دردشات الصومعة: السكري ومضاعفاته في ظل جائحة كورونا
كان من المفترض أن أتناول في دردشتي هذا الأسبوع القمة العالمية «اللقاح للجميع» التي أقيمت يوم الأحد 28 يونيو بمبادرة مشتركة بين المفوضية الأوروبية الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، ومنظمة المواطن العالمي (Global Citizen)، وتضمنت حفلاً غنائياً افتراضياً بث تلفزيونياً في أنحاء العالم شارك فيه عدد من نجوم الغناء العالميين منهم مايلي سايرس، جاستن بيبر، شاكيرا، الثنائي الغنائي كلوي، هالي، وآشر وغيرهم، جُمع خلالها نحو 7 مليار دولار ستخصص لاختبارات الكشف عن كوفيد-19 والعلاجات واللقاحات ذات الصلة، لدعم أفقر المجتمعات وأكثرها تهميشا في العالم، مع التشديد على ضرورة توفير اللقاح للجميع عند التوصل إليه.
سيما وأن الجائحة لا تزال محط قلق عالمي بتزايد أعداد الحالات إذ سجل حتى الآن 10,690,566 إصابة في 213 بلد وإقليم حول العالم أعلاها أمريكا بـ 2,751,571توفي 130,390، البرازيل 1,426,913 توفي 60,194، روسيا 654,405 توفي 9,536، الهند 604,808 توفي 17,848، بريطانيا 313,483 توفي 43,906، اسبانيا 296,739 توفي 28,363، واحتلت السعودية المركز 15 بتسجيل 194,225 حالة توفي منهم 1,698.
ولكن اتصالاً على جوالي جعلني أغير مسار مقالي لأتناول حالة إنسانية قد تكون نموذج لحالات أخرى مشابهة تستدعي الدعم والمساعدة العاجلة وأنشغل عنها المجتمع بجائحة كورونا، فقد كان الاتصال من مواطنة من محافظة جدة رمزت لنفسها بأم فيصل سألتني إن كان هذا رقم جمعية إبصار فأجبتها بالنفي وأن هذا رقمي الخاص وقد تركت العمل بها منذ 5 سنوات، فسألتني عما إذا كان لدي معلومات عن شروط المساعدة وهل أتوقع أن تساعدها الجمعية فسألتها عن حاجتها.
فقالت إن زوجي بحاجة إلى عملية جراحية عاجلة في عينه حيث أفادنا الطبيب أنه يعاني من مياه بيضاء وزرقاء بالعين اليسرى ويحتاج إلى إجراء عملية لإزالة المياه الزرقاء بواسطة صمام أحمد وإزالة المياه البيضاء وزارعة عدسة، وأن تكلفة العملية تبلغ 27550ريال ويجب إجراءها خلال شهرين على الأكثر تفادياً لفقدانه الرؤية فيها، خصوصاً وأنه فقد الرؤية في عينه الأخرى بسبب المرض.
وقد انقضى شهرين ونصف دون أن نتمكن من إجراء العملية لعدم قدرتنا على تحمل قيمتها فنحن نعيش على الضمان الاجتماعي منذ أن توقف زوجي عن عمله كسائق أجرة قبل 10 سنوات بسبب داء السكري الذي سبب له ضعف في الرؤية ووظائف الكلى إضافة إلى أنه يعاني من مشاكل صحية أخرى منها قصور في عضلة القلب وكولسترول في الدم وهو لا يزال في الـ 47 من عمره، كما زادت جائحة كورونا من صعوبة حالتنا الاجتماعية فلدينا 5 أطفال أكبرهم 15عام وأصغرهم رضيع وفقدت عملي من المدرسة الأهلية التي كنت أعمل بها إدارية لزيادة دخل الأسرة بعد أن توقفت المدرسة بسبب الجائحة، وكل ما أرجوه الآن انقاذ زوجي من العمى فهو في حالة نفسية سيئة جداً ولا يتوقف عن البكاء خوفاً ورهبة من فقدان بصره كلياً وعدم تمكنه من رؤية أبنائه.
ومن واقع تجربتي السابقة مع حالات مشابهة إبان عملي في جمعية إبصار أدركت الحالة النفسية التي يمر بها الزوج والأسرة وأنهم في أمس الحاجة إلى إجراء العملية الجراحية عاجلاً ومراجعة عيادة ضعف بصر، وبرنامج إعادة تأهيل شاملاً إرشاد أسري وتثقيف صحي، فنصحتها بالاتصال على جمعية إبصار وعرض حالة زوجها عليهم وطلب مساعدتهم، كذلك ينبغي عليها تفعيل المساعد الصوتي بالجوال لتمكين زوجها من الاعتماد على نفسه في استخدام الهاتف وتطبيقاته لما لذلك من أثر إيجابي في رفع روحه المعنوية واستعادة ثقته بنفسه تدريجياً.
وفي اليوم التالي أبلغتني بأنها ذهب إلى مستشفى العيون بجدة كمحاولة للإسراع في إجراء العملية وأُبلغت بأن حالته الصحية تصنف ضمن الحالات الحرجة وأن الظروف لا تسمح بإجراء العملية له في ظل الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا، وأبلغتها جمعية إبصار بأنهم لا يدعمون العمليات الجراحية والخدمة المتوفرة لديهم هي التدريب والتأهيل فقط، بالإضافة إلى اعتذار جمعيات وجهات خيرية أخرى تواصلت معهم لنفس الغرض.
والحقيقة إن قصة أم فيصل مثيرة للاهتمام فهي تعكس واقع داء السكري وانعكاساته الصحية على الفرد والمجتمع وأنه يمثل خطورة لا تقل كثيراً عن كورونا، إذ يتوقع أن المصابين به قد بلغوا نحو 13.2% من السكان، و 16.3%. معرضين للإصابة به، ومضاعفاته تسبب حالات العمى وإعاقات أخرى ومشاكل صحية قد تصل إلى حد الوفاة، كما تؤكد قصتها ضرورة تضمين برنامج مكافحة العمى الممكن تفاديه ضمن أنشطة وبرامج الجمعيات الصحية الأهلية خصوصاً المتخصصة في الإعاقة البصرية.
ومن هذا المنطلق فإنني أدعو جمعيات الإعاقة البصرية في بلادنا بأن يضعوا مكافحة العمى الممكن تفاديه ضمن أولوياتهم خصوصاً وأن الدراسات والأبحاث العالمية أكدت تزايد حالات العمى الناجمة عن اعتلالات الشبكية بسبب السكري، وأن التدخل المبكر عنصر فعال للحد من ذلك، كذلك تكثيف أنشطتهم الاجتماعية والإنسانية خصوصاً في ظل هذه الجائحة التي نمر بها.
وبالعودة إلى موضوع أم فيصل في ظل عجز الجمعيات والجهات الخيرية التي توجهت إليهم لمساعدتها فإنني أناشد الميسورين من أصحاب القلوب الرحيمة لمساعدتها في إجراء العملية لزوجها وانقاذه من العمى من باب صنع الجميل وإغاثة الملهوف، وأختم دردشتي بإعادة الأبيات التي أوردتها في مقالي السابق للشاعر السوري الراحل خليل بن أحمد بك:
صنعُ الجميلِ وَفعلُ الخيرِ إِنْ أُثِرا *** أبقى وَأَحمد أَعمال الفتى أَثَرا
بَلْ لستُ أَفهم معنى للحياة سوى *** عن الضعيفِ وإنقاذ الذي عثرا
والناسُ ما لم يواسوا بعضَهمْ فهمُ *** كالسائماتِ وَإِن سمَّيتهمْ بشرا
إِنْ كان قلبك لم تعطفه عاطفةٌ *** عَلى المساكين فاستبدلْ به حجرا
هي الإغاثةُ عنوانُ الحياةِ فإِنْ *** فقدتها كنت مَيْتاً بعد ما قبرا
سيما وأن الجائحة لا تزال محط قلق عالمي بتزايد أعداد الحالات إذ سجل حتى الآن 10,690,566 إصابة في 213 بلد وإقليم حول العالم أعلاها أمريكا بـ 2,751,571توفي 130,390، البرازيل 1,426,913 توفي 60,194، روسيا 654,405 توفي 9,536، الهند 604,808 توفي 17,848، بريطانيا 313,483 توفي 43,906، اسبانيا 296,739 توفي 28,363، واحتلت السعودية المركز 15 بتسجيل 194,225 حالة توفي منهم 1,698.
ولكن اتصالاً على جوالي جعلني أغير مسار مقالي لأتناول حالة إنسانية قد تكون نموذج لحالات أخرى مشابهة تستدعي الدعم والمساعدة العاجلة وأنشغل عنها المجتمع بجائحة كورونا، فقد كان الاتصال من مواطنة من محافظة جدة رمزت لنفسها بأم فيصل سألتني إن كان هذا رقم جمعية إبصار فأجبتها بالنفي وأن هذا رقمي الخاص وقد تركت العمل بها منذ 5 سنوات، فسألتني عما إذا كان لدي معلومات عن شروط المساعدة وهل أتوقع أن تساعدها الجمعية فسألتها عن حاجتها.
فقالت إن زوجي بحاجة إلى عملية جراحية عاجلة في عينه حيث أفادنا الطبيب أنه يعاني من مياه بيضاء وزرقاء بالعين اليسرى ويحتاج إلى إجراء عملية لإزالة المياه الزرقاء بواسطة صمام أحمد وإزالة المياه البيضاء وزارعة عدسة، وأن تكلفة العملية تبلغ 27550ريال ويجب إجراءها خلال شهرين على الأكثر تفادياً لفقدانه الرؤية فيها، خصوصاً وأنه فقد الرؤية في عينه الأخرى بسبب المرض.
وقد انقضى شهرين ونصف دون أن نتمكن من إجراء العملية لعدم قدرتنا على تحمل قيمتها فنحن نعيش على الضمان الاجتماعي منذ أن توقف زوجي عن عمله كسائق أجرة قبل 10 سنوات بسبب داء السكري الذي سبب له ضعف في الرؤية ووظائف الكلى إضافة إلى أنه يعاني من مشاكل صحية أخرى منها قصور في عضلة القلب وكولسترول في الدم وهو لا يزال في الـ 47 من عمره، كما زادت جائحة كورونا من صعوبة حالتنا الاجتماعية فلدينا 5 أطفال أكبرهم 15عام وأصغرهم رضيع وفقدت عملي من المدرسة الأهلية التي كنت أعمل بها إدارية لزيادة دخل الأسرة بعد أن توقفت المدرسة بسبب الجائحة، وكل ما أرجوه الآن انقاذ زوجي من العمى فهو في حالة نفسية سيئة جداً ولا يتوقف عن البكاء خوفاً ورهبة من فقدان بصره كلياً وعدم تمكنه من رؤية أبنائه.
ومن واقع تجربتي السابقة مع حالات مشابهة إبان عملي في جمعية إبصار أدركت الحالة النفسية التي يمر بها الزوج والأسرة وأنهم في أمس الحاجة إلى إجراء العملية الجراحية عاجلاً ومراجعة عيادة ضعف بصر، وبرنامج إعادة تأهيل شاملاً إرشاد أسري وتثقيف صحي، فنصحتها بالاتصال على جمعية إبصار وعرض حالة زوجها عليهم وطلب مساعدتهم، كذلك ينبغي عليها تفعيل المساعد الصوتي بالجوال لتمكين زوجها من الاعتماد على نفسه في استخدام الهاتف وتطبيقاته لما لذلك من أثر إيجابي في رفع روحه المعنوية واستعادة ثقته بنفسه تدريجياً.
وفي اليوم التالي أبلغتني بأنها ذهب إلى مستشفى العيون بجدة كمحاولة للإسراع في إجراء العملية وأُبلغت بأن حالته الصحية تصنف ضمن الحالات الحرجة وأن الظروف لا تسمح بإجراء العملية له في ظل الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا، وأبلغتها جمعية إبصار بأنهم لا يدعمون العمليات الجراحية والخدمة المتوفرة لديهم هي التدريب والتأهيل فقط، بالإضافة إلى اعتذار جمعيات وجهات خيرية أخرى تواصلت معهم لنفس الغرض.
والحقيقة إن قصة أم فيصل مثيرة للاهتمام فهي تعكس واقع داء السكري وانعكاساته الصحية على الفرد والمجتمع وأنه يمثل خطورة لا تقل كثيراً عن كورونا، إذ يتوقع أن المصابين به قد بلغوا نحو 13.2% من السكان، و 16.3%. معرضين للإصابة به، ومضاعفاته تسبب حالات العمى وإعاقات أخرى ومشاكل صحية قد تصل إلى حد الوفاة، كما تؤكد قصتها ضرورة تضمين برنامج مكافحة العمى الممكن تفاديه ضمن أنشطة وبرامج الجمعيات الصحية الأهلية خصوصاً المتخصصة في الإعاقة البصرية.
ومن هذا المنطلق فإنني أدعو جمعيات الإعاقة البصرية في بلادنا بأن يضعوا مكافحة العمى الممكن تفاديه ضمن أولوياتهم خصوصاً وأن الدراسات والأبحاث العالمية أكدت تزايد حالات العمى الناجمة عن اعتلالات الشبكية بسبب السكري، وأن التدخل المبكر عنصر فعال للحد من ذلك، كذلك تكثيف أنشطتهم الاجتماعية والإنسانية خصوصاً في ظل هذه الجائحة التي نمر بها.
وبالعودة إلى موضوع أم فيصل في ظل عجز الجمعيات والجهات الخيرية التي توجهت إليهم لمساعدتها فإنني أناشد الميسورين من أصحاب القلوب الرحيمة لمساعدتها في إجراء العملية لزوجها وانقاذه من العمى من باب صنع الجميل وإغاثة الملهوف، وأختم دردشتي بإعادة الأبيات التي أوردتها في مقالي السابق للشاعر السوري الراحل خليل بن أحمد بك:
صنعُ الجميلِ وَفعلُ الخيرِ إِنْ أُثِرا *** أبقى وَأَحمد أَعمال الفتى أَثَرا
بَلْ لستُ أَفهم معنى للحياة سوى *** عن الضعيفِ وإنقاذ الذي عثرا
والناسُ ما لم يواسوا بعضَهمْ فهمُ *** كالسائماتِ وَإِن سمَّيتهمْ بشرا
إِنْ كان قلبك لم تعطفه عاطفةٌ *** عَلى المساكين فاستبدلْ به حجرا
هي الإغاثةُ عنوانُ الحياةِ فإِنْ *** فقدتها كنت مَيْتاً بعد ما قبرا