*مما قال د.القصيبي عن د.نــــَتــــّو:*
*البيان و التبيين، عن صاحب الدِّويوين!*(بقلم: د.غازي القصيبي)،
لندن. (أيامَ عمله سفيراً للسعودية في بريطانيا).
الدكتور إبراهيم عباس نــــَتــــّو هو (تَربدَاري) أي تربوي-إداري؛ و هو من المُولَعين بنحتِ الكلمات الجديدة. و لهذا اخترعنا له هذه الكلمة الجديدة: *'تَربدَاري'*..التي تعني أنه متخصص في التربية و الإدارة.. أو 'إدارة التربية'، و ربما تربية الإدارة!
و يظهر هذا التخصص من عناوين مؤلفاته العديدة، مثل:
*'أفكارٌ تربوية'؛
*'المفاهيم الأساسية في عِلم الإدارة'؛
*تطور التعليم الابتدائي في المملكة العربية السعودية'؛ و 'الإدارة المدرسية في البحرين'.
و لقد عملَ في حقلي الإدارة و التربية تكنوقراطياً و باحثاً و أستاذاً جامعيا..
على أن هذا كلـّهُ لا يعنيني هنا في هذا المقال..
بل يعنيني أن اتحدتَ عن مؤلَّفٍ طريفٍ من مؤلفاته اسمه الأصلي (الدِّويوين).. و التسمية هي منه، لا مـنـّي.
*قال أبو يارا:*
باغــَــتَنا الدكتور إبراهيم عباس نّـتّـو في ديوانية السفارة السعودية بالبحرين بقصيدة، و كان ذلك في 9 من مايو 1985م؛ و كانت القصيدة عن الشابة المناضلة اللبنانية الشهيدة (سناء يوسف محيدلي).. 'عروس الجنوب!'
و كــُنا، رُوّاد الديوانية، نعرف د.إبراهيم عباس نــــَتــــّو أستاذاً جامعياً مرموقاً و باحثاً معروفاً.. و لكننا لم نعرفّ له شعراً قبل تلك الأمسية.
و من وقتها، و حتى هذه اللحظة، فالدكتور التربوي الذي نبغَ شعراً فُجأةََ، لم يَكفْ عن قول الشعر! و كان يجمع ما يكتبه في دفتر صغير يطلقُ عليه اسم (الدِّويوين)؛ و يُهددُ بنشره.. حتى نشره مؤخراً باسم (مكة الثــُّريا).. وَرَقّاه إلى 'ديوان'.
إبراهيم عباس نــــَتــــّو لا يدّعي أنه شاعر.. و هو يتحدثُ في مقدمة ديوانه عن 'تــوَسِّعِه في النظم'. و ما احتواه الديوان من نظم لن يدخل تاريخ الأدب.. ولكنه سيدخل، بجدارة، تاريخ 'الإخوانيات'.
الديوان، في مجمله، شعر مناسبات يضمُّ كل مناسبة تخطرُ على البال.. (و مناسبات لا تخطرُ على البال..)!
و الطريف في الأبيات -و مُعظمُها طريف- أن صاحبنا يخترعُ كلماتٍ جديدة و لا يبالي..!
فكان الشاعر في هذه السطور يُحوّل 'الدبلوماسي' في قصيدة من القصائد إلى 'الدِّبلامي'..مثلاً؛ (و -الدِّبلامي- طبقاََ لشاعرنا: "هو تحوير تجديدي مني، فالمقصود هو 'الدبلوماسي'..!)
*فيا مجامعَ اللغة العربية حَذار! حَذار!*
و 'الكيرم' -اللعبة المعروفة- تـَحوَّلت إلى 'الكيرَمام' لضرورة الشعر؛ و 'الرَّبكا'، كلمة نحتها المؤلف من كلمتَي 'الروك' من الموسيقى الأمريكية، و 'الدَّبكا' من الموسيقى اللبنانية؛ و 'الحَيهوائي'، كما يقول المؤلف، كلمة منحوتة من كلمتي 'حياة' و 'هواء'؛ و المقصود هي التمارين الرياضية التي تصاحبها الموسيقى، و تـُمارس في الهواء الطلق! Aerobics.
و في (الدِّويوين) من هذه الكلمات عشرات.
و علاوةً على اختراع كلمات جديدة، فإنّ إبراهيم نــــَتــــّو يتمتع بقدرة فائقة على إدخال (أي اسم!) في قصائده..
و إذا استعصى عليه الوزن غَيّرَ الاسم!
و يكفي هنا مثالٌ واحدٌ جمَعَ فيه (نــــَتــــّو) من أسماء الأعلامِ ما لم يسبقهُ إليه شاعر.. و لن يلحقهُ فيه شاعر!
يقول البيتُ الذي يتحدث عن رُواد ديوانية السفارة السعودية في المنامة، بدولة البحرين:-٨
*بسّامٔ..عَمَري..عَمّارُ..الشّوَى..حَمدٌ*#
*و المِسلمانِ..حٔمودٌ..مِسرِعُ..المٍنَعي!**
و إذا بدا هذا البيت شبيهاً بالألغاز فلابدّ أن نٔحيلكم إلى هامش المؤلف.. لنكتشف أنّ:-
*بسام: عبدالرحمان حمد البسام؛
*عُمري: سعد صقر العمري؛
*عَمّار: سليمان عبدالعزيز العَمّار؛
*الشّوي: تركي إبراهيم الشاوي؛
*حمد: حمد سالم العنيزان؛
*المسلمانِ: طـَلعت المسلماني؛
*مِسرع: ناصر مُفرّح المِسرع؛
*المِنَعي: عبدالعزيز عبدالله المنيع.
لا غروَ إذا أثار هذا البيتُ الأعجوبة ثائرة ناصر مفرح المسرع، و هو شاعر مُجيد من شعراء النبط، فانتفضَ مُنشِداً:
(نــــَتــــّو) ينتْ و كاتبٍ له خُرافـــــات..
و شِنّ الهجومْ الليٌ جيوشُه نَعام!
و يردِّد الكِلـْمة يِجي عَشرَ مَرات#
و يوزَّعْ البَسمة.. طويلَ السنــام!
و الدليلُ على روح (نــــَتــــّو) الرياضية أنه سَجٌل هذا الهجوم النبطي في ذاتِ (الدِّويوين)، و من ثمَّ في ديوانه المنشور.
و لا ينبغي أن نغادر [الديوان] 'الدِّويوين' قبلَ أن نقول كلمة حق.. وِفق نظامنا بالمصادفة ربما- إلى أبيات لا يضيرُ أي شاعر 'محترف' أن تنسب إليه..
فنذكر من نَظمِ الدكتور نــــَتــــّو هذين البيتين:-
و جُلتُ بِذي الدنيا علىَ كـُلِّ مَنكبٍ#
و صاحبتُ في الأرجاءِ هاذي و هاذيا.
صَبَرتُ عن الممنوع قَصداً و عِفةً#
و صُمتُ عن المحظور.. إلاّ التلاقي!
*قال أبو يارا:*
و هل بــَعدَ التلاقي محظور؟!
كما و أرجو أن تــَغضَّ النظرَ -أيها القارئ- عن 'هذه'، التي أصبحت: 'هاذيا'..
..فقد سبق أن قلنا إنه يجوز (لنــــَتــــّو) ما لا يجوزُ لغــَيره..
ثم هناك هذا البيت:
إذا ما غشانا الليلُ من بــَعدِ جلسة# فبالحُضنِ غطّيني.. و لا تتكلمي.
*قال أبو يارا:*
و أدركَ شهرزاد الصباح..!
و هناك هذا البيت:
قضيـْنا من الوقت الجميلِ سُويعةً#
كبرقٍ أضاءَ الخافقَيْن.. و غابا!
*قال أبو يارا:*
إني لأغبطُ الدكتور نــــَتــــّو على هذا البيت سواءََ أكان يــَقصدُ بالخافقَين المشرقيـْن أو القلبين.. أو الأثنين معاََ!
و بعد، فأقول للراغبين في الاستزادة.. أطلبوا `الدِّويوين` من الدكتور نــــَتــــّو.
*و قد أعذرَ مَن أنذَر!*
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د.غازي عبدالرحمان القصيبي كـــَتبَ هذه المقالة عني بعنوان 'البيان و التبيين عن صاحب الدويوين'؛ و نشـَرَ المرحومُ مقالتـَه هذه في مجلة (المجلة العربية)، الرياض، السعودية. عدد شهر يونية، 1999م، الموافق صفر، 1420هـ؛ ص.ص 22-23.