أنعشْ نفسَكَ في وقتِ المحنةِ *فوراءَ كلِّ محنةٍ منحةٌ

آن الأوان لتخصص وقتا لنفسك .. أجل* ..فلتنظر إلى ما مضى من سنوات حياتك ستجد أنك قد خصصت أكثر وقتك لعملك و لأسرتك و لأقاربك و أصدقائك ..لكن هل خصصت وقتا لنفسك ؟ إن لنفسك عليك حقا .
الآن و في زمن هذه الجائحة التي تجتاح العالم وجدت أن بيتك هو عالمك و حضنك الدافئ ، و صديقك الدائم ، و ناصحك الصادق ، و كاتم أسرارك ، و محفزك لكل إبداع ، هذه جدرانك قد اشتاقت لسماع صوتك في ترتيل القرآن ، و هذا سقفك كم انتظر ليرى كفيك ترتفع بالدعاء ، هذه الجدران و الزوايا *و النافذة صارت أقرب منك إليك ، أخيرا فرحتْ بك بعدما قضيت العمر في طرقات العلم ، و ممرات المدارس ، و أبواب الأسواق ، كم انتظرتك لتنظر إليها لتتأملها ثم لتفرح بك في يقظتك لا نومك ،و في تفكيرك لا مللك ، جدرانك صرت الآن تعرف أبعادها و تفاصيلها ، و مكتبتك التي زينتها بألوان الكتب ، و أشكال المجلات , و أندر التحف ، و أجمل الورود و* آخر الإصدارات آن أوان أن تتصفح ما في محتواها .
* ما أجمل أن نستفيد من هذا الوقت في البيت فنحول المحنة إلى منحة ، نراجع ذاتنا ، و نحاسب أنفسنا ، و نخطط لانطلاقة جديدة سعيدة ، في أوقات المحن كان بعض العلماء يستثمرون أوقاتهم فيما يفيد ، و حين حبس الإمام أحمد انتفع بوقته ما بين القرآن و الحديث و الفقه ، وحتى في أوقاته قبل المحنة و بعدها كان يحب الوحدة*
قال ابنه عبد الله : (كان أبي أحرص الناس على الوحدة ، لم يره أحدٌ إلا في المسجد، أو في حضور جنازة أو عيادة مريض ، وكان يكره المشي في الأسواق ، ولا يدع أحداً يتبعه ) و ورد عنه أنه قال (** رأيت الخلوة أروح لقلبي*** ) وتلك والله مقامات العظماء النبلاء ، ومناهج العلماء الأتقياء .
و أعجبني قول أحد العلماء عن ذلك (ولم يكن الإمام بمعزلٍ عن الأمة والمجتمع ، بل كان عالماً عاملاً ، مصلحاً مجاهداً ، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر ، لكنه مع ذلك يلتزم مسالك الرفق والحكمة ، ملتزمٌ بالطاعة ، موافقٌ للجماعة ، بعيدٌ النظر في الإصلاح).
فهذا وقت الخلوة و الوحدة ، فشمر عن ساعد الجد ،و بادر لاغتنام وقتك ، و فتّش عن نفسك التي نسيتها في خضم الحياة* وامنحها الأمل و السعادة
تقول غادة السمان
سأغسل وجهي هذا الصباح عشرات المرات
*سأبتسم ابتسامة مشرقة
كالفجرِ الذي عرفتك فيه
*سأتلو آيات التفاؤل
*وأرددُ أغنيات الفرح .