المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024
محمد بالفخر
محمد بالفخر

بلاطجة في حضرموت (4)


استعرضت في ثلاث مقالات سابقة عن حوادث البلطجة التي ظهرت في حضرموت بشكل علني وبالذات في الأراضي المخصصة للسكن بدرجة أكبر والناتجة أسبابها عن غياب الدولة ومؤسساتها بدرجة أساسية وضعف الوازع الديني عند بعض الناس وله مسبباته الكثيرة، إضافة الى غياب المساواة وعدم التوزيع العادل للكم الهائل من المساحات بين من يستحقها من عموم المواطنين،

وتأتي معظم حوادث الاعتداء على أرض الغير أو أرض الدولة من أناس يستقوون بالقبيلة واسمها في الغالب او بالمنصب الحكومي سواء كان مدنياً او عسكرياً، وبعضاً من هذه الحوادث استخدمت فيها الأسلحة وسالت فيها دماء وازهقت فيها أرواح، وبطبيعة الحال سرد كل الحوادث يحتاج الى كتاب كامل وليس لمقال عابر وما أردت منه هنا للمرة الرابعة الا التنبيه لهكذا ظاهرة قد يراها البعض غير طبيعية وبالذات في مجتمع كمجتمع حضرموت على وجه التحديد لكن في الحقيقة أي مجتمع لا يخلو من السلبيات بحال من الأحوال الا بوجود دولة العدل والمساواة حتى ولو شابها شيء من الظلم كدولة الرفاق مثلاً قبل معرفتهم بالدولار طبعاً،

ذات يوم قبل عامين وفي زيارتي للبلاد جاءني رجل سبعيني (توفي قبل أشهر رحمه الله) متأملاً مني في إيصال مظلوميته لأي مسؤول في الدولة فأخبرني أن فلاناً من الناس اعتدى على أرضية له وبناها تحت تهديد السلاح ولا حول لهم ولا قوة في مجابهته وأن آخرين ايضاً تعرضوا في نفس المنطقة لما تعرض له هو من ذلك البلطجي فاشتكوا الى الأمن فلم ينصرهم ولم يلق لهم بالا وخاصة أن المعتدي زميلهم يحمل رتبة أمنية حصل عليها بواسطة شيخه الذي ظهر في زمن الهلال الخصيب وأيام صهيل الخيل الجامح وأراد أن يكرر نموذج شيخ (الجعاشن) الشهير في محافظة إب، وهنا تظهر ملامح الاستقواء بالقبيلة والتي لا ترى في اعتداء المحسوب عليها الا بطولة وشجاعة وعلى مين؟ على رجل مسالم لا يحمل سلاحاً يظن أن الدولة ملجأ الأمان له ولحقوقه، ولكن أين هي الدولة؟ فقدمت له نصيحتي بما يجب أن يقوم به ولا أدري ماذا حدث له فيما بعد،

حادثة أخرى حصلت في المكلا وأعرف تفاصيلها رجل مغترب اشترى قطعتي أرض من أحد تجار الغفلة الذين ظهروا في مطلع التسعينيات (والذي حصل على مئات القطع مثلهن لصلته بكبار المسؤولين)، وبعد عدة سنوات أتى مجموعة شباب من شلل المخزنين ووضعوا بعض الأحجار في احدى القطعتين وهم في الأصل ينتمون لقبيلة تدّعي أن لها الحق في معظم المساحات إن لم يكن كلها على اعتبار أن أغنام أجدادهم في سالف الأزمان لربما قد مرّت بهذه المواقع وأكلت من خشاش الأرض، فلم يستطع ابعادهم الا بدفع مبلغ لهم يضاهي نصف القيمة التي اشترى بها، هذه الحالة تتكرر باستمرار لدرجة أنها أصبحت ظاهرة ابطالها المستقوون بالقبيلة في الغالب ومؤسف أن تجد من بينهم أبناء اكاديميين وأقرباء مسؤولين ووجاهات وضحاياهم في الغالب كما قلنا أبناء المجتمع المدني المتحضر، وكنت أود ان اسرد قصصا كثيرة حصلت لكثير من الناس خلال الثلاثة العقود الماضية ولم تقتصر المسألة على المدن الكبيرة بل وصل الحال الى الأرياف البعيدة ولم تسلم من هذا حتى القرى الصغيرة

فمت سيكون لنا ضمير حي في أنفسنا يردعنا عن ارتكاب مثل هذه الحماقات التي في ظاهرها وأولها مكاسب وبطولة وباطنها وآخرها حسرة وندامة؟

وهل سنجد دولة تعيد ترتيب أولوياتها لتحفظ الكليات الخمس للمواطن من أي قرية كان ولأي قبيلة انتمى وفي أي حارة في أكبر مدينة سكن؟ ولن يتحقق ذلك الا بوجود الرجل المناسب في المكان المناسب،
بواسطة : محمد بالفخر
 0  0  9.8K