جامعات الصين وفيروس كورونا: الاحتواء وإدارة الازمة
ليس من المستغرب ان نعرف ان اول من كتب وبحث حول ازمة كورونا وتعامل الجامعات معها وموقفهم منها هم صينين ففي دارسة نشرت حديثا قبل شهرين أجراها أربعة باحثين صينيون من جامعة تسنغوا في العاصمة الصينية بكين سوف ألخص لكم اهم ما ورد فيها حول كيفية قيام الجامعات الصينية بإدارة اعمالها ومهامها خلال احلك الظروف التي مرت ولازالت تمر بها وسط ازمة تفشي فيروس كورونا والذي بالأصل بدا من الصين نفسها قبل ان تصدره الى باقي دول العالم على شكل كبسولات بشرية.
ترى ماذا فعلت جامعات الصين، هذه الصين التي لا نعرف عنها الا انها تقلد كل شيء لكنها هذه المرة لم تقلد أحدا في ادرة الازمات وقد استنتج الباحثون الصينيون من بحثهم هذا ان الجامعات الصينية نجحت في إدارة الازمة الراهنة الناجمة عن وباء فيروس كورونا بسبب اتباعها أربع استراتيجيات موضحة كما يلي:
الاستراتيجية الأولى: استخدام نماذج مبتكره للتعليم عن بعد
فقد قامت الجامعات الصينية بإطلاق منصات لشبكة التعليم عن بعد ولم تقدم التعليم والمعرفة لطلابها فقط وانما فتحت أبوابها الكترونيا لجميع شرائح المجتمع مثال على ذلك قامت جامعة بكين، وكلية جامعة تسينغهوا ، وجامعة بكين للدراسات الأجنبية بفتح منصات التدريس فيها للمجتمع وبدون أي مقابل، حيث شارك ونظم دكاترة ومحاضري هذه الجامعات خلال الازمة الحالية بتنظيم أكثر من عشرة آلاف من الدورات قدمتها للمجتمع المحلي.
الاستراتيجية الثانية: الاستعانة بمجموعات الخريجين القدامى
قامت الجامعات الصينية بلا باستخدام مجموعات الخريجين القدامى التابعة لها او ما يطلق عليهم عالميا Alumnus حيث ساهمت هذه المجموعات التي تتكون من الخريجين القدامى من الجامعات الصينية والمنتشرين في كافة المدن في الصين و كل دول العالم بمساعده جامعاتهم من خلال مواقعهم والدول التي يقيمون بها وعلى سبيل المثال قامت مجموعات الخريجين التابعة لجامعة هواتشونغ للعلوم والتكنولوجيا بتأمين مواد طبية من ألمانيا وأستراليا ثم ارسلوها لجامعتهم للمساهمة في إغاثة ووهان الموبوءة
الاستراتيجية الثالثة: الاستعانة بفريق من الباحثين في كليات الطب وفريق طبي من المستشفيات التابعة لكل جامعة
لم تتأخر كليات الطب في الجامعات او الأطباء في مستشفياتها بالذات من الأطباء المتخصصين في مجال الأوبئة ومكافحتها في تقديم يد العون
حيث أرسلت كل جامعة فريق طبي منها لمساعدة المواطنين في المناطق المنكوبة بالوباء ومن اهم تلك الفرق الطبية
الفريق الطبي من جامعة شاندونغ كما قامت مجموعات البحث العلمي في الكليات الطبية بعمل أبحاث مكثفة عن فيروس كورونا وكيفية انتشاره وتوصلت لعدد من الحقائق المؤكدة عن كيفية انتشار الفيروس وانتقاله بين البشر.
الاستراتيجية الرابعة: تقديم خدمات الدعم المعنوي والارشاد النفسي
وفي بادرة جميلة من الجامعات الصينية لتخفيف حدة الامراض والاضطرابات النفسية الناجمة عن الحجر المنزلي ومنع التجول قامت الجامعات الصينية بتقديم خدمات ارشادية نفسية ليس فقط لطلابها ولموظفيها وانما لجميع افراد المجتمع المحلي فقد قامت جامعة تسينغهوا في بكين على سبيل المثال بإطلاق مشروع تطوعي من قبل مجموعة من اعضاء هيئة التدريس والمشروع يهدف لتقديم الرعاية النفسية وتزويد العاملين في المجال الطبي عن بعد والجمهور بالمساعدة او لاستشارة النفسية المتخصصة.
نستخلص من تجربة الصين عددا من الدروس ولا اجزم هنا ان الجامعات الصينية تناولت إدارة الازمة بشكل أفضل من جامعاتنا السعودية الا انها بلا شك تفوقت على الجامعات الامريكية التي اثبتت البحوث والدراسات ان معظم خطط الطوارئ فيها ما هي الا برستيج ظاهري فقط فالجامعات لازالت تعاني وتتخبط وقت كل ازمة كما اشارت عدد من البحوث في هذا المضمار. جامعاتنا لازالت رغم الازمة بخير وما يجب ان تفعله هو تنشيط دور الطلبة سواء الحالين او الخريجين بحيث يكونوا أكثر فعالية وأيضا ينبغي النظر لنظام التعليم عن بعد نظره لا تعده من خلالها "تعليم ازمة مؤقته" وانما نظام تعليمي معتمد له شروطه واسسه المعروفة عالميا. كذلك يجب على الجامعات ان تنشط على كافة منصاتها في الجانب التوعوي النفسي
حيث ان متطلبات هذه الازمة فرضت على الشعوب المنع من التجوال الكلي او الجزئي وترتب على ذلك حجز الاسر في منازلها مما قد ولد مشاكل اسريه او شقاق انتهى في بعض الأحيان للطلاق والصين بالذات شهدت تزايد حالات الطلاق خلال فترة الحجر المنزلي.
فرق الباحثين أيضا يجب ان تتحد في كل الجامعات لفتح مجال أكبر لتبادل الخبرات والاطلاع على كل ما هو جديد من أبحاث في هذا الخصوص.
سوف تنقضي الازمة بعون الله وسيعود الطلبة والاستاذة لقاعاتهم الدراسية وكل شيئ أفضل مما كان و حتى ذلك الحين ستكون جامعات العالم قد تعلمت درسا في اداره الازمات الوبائية والتي هي بالمناسبة مصطلح جديد لم اجد أي باحث او كاتب بحث او كتب عنه باستثناء باحثين صينين بحد علمي.
كاتبة في القضايا الأمنية والتعليم
@kawthar4phd