فهد السمحان
*
لا أكتب في السياسة كثيراً، ولكن اليوم، تحوّل قلمي دون مقدمات إلى الكتابة عن هذه الدولة التي تعتبر مدرسة تاريخية وقامة كبيرة منذ وحّد أطرافَها مؤسسُ المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، على ما حقّق لهذه الدولة المترامية الأطراف، ولمواطنيها من خير كثير نتج عنه وحدة أصيلة بين أبناء الوطن، حقّقت الأمن والأمان بفضل من الله -سبحانه وتعالى- ، ثم بفضل عمله المخلص، فكانت أمناً وأماناً وبناءً ورخاءً.
ولا تزال هذه الدولة بحكامها الأوفياء عقوداً من الزمن شهدت تحوّلات كبيرة بنظرة ورؤية حكيمة سطّرها التاريخ ابتداءً من الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله، رحمهم الله، وجميعهم كانوا يسابقون ظروف الزمان والمكان، ويسعون لإرساء قواعد وأسس راسخة لهذا البنيان الشامخ على هدي من كتاب الله الكريم وسُنة رسوله الأمين، صلى الله* عليه وسلم، فتحقّقت الأهداف لخدمة الدين والوطن والمواطن.
ولقد شهدت مملكتنا خلال العشر سنوات الأخيرة إنجازات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (رحمه الله) الكثيرة والمتعدّدة، والتي تُعدّ وفاءً كبيراً لدينه ولشعبه ووطنه وأمته. هو حكيم العرب، كانت له نظرة خاصة استثنائية في هذا العالم الواسع.
والذي ينظر إلى المملكة اليوم يجد الحكمة والدراية بين قيادتها وشعبها، فأضحت هذه السياسة مدرسة يمكن الاستفادة والتعلّم منها، ومن هذا الدرس كمادة وموضوع عن التلاحم الوطني، وحبّ الشعب للقيادة والقيادة للشعب، والذي لن يجدونه في أروقة المكتبات، ولا في مواقع الإنترنت، بل في قلب وشريان كل مواطن سعودي. ومن يريد أن يتعلّم فلا أظن أننا سنتأخر عنه. كفى فتن وكفى فوضى. ألا نتعلم من حولنا ونحمد الله على هذه النعمة، نعمة الأمن والأمان.
في ليلة صعبة عاشها الشعبُ السعودي الكريم الوفيّ، بعد الإعلان عن وفاة المغفور له بإذن الله، سيدي وحبيب الشعب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، استيقظ العالم على فقْد ملك شجاع، وشخصية قيادية، مهما نكتب عنه لا نستطيع حصرَ أعماله ولا إنسانيته وما قدمه للعالميْن العربي والإسلامي. أسأل الله -العلي القدير- أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته جزاء ما قدّمه لدينه وشعبه ووطنه وأمته العربية والإسلامية.
الاختبار الحقيقي هنا والعالم يشاهد سلاسة انتقال السلطة، على الرغم مما حولنا في المنطقة من صراعات كبيرة وفتن واضطرابات، والكل ينظر إلينا، وينتظر ماذا سنفعل؟
ونحن نقول لهم: ألا تعلمون أننا شعب واحد، نحب قيادتنا أكثر مما نحب أنفسنا، ونضحّي بكل غالٍ وثمين من أجل وطننا وحكامنا.
نعم. خير خلف لخير سلف. إن مبايعة واستقبال العزاء في آن واحد ما هو إلا صورة من صور التلاحم العظيمة الشامخة، وتتجلى إحدى صور التلاحم في مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز حفظهم الله، وكلنا يقول: سمعاً وطاعة، وندعو الله أن يوفقهم لإكمال مسيرة البناء والعطاء، بمحبة شعب عظيم للملك سلمان، الذي يتمتع برؤية ثاقبة، ويعتبر صاحب الرأي السديد لقادة المملكة، والمحبوب على مستوى العائلة المالكة والشعب. وإضافة لحنكته السياسية يتحمّل مسؤولياته العظيمة لخدمة دينه ووطنه وشعبه وأمته.
ختاماً:
وطني مجدٌ خفّاق ولا مكان لأصحاب الفتن. فعذراً، المدرسة وطنية ومناهجها التلاحم وخدمة الوطن. وأتمنى من سمو وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل تبنّي المنهج للتلاحم بين القيادة والشعب، وبالتعاون مع وزارة الخارجية، فتح صالات في السفارات لشرح آلية ومكوّنات هذا التلاحم وأهدافه، وكيف يتم ذلك؟
من المهم جداً عرض تجربة المملكة على العالم، لعلّهم يتعلمون هذا التلاحم، ولتعيش الكرة الأرضية بسلام، وبلا قطرة دماء لطفل، أو رؤية شيخ عاجز أو أرملة ثكلى.
حفظ الله قيادتنا وحكومتنا ومسؤولينا، الذين يتفانون ويعملون لرفعة هذا الوطن الغالي على قلوبنا.
عن المواطن*