سلوكيات الصداقة في التعامل وتحقيق صفاء النفس
دائرة الصداقة دائرة ضيقة مهما كثر الأصدقاء..لا يمكن بأي حال من الاحوال أن يكتفي الصديق بدائرة أصدقائه وعصبته عن سواهم .
ومن هنا كان تجاوز الإنسان هذه الدائرة إلى ساحة المجتمع حتما لازما، حيث تقوم بذلك حياته . ومن هنا كان لا بد للصداقة وهي نموذج حياة إنسانية مركزة في وعي صاحبها ، وفي انضباط علاقاتها الذاتية، لا بد أن تكون المدرسة التربوية التي ينطلق المرء من تجربتها للتعامل مع الآخرين من خارجها ( فهما ، وحسن ظن ، وأدب تعامل ) وغير ذلك . ولكن الأمر في الواقع كثيرا ما يكون بعكس ذلك . للأسف .
وكأن الصديق يستفرغ ذلك الجمال الذي يكتسيه مع أصدقائه في دائرتهم ، فلا يبقى لمن هم خارج هذه الدائرة سوى ضد ذلك الجمال . فهو مع أصدقائه لطيف ، مؤثر ، باذل نفسه في سبيلهم ، ومع الآخرين من حوله ضد ذلك ، إما محطما ، أو على الأقل غير مبال .مع أنه قد يكون فيمن هو خارج دائرة صداقته من هو أولى بمعروفه وإحسانه
وحبه من خاصته؛ لامتيازه عليهم بعلم وصلاح ونحوه . ولعل مثل هذه الصورة تتضح كثيرا في المدن الريفية ، فالناس في تلك المدن متعارفون ، متقاربون في اختصاصاتهم ذوو ارتباط اجتماعي تراثي ، ولكنهم رغم ذلك يتشكلون في "عصب" منفصلة عن بعضها ، متقوقعة على نفسها ، حتى تكاد تمثل كل منها طبقة متميزة ، أو مدرسة خاصة ، ومن ثم فعلاقة الفرد بغير أفراد عصبته علاقة انفصام أو تجاهل أو ازدراء واستهجان .
وليس ذلك محصورا بالعصب الفاسدة ، التي تمثل نشازا في المجتمع فتتقوقع على ذاتها كنوع من الهروب . وهي تندثر شيئا فشيئا بحمد الله . وإنما هو واقع بعض العصب الطيبة من ذوي المعرفة والصلاح ، وهذه - لا شك . مأساة؛ أي والله إنها مأساة؛ أن ترى مجموعة من ذوي الفهم والمعرفة والصلاح ، وقد يكونون من ذوي الاهتمامات الدعوية ، فهم خيرون بذواتهم ، مجتهدون في إصلاح غيرهم ، ثم تراهم منافرین لمن هم خارج دائرتهم . أفراد أو عصبا . وقد يستهزؤون بهم ويهونون من شأنهم لدى الآخرين ، ولا يعترفون لهم بفضل ، وإن كانوا يفوقونهم بدرجات . والحق أن سلبية المسلم خارج دائرة أصدقائه نقص غير مقبول ، لا إسلاميا ، ولا نفسيا ، ولا اجتماعيا .
غير مقبول إسلاميا : لأن أوامر الله ، وأوامر رسوله - صل الله عليه واسلم - للمؤمن تجاه إخوانه المسلمين بالمبرة والإحسان ، والتعاون على البر والتقوى ، والحمل على المحمل الحسن اما أمكن ، وحفظ الغيب ، والنصح والدعوة بالحكمة ، والموالاة بحسب الطاعة ، وحب الخير كما يحبه لنفسه ،
كما أن النهي عن ضد ذلك من محاربة ومشاقة وتنفير عنهم واستهزاء بأحوالهم ، وحسد لهم على ما آتاهم الله من فضله ومدابرتهم ، وإساءة الظن بهم ، والتضايق من الجلوس إليهم ، والأنفة من التعاون معهم ...
كل ذلك - اوامر و نواهی - ليس محصورا بالفئة التي يصاحبها المرء خاصة ، إنه عام بين المسلم وإخوانه المسلمين لما يحملونه من هذا المعنى . الإسلام ، وعلى مقدار حملهم له أيضا؛ سواء كانوا من أصدقائه المقربين أو من معارفه ، أو من غيرهم •
وغير مقبول نفسيا : لأن الشخص الذي يعيش في مجتمع وهو يعاني عزلة . ولو شعورية عن أكثر أفراد مجتمعه يقع فريسة آفات نفسية كثيرة ، كالنظرة العدائية للمجتمع، والنزوع إلى البعد عنه ، وازدواج الشخصية في التعامل مع الآخرين؛ لأن التعامل ضرورة ما دام يعيش في هذا المجتمع ، ووقوعه فريسة للتوهمات التي تصيب الإنطوائيين ، لأن وضعه نوع من الانطواء وإن كان أوسع من الانطواء على الذات ،
حيث انطوى على صديقه أو عصبته المحدودة ، لكنه انطواء على أي حال هو : مرض نفسي ، له آثار سلبية كثيرة على صاحبه ، كما هو مشاهد في الواقع ، وكما تفيده الدراسات النفسية .
وغير مقبول اجتماعيا : لأن المجتمع لا ينجح ويبلغ كماله الخلقي والحضاري ، ولا تحقق علاقاته غاياتها صلاحا وأمنا وتقدما ، إلا حينما تسود بين أفراده روح المحبة والألفة والتعاون والتكامل في مختلف وجوهه المادية والأدبية؛ نتيجة تجاذب ذاتی بين القلوب ، لا تنفيذا جافا لمتطلب قانون ، واستجابة آلية لقسرية سلطان حاکم . ومن هنا : فالصديق أو الرفقة - وهي نعمة من الله سبحانه وتعالى للإنسان إذا كانت صالحة مناسبة . ينبغي أن يكون أثرها إيجابيا نافعا لصاحبها ولمجتمعه . فتكون . كما سلف . مدرسته التربوية في أدب التعامل مع غيره ، وتحقيق صفاء النفس للاخرين ، والمواءمة بين مصالحه الشخصية ، ومصالح الآخرين المحيطين به ، دون تطفيف أو غمط ، بحيث ينطلق من تعامله مع أصدقائه في دائرة عصبته إلى التعامل مع سائر إخوانه المسلمين بذلك الأسلوب .
وليحذر المسلم أن تكون هذه الصداقة سبيلا إلى بطر الحق وغمط الناس ومدابرة إخوانه المؤمنين ، أو حاجزا بينه وبينهم ، فإن ذلك فوق أنه أمارة خلل في تلك الصداقة التي أنتجت هذه الآفات هو نقص في الدين ، وتفريق للأمة ، وعوق للدعوة ، ومدخل للشيطان الرجيم ، وانحراف عن الصراط المستقيم .
ومن هنا كان تجاوز الإنسان هذه الدائرة إلى ساحة المجتمع حتما لازما، حيث تقوم بذلك حياته . ومن هنا كان لا بد للصداقة وهي نموذج حياة إنسانية مركزة في وعي صاحبها ، وفي انضباط علاقاتها الذاتية، لا بد أن تكون المدرسة التربوية التي ينطلق المرء من تجربتها للتعامل مع الآخرين من خارجها ( فهما ، وحسن ظن ، وأدب تعامل ) وغير ذلك . ولكن الأمر في الواقع كثيرا ما يكون بعكس ذلك . للأسف .
وكأن الصديق يستفرغ ذلك الجمال الذي يكتسيه مع أصدقائه في دائرتهم ، فلا يبقى لمن هم خارج هذه الدائرة سوى ضد ذلك الجمال . فهو مع أصدقائه لطيف ، مؤثر ، باذل نفسه في سبيلهم ، ومع الآخرين من حوله ضد ذلك ، إما محطما ، أو على الأقل غير مبال .مع أنه قد يكون فيمن هو خارج دائرة صداقته من هو أولى بمعروفه وإحسانه
وحبه من خاصته؛ لامتيازه عليهم بعلم وصلاح ونحوه . ولعل مثل هذه الصورة تتضح كثيرا في المدن الريفية ، فالناس في تلك المدن متعارفون ، متقاربون في اختصاصاتهم ذوو ارتباط اجتماعي تراثي ، ولكنهم رغم ذلك يتشكلون في "عصب" منفصلة عن بعضها ، متقوقعة على نفسها ، حتى تكاد تمثل كل منها طبقة متميزة ، أو مدرسة خاصة ، ومن ثم فعلاقة الفرد بغير أفراد عصبته علاقة انفصام أو تجاهل أو ازدراء واستهجان .
وليس ذلك محصورا بالعصب الفاسدة ، التي تمثل نشازا في المجتمع فتتقوقع على ذاتها كنوع من الهروب . وهي تندثر شيئا فشيئا بحمد الله . وإنما هو واقع بعض العصب الطيبة من ذوي المعرفة والصلاح ، وهذه - لا شك . مأساة؛ أي والله إنها مأساة؛ أن ترى مجموعة من ذوي الفهم والمعرفة والصلاح ، وقد يكونون من ذوي الاهتمامات الدعوية ، فهم خيرون بذواتهم ، مجتهدون في إصلاح غيرهم ، ثم تراهم منافرین لمن هم خارج دائرتهم . أفراد أو عصبا . وقد يستهزؤون بهم ويهونون من شأنهم لدى الآخرين ، ولا يعترفون لهم بفضل ، وإن كانوا يفوقونهم بدرجات . والحق أن سلبية المسلم خارج دائرة أصدقائه نقص غير مقبول ، لا إسلاميا ، ولا نفسيا ، ولا اجتماعيا .
غير مقبول إسلاميا : لأن أوامر الله ، وأوامر رسوله - صل الله عليه واسلم - للمؤمن تجاه إخوانه المسلمين بالمبرة والإحسان ، والتعاون على البر والتقوى ، والحمل على المحمل الحسن اما أمكن ، وحفظ الغيب ، والنصح والدعوة بالحكمة ، والموالاة بحسب الطاعة ، وحب الخير كما يحبه لنفسه ،
كما أن النهي عن ضد ذلك من محاربة ومشاقة وتنفير عنهم واستهزاء بأحوالهم ، وحسد لهم على ما آتاهم الله من فضله ومدابرتهم ، وإساءة الظن بهم ، والتضايق من الجلوس إليهم ، والأنفة من التعاون معهم ...
كل ذلك - اوامر و نواهی - ليس محصورا بالفئة التي يصاحبها المرء خاصة ، إنه عام بين المسلم وإخوانه المسلمين لما يحملونه من هذا المعنى . الإسلام ، وعلى مقدار حملهم له أيضا؛ سواء كانوا من أصدقائه المقربين أو من معارفه ، أو من غيرهم •
وغير مقبول نفسيا : لأن الشخص الذي يعيش في مجتمع وهو يعاني عزلة . ولو شعورية عن أكثر أفراد مجتمعه يقع فريسة آفات نفسية كثيرة ، كالنظرة العدائية للمجتمع، والنزوع إلى البعد عنه ، وازدواج الشخصية في التعامل مع الآخرين؛ لأن التعامل ضرورة ما دام يعيش في هذا المجتمع ، ووقوعه فريسة للتوهمات التي تصيب الإنطوائيين ، لأن وضعه نوع من الانطواء وإن كان أوسع من الانطواء على الذات ،
حيث انطوى على صديقه أو عصبته المحدودة ، لكنه انطواء على أي حال هو : مرض نفسي ، له آثار سلبية كثيرة على صاحبه ، كما هو مشاهد في الواقع ، وكما تفيده الدراسات النفسية .
وغير مقبول اجتماعيا : لأن المجتمع لا ينجح ويبلغ كماله الخلقي والحضاري ، ولا تحقق علاقاته غاياتها صلاحا وأمنا وتقدما ، إلا حينما تسود بين أفراده روح المحبة والألفة والتعاون والتكامل في مختلف وجوهه المادية والأدبية؛ نتيجة تجاذب ذاتی بين القلوب ، لا تنفيذا جافا لمتطلب قانون ، واستجابة آلية لقسرية سلطان حاکم . ومن هنا : فالصديق أو الرفقة - وهي نعمة من الله سبحانه وتعالى للإنسان إذا كانت صالحة مناسبة . ينبغي أن يكون أثرها إيجابيا نافعا لصاحبها ولمجتمعه . فتكون . كما سلف . مدرسته التربوية في أدب التعامل مع غيره ، وتحقيق صفاء النفس للاخرين ، والمواءمة بين مصالحه الشخصية ، ومصالح الآخرين المحيطين به ، دون تطفيف أو غمط ، بحيث ينطلق من تعامله مع أصدقائه في دائرة عصبته إلى التعامل مع سائر إخوانه المسلمين بذلك الأسلوب .
وليحذر المسلم أن تكون هذه الصداقة سبيلا إلى بطر الحق وغمط الناس ومدابرة إخوانه المؤمنين ، أو حاجزا بينه وبينهم ، فإن ذلك فوق أنه أمارة خلل في تلك الصداقة التي أنتجت هذه الآفات هو نقص في الدين ، وتفريق للأمة ، وعوق للدعوة ، ومدخل للشيطان الرجيم ، وانحراف عن الصراط المستقيم .