بلاطجة في حضرموت
لم اتفاجأ بالتقرير الذي عرضته قناة السعيدة عن استيلاء ستة من البلاطجة (لم يذكر التقرير اسمائهم) على عدد من الفلل الموجودة في ربوة المهندسين بمدينة المكلا عاصمة حضرموت هذه الفلل خاصة ببعض المغتربين التي بنيت في نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات من القرن الماضي من قبل المقاول الحصري والوحيد حينها (المؤسسة العامة للإنشاءات) وبتصميم وحيد غير قابل للتعديل من باب المساواة بين الملاك حتى لا يتباهى أحدٌ على الآخر بتصميم معين ومستورد من ثقافة الامبريالية المتعالية على منظومة البروليتاريا، المهم ان المؤسسة لم تفي بتعهداتها ولم تكمل المشروع، فقط تم البناء عظم دون تشطيب وخاصة بعد دخول البلاد في أزمات سياسية وبعد العام 1994م أعلنت المؤسسة افلاسها ولم يُعلن عن الوريث الشرعي الذي حظي بما كان تحت ايديها،
فجاء عدد كبير من المغتربين وأكملوا بناء فللهم وتشطيبها وهناك عدد آخر بقي في انتظار ان تعود المؤسسة للحياة لإكمال تشطيب فللهم وضاقت به الدنيا ولم يجعلها من أولوياته وبقيت مجموعة من الفلل على حالها وعلى اعتبار أن البلد تعيش في أمان وخاصة أننا في زمن النخبة الحضرمية وعلم النجمة الحمراء يرفرف على نقاطها ومعسكراتها تذكر البعض بالزمن القديم واستعادة سويسرا المفقودة!
سمعنا أن هناك تعديات وسطو على أراضي موثقة اشتراها ملاكها بأموالهم وتأخروا في بنائها لأسباب كثيرة فجاء من ينازعهم فيها او من يسيطر عليها ويبنيها بقوة السلاح او بهنجمة النفوذ القبلي وخاصة إذا كان المالك ينتمي للمدنية والحداثة وليس له ظهراً من قبيلة شرسة تحميه، او هناك بسط واستيلاء بالمنصب الوظيفي الذي كان يفترض أن يسخر لخدمة الوطن والمواطن او البسط على أراضي الدولة بحجة ان بعير جدهم قد مرّ قبل غيرهم على هذه المساحات كل ذلك يتم في ظل تواطؤ متعمد من الجهات المسؤولة
وكل ذلك كان يحصل كما اسلفت،
أما ان يتم السطو على فلل وبيوت مبنية أو مهجورة ينقصها التشطيب فقط بحجة أن صاحبها لم يعد يسأل عليها أو انه خارج البلد أو أصبح تحت التراب وورثته لم يكونوا يعلمون بهذا البيت او تلك الفيلا أو ليس لهم تواصل بالبلد فهذه من أشد المنكرات وخاصة أننا نتشدق بتاريخ أبناء حضرموت وامانتهم وحسن تعاملهم مع الآخرين فكيف انقلبوا الى وحوش وبلاطجة؟
التقرير وإن كان جزئي وبسيط لكن ما خفي كان أعظم، ما هذا التوحش والتسلط الذي حلّ بكثير من الناس ويقابله جبن وصمت من المجتمع؟
أين كانت هذه الفجاجة تتخفى بيننا واليوم تظهر في العلن بشكل مُخلٍ ومخيف؟
هل كان يصُدها فقط عندما كان هناك شيء من دولة واليوم أخذت الأمان في ظل الانفلات في كل شيء لتخرج غير معتبرة لقيم ولا لخوف أو خجل؟!
الاستقواء بالمسئولين وأصحاب النفوذ سيقود المجتمع الى كوارث أخلاقية وسلوكية ومواجهات لم تكن من اخلاقيات الحضارم.
على الدولة أن تقف بحزم ضد هذه الفئات والجهات التي تبسط نفوذها وبطشها على ممتلكات الناس،
السجن والتغريم والتشهير عقوبات لازمة لابد منها ليرتدع من تحدثه نفسه باستخدام نفوذه أو سطوة قبيلته على البسطاء والمسالمين ولا ينبغي التستر عليهم وإن احتموا بمكون قبلي أو سياسي أو بمنصب حكومي أو درجة أكاديمية.
هذه رسالتنا لمحافظ حضرموت كُن فَرَجاً للمظلومين والمستضعفين ولا تكن نصيراً للفاسدين والبلاطجة والمستكبرين.