دموع الندم والحسرة ( قصة واقعية )
*د. سامية عسيري*
وصلتنى رساله حينما كنت في أحد المنتديات كمستشارة آسرية وإجتماعية وأحببت أن تطلعوا عليها وقد ذيلتها بردي آنذاك :
الرسالة
لا أريد أن تكتبوا مأساتي هذه تحت عنوان(دمعة ندم)بل اكتبوها بعنوان(دموع الندم والحسرة) تلك الدموع التي ذرفتها سنين طوالا .... أنها دموع كثيرة تجرعت خلالها آلاما عديدة ، وإهانات، ونظرات كلها تحتقرني بسبب ما اقترفته في حق نفسي وأهلي...وقبل ذاك: حق ربي.
أنني فتاة لا تستحق الرحمة أو الشفقة .... لقد اسئت إلى والداتي وأخواتي ، وجعلت أعينهم دوما إلى الأرض لا يستطيعون رفعها خجلا من نظرات الآخرين
*كل ذلك كان بسببي ,لقد خنت الثقة التي أعطوني إياها بسبب الهاتف اللعين.
* بسبب ذلك الإنسان المجرد من الضمير الذي أغراني بكلامه المعسول ، فلعب بعواطفي وأحاسيسي حتى أسير معه في الطريق السيء.
* *وبالتدرج جعلني أتمادى في علاقتي معه إلى أسوأ منحدر. كل ذلك بسبب الحب الوهمي الذي أعمي عن عيني الحقيقة، وأدي بي في النهاية إلى فقدان أعز ما تفخر به الفتاة ، ويفخر به أبواها ، عندما يزفها إلى الشاب الذي يأتي إلي منزلها بالحلال... لقد أضعت هذا الشرف مع إنسان عديم الشرف، إنسان باع ضميره وإنسانيته بعد إن اخذ مني كل شئ ،فتركني أعاني واقاسي بعد لحظات قصيرة قضيتها معه.
* *لقد تركني في محنة كبيرة بعد أن أصبحت حاملا!!! ولم يكن أحد يعلم بمصيبتي سوى الله سبحانه , وعندما حاولت البحث عنه كان يتهرب مني . على عكس ما كان يفعله معي قبل إن يأخذ ما يريد.
** لقد مكثت في نار وعذاب طوال أربعة اشهر ،ولا يعلم إلا الله ما قاسيته من آلام نفسية بسبب عصياني لربي ، واقترافي لهذا الذنب , ولأن الحمل اثقل نفسيتي وأتعبها .
** *كنت أفكر كيف أقابل أهلي بهذه المصيبة التي تتحرك في أحشائي؟...فوالدي رجل ضعيف ولا يكاد الراتب يكفيه , ووالدتي امرأة عفيفة وفرت كل شيء لي من اجل أن أتمم دراستي لأصل إلى أعلى المراتب ! لقد خيبت ظنها ، وأسأت أليها إساءة كبيرة لا تغتفر، لا زلت أتجرع مرارتها حتى الآن .
**إن قلب ذلك الوحش رق لي أخيرا حيث رد على مكالمتي الهاتفية بعد إن طاردته.
* وعندما علم بحملي ، عرض على مساعدتي في الإجهاض وإسقاط الجنين الذي يتحرك داخل أحشائي.
* *كدت اجن ...لم يفكر إن يتقدم للزواج منى لإصلاح ما أفسده بل وضعني أمام خيارين : أما أن يتركني في محنتي ، أو أسقط هذا الحمل للنجاة من الفضيحة والعار.
* ولما مرت الأيام دون أن يتقدم لخطبتي ، ذهبت إلى الشرطة أخبرهم بما حدث من جانبه ، وبعد إن بحثوا عنه في كل مكان وجدوه بعد شهرين من بلاغي، حيث انه أعطاني اسم غير اسمه الحقيقي.
** لكنه في النهاية وقع في أيدي الشرطة واتضح انه متزوج ولديه أربعة من الأولاد ،ووضع في السجن.
*وها أنا الآن اكتب لكم بعد خروجي من سجن الشرطة إلى سجني الأكبر منزلي ، ها أنا قابعة لا اكلم فيه أحد، ولا يراني أحد ، بسبب تلك الفضيحة التي سببتها لأسرتي ، فأهدرت كرامتها ، ولوثت سمعتها النقية.....
*** لقد اصبح والدي كالشبح يمشي متهالكا هزيلا يكاد يسقط من الإعياء ..
*** بينما أمي أصبحت هزيلة ضعيفة ، تهذي باستمرار ،وسجنت نفسها بإرادتها داخل المنزل خشية من كلام الناس ونظراتهم.....
*** *أنني من هذه الغربة المريرة أرسل لكم بحالي ., إنني ابكي ليلا نهار ولعل الله يغفر لي خطيئتي يوم الدين, وأطلب منكم الدعاء بان يغفر لي ويتوب على ويخفف من آلامي ..
نهابة الرسالة ...!!!
وقد علقت عليها آنذاك بما يلي :
بسم الله الرحمن الرحيم
للأسف والله وقد أحزنني ما قرئته في ثنايا رسالة النادمة التي أدمت قلبي ودفعتني للكتابة ولو انه توقفت كل الكلمات وتحجرت الدموع وصعقت كل جوارحي وكلي لوم على الاباء والامهات وتهاونهم في متابعة أبنائهم وقد أوكلهم الله تعالى وجعلهم قوامون عليهم للأسف فقد خانوا تلك الامانة للأسف .
إخواني إنّ من أسباب ضلال وانحراف الأبناء وخصوصا الفتيات ما يلي :
*أولاً :سنّ المراهقة : فلا شك أن هذا السن يساعد على الانحراف ، لاسِيما في غياب التوجيه السليم ، والقدوة الحسنة ..
ثانيًا : رفقاء السوء : وكما في المثل ( الصاحب ساحب ) يسحبك إلى ما هو عليه من خير أو شر ، ويجعلك مثله .
ثالثًا : انشغال الأهل عن أولادهم , وإهمال مراقبتهم ومصاحبتهم ، وهذا ما حدث لتلك الفتاة وكثر من أمثالها ودفعتهم الحاجة للبحث عن صديق أو صديقة يحملون همهم .
- يا أيها الآباء –
إن ما يحدث هومن مفاسد خروج المرأة بمفردها وأيضا خروجها للعمل .
وفقد المراهقات ألتوجيه والنصح ومتابعة الأمهات من أعظم أسباب انحراف الفتيات نعم إن البيت يحتاج إلى أم عاقلة وحريصة ومربية فاضلة .
* *وذلك لأن هناك مرحلة خَطيرة خطيرة للغاية يمر بها الأبناء وهي مرحلة المراهقة وتقريبًا من سن- 13/ 20 - إن هذه المرحلة هي أخطر مرحلة يمر بها الإنسان في حياته حيث إن الإنسان يتعرض *فيها لتغيرات جسمانية ، وعقلية ، وعاطفية ، وجنسية ، والشيطان حريص على إغوائه ودفعه للتهور في هذه المرحلة .
** *يا أيها الآباء ، كيف ستكون حال البنت المراهقة إذا لم تجد من يراقبها في هذه المرحلة الخطيرة ؟
للأسف
*يعتذر أكثر ألأباء بأن الرجل لا يستطيع مراقبة البنت المراهقة مراقبة جيدة ، وذلك لأنه يعمل خارج البيت ، ثم لأنه يفتقر إلى الخبرة ، ولأنه رجل و...و... ألستم معي أنه لا تنفع لهذه المهمة إلا الأمهات والزوجات ؟
* *فكيف لو كانت الزوجة – أم الأولاد - طوال النهار في عملها ، وفي المواصلات – وما أدراك ما المواصلات وما في المواصلات – ثم هي بالليل مُتعبة مُرهقة فكيف تُشارك في تربية البنين والبنات ...؟
مَن لتربية المراهقات إلا العاقلات من الأمهات ؟
** *إن البنت في البيت – يا أيها الآباء - تحتاج إلى أم عاقلة تفهم خطورة مرحلة المراهقة بالفطرة ، والخبرة ، والملازمة .
*إن البنت تحتاج إلى من يعينها على تجاوز مرحلة المراهقة ، نعم ، فإن مرحلة المراهقة - وهي مرحلة خَطيرة - تحتاج إلى ضبط ومراقبة مستمرة بالليل والنهار ، وليس لهذه المهمة إلا أم متيقظة وواعية تفهم البنت بالنظرة الواحدة ، تفهم البنت من خلال حركاتها ، كلماتها ، و... و ... ، إن الزوجة الصالحة الطيبة هي من تشارك زوجها في توجيه ونصح الأبناء والبنات . ألأم هي الاساس وهي الركيزة* ألأساسية لتوازن الأخلاق والسلوك العام في المنزل والشارع والمدرسة
بل كل محاور الحياة وكما قال أمير الشعراء ( ألأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الاعراق )
دمتم بخير
*