خطر داعش على الإسلام " فإلى متى السكوت عنهم "
نوف العتيبي*
«الدواعش» مصطلح يدل على منظومة فكرية وسلوكية منحرفة تتنوع التصنيفات الطائفية والفكرية لمعتنقيها، فتنظيم «داعش» كسابقيه ولاحقيه من التنظيمات الإجرامية، المنتسبة إلى السنة أو الشيعة أو المسيحية أو العلمانية، هو تنظيم له مخرجات وآثار تتجاوز البشاعة الدموية إلى الأضرار الدينية والفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، ومنها هذه العشرة:
1 - اهتزاز قدسية الشريعة المطهرة فى نفوس الشعوب المسلمة بسبب ما يشاهدونه من التطبيق البشع المشوّه للأحكام الشرعية والمحرف لها، ومن ثمّ فتح المجال للعلمانية المتطرفة للنيل من الشريعة، مع تقبل شرائح متسعة من الشعوب لهذا التطاول على الشريعة.
2 - تضخم الانقسامات «الطائفية»، سنة وشيعة ومسيحيين وغيرهم، و«العنصرية»، عرب وفرس وأتراك وأكراد، و«الفكرية»، إسلامية وليبرالية، على نحو يُنذر بالدمار الكلى حال استمرار صيحات الانقسام والثأر.
3 - تآكل الطبقة الفكرية المتوسطة، فكما أن الرأسمالية المتوحشة أدت إلى تآكل الطبقة المتوسطة اقتصادياً لصالح الفقر المدقع والغنى الفاحش؛ فكذلك أدى وجود داعش وأمثالهم إلى تآكل الطبقة المتوسطة فكرياً لصالح كلا التطرفين الدينى واللادينى.
4 - اتساع دائرة تغير موقف الشعوب تجاه التدخل العسكرى للدول والتحالفات الخارجية: ففى عام 2003 كانت الحرب الأمريكية ضد العراق أمراً مرفوضاً لدى غالبية الشعوب العربية والإسلامية، بل لدى كثير من شرائح الشعب العراقى نفسه، على الرغم من رفضه لنظام صدام..
واليوم أصبحت غالبية شعوب المناطق المتضررة من داعش تستنجد بالتحالفات الخارجية للتخلص من هذه الكارثة أو على الأقل تتقبل تدخلها.
5 - إهدار الثروات العربية وتسريب النفط إلى السوق الخفية بأسعار منخفضة لا تقارن بالقيمة الحقيقية لها، وإنعاش السوق السوداء للآثار المسروقة.
6 - إنعاش مصانع السلاح فى الدول الكبرى، ورواج سوق مافيا السلاح على حساب اقتصاد دول المنطقة.
7 - جمع غالبية مُنظّرى الفكر ومتصدرى الخطاب الثقافى فى الغرب فى بوتقة معاداة الإسلام بعد أن كان التوسع هو سمة دائرة المتفهمين لعدالة قضايا المسلمين والمطالبين بضرورة رفع الظلم عنهم، والمتعاطفين مع مظلوميتهم.
8 - تحويل المسلمين فى الغرب من موقف المطالبة بالحقوق المستحَقَّة بموجب المواطنة إلى حالة الدفاع عن حق الوجود، أمام الاتهامات الموجهة إليهم، وحالة الرفض لوجودهم، ونمو معدلات رهاب الإسلام «الإسلاموفوبيا».
9 - الإضرار بما تبقى من سمعة حسنة للإسلام فى العالم، وخفض معدلات انتشاره الطبيعى، بل تجاوز الأمر ذلك إلى ارتداد أعداد من المسلمين عن دينهم وتفلُّت أعداد أكبر من الالتزام الدينى.
10 - ضياع القضية الفلسطينية وتحقق الأمن للكيان الصهيونى الذى يُعد المستفيد الأكبر مما يحصل.
تلك عشرة إنجازات كاملة لتنظيم داعش مع قابليتها للزيادة كلما استمر وجود هذا التنظيم وأمثاله، لا سيما عند سقوطه بعد أن يؤدى دوره المنوط به، لما سوف يصاحب ذلك من حالة إحباط ويأس لدى عشرات الآلاف من الشباب المنتمين إليه ومئات الآلاف من المتعاطفين معه والمرتقبين لوهم إعادته دولة الخلافة الإسلامية، وكذا ما سوف يخلّفه ضرب هذا التنظيم من قتلى وجرحى وخراب.. فاعتبروا يا أولى الألباب. وأخيراً..
- هل يبقى بعد كل هذا مجال لاستمرار الصمت عن تبيين خطورة هذا الفكر الخارجى؟
*- أم أن السكوت اليوم هو جريمة تصل بمرتكبها إلى درجة المشاركة فى الجريمة؟
- وهل بقى لدى العلماء شك فى أن إثم السكوت هنا يدخل صاحبه فى دائرة كتم العلم، وكتم الشهادة، وتضييع الدين؟
- أم هل بقى لدينا متسع لاستمرار المغيبين فى «الاندفاع» نحو هؤلاء الخوارج أو «الدفاع» عنهم والتبرير لجرائمهم؟
- إن هذه المرحلة هى مرحلة فارقة فى تاريخ الأمة، وليس لها سابقة فى اتحاد فظاعة الجرائم مع خطورة نسبتها إلى دين الله وتوافر آلات النشر والترويج الإعلامى وسهولة ذلك عبر مواقع التواصل الحديثة. - لقد باتت الضرورة ملحة على انتظام جبهة من علماء الشريعة ومؤسسات الدولة والمثقفين والإعلاميين ورجال الأعمال لمواجهة هذا الخطر المحدق بالأمة. اللهم نوّر بصائرنا، ونقِّ سرائرنا، وألهمنا رشدنا، وثبّت على الحق أقدامنا، وأغثنا بمدد العون والتوفيق، يا غياث المستغيثين.
20-03-2015 11:50 مساءً
0
0
10.1K