المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 25 نوفمبر 2024
ناصرمضحي الحربي
ناصرمضحي الحربي

عن ناصرمضحي الحربي

إعلامي صحافي -كاتب إجتماعي- دعم فني أنظمة إدارة المحتوى المستخدمة في بناء المواقع
مدير المتابعة والتدقيق في صحيفة غرب الإخبارية
محترف البرمجة بلغة php
صحفي سابق في جريدة البلاد/مجلة الشرق/ جريدة اليوم/ مجلة مزون الاماراتية
شاعر بعيد عن الأضواء

سلوكيات الصداقة في التعامل وتحقيق صفاء النفس


image
دائرة الصداقة دائرة ضيقة مهما كثر الأصدقاء..لا يمكن بأي حال من الاحوال أن يكتفي الصديق بدائرة أصدقائه وعصبته عن سواهم .

ومن هنا كان تجاوز الإنسان هذه الدائرة إلى ساحة المجتمع حتما لازما، حيث تقوم بذلك حياته . ومن هنا كان لا بد للصداقة وهي نموذج حياة إنسانية مركزة في وعي صاحبها ، وفي انضباط علاقاتها الذاتية، لا بد أن تكون المدرسة التربوية التي ينطلق المرء من تجربتها للتعامل مع الآخرين من خارجها ( فهما ، وحسن ظن ، وأدب تعامل ) وغير ذلك . ولكن الأمر في الواقع كثيرا ما يكون بعكس ذلك . للأسف .
وكأن الصديق يستفرغ ذلك الجمال الذي يكتسيه مع أصدقائه في دائرتهم ، فلا يبقى لمن هم خارج هذه الدائرة سوى ضد ذلك الجمال . فهو مع أصدقائه لطيف ، مؤثر ، باذل نفسه في سبيلهم ، ومع الآخرين من حوله ضد ذلك ، إما محطما ، أو على الأقل غير مبال .مع أنه قد يكون فيمن هو خارج دائرة صداقته من هو أولى بمعروفه وإحسانه
وحبه من خاصته؛ لامتيازه عليهم بعلم وصلاح ونحوه . ولعل مثل هذه الصورة تتضح كثيرا في المدن الريفية ، فالناس في تلك المدن متعارفون ، متقاربون في اختصاصاتهم ذوو ارتباط اجتماعي تراثي ، ولكنهم رغم ذلك يتشكلون في "عصب" منفصلة عن بعضها ، متقوقعة على نفسها ، حتى تكاد تمثل كل منها طبقة متميزة ، أو مدرسة خاصة ، ومن ثم فعلاقة الفرد بغير أفراد عصبته علاقة انفصام أو تجاهل أو ازدراء واستهجان .
وليس ذلك محصورا بالعصب الفاسدة ، التي تمثل نشازا في المجتمع فتتقوقع على ذاتها كنوع من الهروب . وهي تندثر شيئا فشيئا بحمد الله . وإنما هو واقع بعض العصب الطيبة من ذوي المعرفة والصلاح ، وهذه - لا شك . مأساة؛ أي والله إنها مأساة؛ أن ترى مجموعة من ذوي الفهم والمعرفة والصلاح ، وقد يكونون من ذوي الاهتمامات الدعوية ، فهم خيرون بذواتهم ، مجتهدون في إصلاح غيرهم ، ثم تراهم منافرین لمن هم خارج دائرتهم . أفراد أو عصبا . وقد يستهزؤون بهم ويهونون من شأنهم لدى الآخرين ، ولا يعترفون لهم بفضل ، وإن كانوا يفوقونهم بدرجات . والحق أن سلبية المسلم خارج دائرة أصدقائه نقص غير مقبول ، لا إسلاميا ، ولا نفسيا ، ولا اجتماعيا .
غير مقبول إسلاميا : لأن أوامر الله ، وأوامر رسوله - صل الله عليه واسلم - للمؤمن تجاه إخوانه المسلمين بالمبرة والإحسان ، والتعاون على البر والتقوى ، والحمل على المحمل الحسن اما أمكن ، وحفظ الغيب ، والنصح والدعوة بالحكمة ، والموالاة بحسب الطاعة ، وحب الخير كما يحبه لنفسه ،
كما أن النهي عن ضد ذلك من محاربة ومشاقة وتنفير عنهم واستهزاء بأحوالهم ، وحسد لهم على ما آتاهم الله من فضله ومدابرتهم ، وإساءة الظن بهم ، والتضايق من الجلوس إليهم ، والأنفة من التعاون معهم ...
كل ذلك - اوامر و نواهی - ليس محصورا بالفئة التي يصاحبها المرء خاصة ، إنه عام بين المسلم وإخوانه المسلمين لما يحملونه من هذا المعنى . الإسلام ، وعلى مقدار حملهم له أيضا؛ سواء كانوا من أصدقائه المقربين أو من معارفه ، أو من غيرهم •
وغير مقبول نفسيا : لأن الشخص الذي يعيش في مجتمع وهو يعاني عزلة . ولو شعورية عن أكثر أفراد مجتمعه يقع فريسة آفات نفسية كثيرة ، كالنظرة العدائية للمجتمع، والنزوع إلى البعد عنه ، وازدواج الشخصية في التعامل مع الآخرين؛ لأن التعامل ضرورة ما دام يعيش في هذا المجتمع ، ووقوعه فريسة للتوهمات التي تصيب الإنطوائيين ، لأن وضعه نوع من الانطواء وإن كان أوسع من الانطواء على الذات ،
حيث انطوى على صديقه أو عصبته المحدودة ، لكنه انطواء على أي حال هو : مرض نفسي ، له آثار سلبية كثيرة على صاحبه ، كما هو مشاهد في الواقع ، وكما تفيده الدراسات النفسية .
وغير مقبول اجتماعيا : لأن المجتمع لا ينجح ويبلغ كماله الخلقي والحضاري ، ولا تحقق علاقاته غاياتها صلاحا وأمنا وتقدما ، إلا حينما تسود بين أفراده روح المحبة والألفة والتعاون والتكامل في مختلف وجوهه المادية والأدبية؛ نتيجة تجاذب ذاتی بين القلوب ، لا تنفيذا جافا لمتطلب قانون ، واستجابة آلية لقسرية سلطان حاکم . ومن هنا : فالصديق أو الرفقة - وهي نعمة من الله سبحانه وتعالى للإنسان إذا كانت صالحة مناسبة . ينبغي أن يكون أثرها إيجابيا نافعا لصاحبها ولمجتمعه . فتكون . كما سلف . مدرسته التربوية في أدب التعامل مع غيره ، وتحقيق صفاء النفس للاخرين ، والمواءمة بين مصالحه الشخصية ، ومصالح الآخرين المحيطين به ، دون تطفيف أو غمط ، بحيث ينطلق من تعامله مع أصدقائه في دائرة عصبته إلى التعامل مع سائر إخوانه المسلمين بذلك الأسلوب .
وليحذر المسلم أن تكون هذه الصداقة سبيلا إلى بطر الحق وغمط الناس ومدابرة إخوانه المؤمنين ، أو حاجزا بينه وبينهم ، فإن ذلك فوق أنه أمارة خلل في تلك الصداقة التي أنتجت هذه الآفات هو نقص في الدين ، وتفريق للأمة ، وعوق للدعوة ، ومدخل للشيطان الرجيم ، وانحراف عن الصراط المستقيم .
 0  0  20.1K