تحريض ثم تنفيذ
ابتهج الناس في محافظة عدن وما حولها من المحافظات الأخرى بعد التخلص من المليشيات الانقلابية وبعد نجاح المقاومة الحقيقية في دحرها بدعم ومشاركة قوات التحالف العربي وسلاحه الجوي على وجه التحديد الذي كان له الدور الأكبر في تفتيت قوة المليشيات الانقلابية وتشريد من خلفها،
وفي الوقت الذي بدأ الناس بالعودة الى منازلهم ويحدوهم الأمل لتستعيد عاصمتهم المؤقتة ألقها وتوهجها وخاصة أن الحديث عن إعادة الاعمار يتردد على السنة المسؤولين والمحللين السياسيين والإعلاميين في معظم الوسائل الإعلامية فبالتالي أن أقل المتفائلين يقول عدن ستستعيد دورها ما قبل 1967م قبل ان يخرجها الرفاق من الحياة وآخرين يقولون ستتحول عدن الى دبي ثانية في المنطقة ولها من المقومات الطبيعية والجغرافية ما يؤهلها لذلك وأكثر،
تلك كانت الأماني والأحلام وأما الواقع فعصر جديد من الملشنة المنظمة حوّل تلك الأحلام الى كوابيس ورعب، قتل هنا تفجير هناك بلطجة في مكان آخر حكومة لا تستطيع البقاء الا في مربع صغير ورئيس تمنع طائرته من الهبوط في المطار ووزراء محرّمٌ عليهم دخولها واستهداف منظم بتصفية علماء وخطباء ومصلحين ووجهاء وزجّ بآخرين في غياهب السجون والمعتقلات، أهذه عدن التي نريد؟
وقبل هذا عمل اعلامي تحريضي على أوسع نطاق شارك فيه كثير من الناس ضمن خطة مرسومة ممنهجة تستهدف كل معارض لصانع هذه الفوضى وشيطنته في نظر العامة مما جعل المنفذين لما جرى من أعمال قتل ونهب وتشريد ينفذون ما اوكل إليهم بدم بارد غير مبالين وكأنهم يقومون بعمل بطولي،
وقد شارك الكثير كما اسلفت في هذه الحملة التحريضية المنظمة والموجهة منهم سياسيين واعلاميين استخدموا القنوات والمنابر المتاحة لهم بإشعال فتيل الفتنة بإفراغ ما تحمله نفوسهم المريضة من أحقاد تجاه الغير، ونشطاء في وسائل التواصل كانوا هم الأسواء بما تخطه أيديهم وما تتلفظ به السنتهم، اتقان في صناعة الكذب والاشاعة ومهارة في التحريض، منهم من هو داخل البلد ومنهم من يعيش خارجها فهذا ينعم بالأجواء الأوروبية والأمريكية وديمقراطيتهم ومكتسبات اللجوء السياسي والانساني ويرى بعينيه نماذج التعايش في تلك المجتمعات بين مختلف القوى السياسية والحزبية ويرى بأم عينية تطور تلك البلدان وما ابدعت عقول مفكريها وساستها ونخبها ولكن كل ذلك لم يؤثر فيه إيجابا بل ظلت تعشعش في راسه ثقافة قريته التي جاء منها كيف يذكي الصراعات في منطقته وينقلها الى عدن كيف يقتل هذا كيف تتم تصفية المعارضين والتحريض على ذلك الفصيل وذاك الإعلامي وذاك الناشط السياسي والاجتماعي وذاك الداعية والخطيب والامام وعلى أولئك البسطاء من الباحثين عن لقمة العيش تحريض فظيع وعلى قدم وساق من خلال ما يبثه من سموم قاتلة ومن استهداف مباشر يجعل من ينفذ لا يشعر بلحظة ندم على ما اقترف من جريمة،
وآخرون في دول الجوار ينعمون برغد العيش وما فتح الله به عليهم من وفرة مالية لم يكن ليحصلوا عليها في الزمان الغابر لحكم حزبهم المتهالك فحوّلوا هذه الإمكانيات لدعم ناشري الفوضى ومرتكبيها،
صحيح ان هناك جهات أخرى هي من تبنّت مثل هذه السياسات لكنهم هم من أدواتها وهذا أصبح علنا ولم يعد خافيا على أحد،
التهديد الأخير الذي تعرّض له الأخ العزيز فتحي بن لزرق وصحيفته عدن الغد ما هو الا امتداد لما حصل لغيره ممن أشرنا إليهم الهدف هو القضاء على كل من يعارضهم بالقتل والتشريد والإرهاب وتكميم الافواه،
قد يقول قائل هذا مجرد كلام لا قيمة له وأقول لهم لا هذا تحريض مباشر فالتحريض سياتي بعده التنفيذ كما حصل سابقا،
واعود لتوجيه السؤال مرة أخرى لذوي العقول فقط،
هل هذه عدن التي نريد؟
هل بهذه العقليات المنغلقة ستبنى دولة؟؟
هل بطباع العبيد والمرتزقة سنتقدم او يحصل المواطنون على ما يطمحون اليه؟
هل لغة القتل والتخوين والاستئصال هي التي ستربي لنا جيلا محترما ويُحترم؟