والشعير. يوضع حب القمح بإناء وحب الشعير بإناء اخر وكانت المرأة تغمر إلإنائين ببولها، وتتنتظر لفترة من الزمن لظهور النتائج، فتعلن أنها حامل عند نمو البذور، وتعلن أنّ الجنين ذكر إذا نمى الشعير أولا وأنه أنثى إذا نمى القمح أولا. ولذلك كانت المرأة تُسأل: قمحة ولا شعيرة؟ أي بنت ولا ولد؟. ولكن: أي الكلمتين فضّل المصريون سماعها من المرأة؟ إذا عرفنا أن المجتمعات في البداية كانت أموميّة وأن دور الرجل القيادي تعزز منذ عصر الزراعة أو العصر الحجري الحديث (قبل 11000عام تقريبا) بإنقلاب ذكوري ضد سيادة الأنثى المنتجة (حسب الماجدي) عندما فهم دور ماء السماء لنمو مزروعاته وربطه بدور ماء الرجل للإخصاب.
من الغريب أننا الان نحيد عن أصل السؤال، فنقرن القمحة بالنجاح وإنجاب الذكر، ونقرن الشعيرة بالفشل وإنجاب الإناث، ربما لأن القمح أقرب لحياة الإنسان من الشعير المهم لبهائمه.
من مواضع ترقب الإنسان في هذه الأيام معرفة نتيجة فحص إصابته بفيروس كوفيد-19 (كورونا)، فبعد أخذ العينة ينتظر الفاحص لمدة أيام (كما انتظرت المصريات قديما) لظهور النتيجة، والسؤال يكون هنا: سلبي أم ايجابي؟ متمنين أن لا يكون ايجابيا (عدم الإصابة)، رغم طلبنا وحبنا للإيجابيات دائما. هذا يعيدنا إلى أصل السؤال عند المصريين، الذين أحبوا أن ينمو حب الشعير أسرع من القمح في فحص النساء رغم حبهم للقمح الذي كان طعام الأغنياء والنبلاء.
فا الحمد لله على انعامه والصلاة والسلام حبيبنا وسيدنا ورسولنا المنعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.