فايرس كورونا
هذا الكائن المجهري حطم جبروتنا،وأظهر مدى ضعفنا،وسخفنا،وضحالتنا،وقلة حيلتنا.
فايروس صغير حطم جبروت الإنسان،وجعل من حضارة إنسانية عمرها سبعة آلاف عام مجرد أضحوكة..
كم كذبنا على بعضنا،وكم سرق غنينا فقيرنا،كم تفاخرنا بألقاب زائفة،وكم رأينا أننا الأصلح والأذكى والأقوى من بين جميع الكائنات..
لكننا نبدو اليوم كائنات هشة بائسة تثير الشفقة.. نختيبئ في منازلنا ونعزل انفسنا.
أين دول العشرين إذن؟
أين العالم الأول؟
أين جبروت أميركا،وأوربا،والروس،والصين، واليابان
أين الجامعات،ومراكز الأبحاث؟
وأين أبطال نوبل
رئيس وزراء بريطانيا ( العظمى)، يطلب من مواطنيه توديع الأحبة،
ورئيس الولايات المتحدة يقطع الرحلات الجوية مع العالم،
رئيس وزراء كندا يحجر نفسه،
نجوم سينما،
أندية رياضية كبرى،
بطولات عالمية،
مسارح،وصالات سينما،
مهرجانات،
معارض كتب،
مدارس وجامعات،
جميعها تتوقف عن الحركة..
والحركة مشلولة في محطات القطار،وفي المطارات،ومحطات النقل الكبرى،
المصافحة ممنوعة،والتقبيل جريمة، والاحضان ممنوعة.
الحشود مصيدة المغفلين،
أماكن العبادة المقدسة ما بين ومكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف والفاتيكان وكنيسة القيامة تغلق أبوابها..
الشك والريبة والخوف والقلق تسيطر على حواسنا،فيتعطل الدماغ عن التفكير السليم..
لم يكن ذلك بسبب حرب نووية،ولا مهاجمة كائنات فضائية لكوكبنا..
إنما بسبب فايروس صغير..
فايروس يجعل من سرف الدبابات،وأسراب الطائرات،وأحدث أنواع الرادارات...مجرد آلات غبية لا تصد هجوم،ولا تهدد عدو..
أقتصاد العالم يُشل،
والبورصات الكبرى تتهاوى،
أسعار النفط تسقط،
والأغنياء يحبسون أنفاسهم..
وحدهم الفقراء أمينون في القافلة،لكنهم ليسوا أمينين من الإصابة بكورونا،فهم مهددون مثلما الأغنياء بهذا الوباء..
على مدى القرون الماضية خضنا عدداً كبيراً من الحروب..
كنّا نرغب بتحطيم الآخر وقطع نسله إلى الأبد..
حروب دينية،
غزوات،ومؤامرات، وانتهاك لحرمة دم الإنسان..
صراعات ومهاترات،
حربين عالميتين،حربٌ باردة،
ضغوط على الشعوب الضعيفة،وابتزاز للأمم الفقيرة
أنهار من الدماء،وجيوش من الأيتام،والأرامل، والجرحى، والمعاقين وكبار السن الذين لا مأوى لهم،والأطفال الذين يأنون من آلام المجاعة..
كل ذلك بسبب طمع الإنسان،وجشعه،ونزعته لظلم الآخر، وسلب ما لديه...ليس على مستوى الدول،بل حتى على مستوى الأفراد والجماعات..
اليوم صار كل شيء في مهب الهاوية..
وأصبحَ كل كبير صغير،
وكل قوي ضعيف،وكل غني فقير..
فإذا كانت العولمة قد جعلت من العالم مجرد قرية،فإن الكورونا جعلت منهُ اليوم مجرد فقاعة..
.
تعالوا لنراجع انفسنا ونرتب حساباتنا ونسال انفسنا هل نحن جاهزين لليوم الآخر هل نحن مستعدين للقبر وما بعد الموت؟
اسال الله ان يلطف بنا ويرحمنا ويعافينا ويعف عنا.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
أ.د. محمد حمد خليص الحربي
صاحب ومدير عام منتجع الملوك السياحي ومتحف كنوز المعرفة بالعلا.