القتل في بغداد والعزاء في صنعاء
على غير المتوقع لإيران ذاتها و وكلائها مقتل ثاني رجل في إيران بعد المرشد كما تشير لذلك تقارير دولية، والعقل المدبر للحروب بالوكالة في الدول العربية، حيث انه كان يتنقل في مسرح العمليات التي يديرها في العراق وسوريا، بالاضافة إلى لبنان، وسبق أن زار اليمن بعد عاصفة الحزم التي انطلقت في 28 مارس 2015م لاستعادة الشرعية وذلك في إطار مهمة قيادة الحرب ضد اليمنيين وضد التحالف العربي بقيادة المملكة العربي السعودية.
الضربة موجعة لإيران مقتل ما يسمى بقائد فيلق القدس الذي لم ينتصر للقدس بشيء ولم تتحرك قواته قط باتجاه تحرير القدس، سوى إسم فقط لجر عواطف الناس نحو معاركهم العبثية التي مسرحها العراق وسوريا ولبنان واليمن ويروح ضحيتها آلاف من الأطفال والنساء والمشردين وتدمير للبنية التحتية وهدم لكل مفاصل الدولة.
وفي الوقت الذي استبشر العالم فرحا بمقتل سليماني باعتباره مجرم حرب، حيث رحبت دول وأصدرت بيانات، وأمتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بتعبيرات الفرح، وخرجت مسيرات مستبشرة بمقتله، خلاصا من شروره؛ فقد شرب من الكأس الذي جرَّع به الآخرين، واعتبار مقتله طعنة في خاصرة الإيرانيين التي طعنت خواصر الناس وغزت أوجاعها كثير من بيوت المسلمين ، ووزعت الإرهاب في مناطق شتى تحت مسمى تصدير الثورة، في هذا الوقت المليئ بالفرح، ظهرت النائحة الثكلى تستعيد التاريخ الغابر لزمن لم نعشه ولم نعرف تفاصيله للإنتقام لسليماني، وتدين هذا القتل، وتتوعد بنشر المزيد من الفوضى والدمار، بل وتتوعد بتهديد الملاحة الدولية واستهداف المصالح الدولية في العالم، في جرأة تكشف عن سوأتها وزيف ادعاءتها كذبا انتسابها للقرآن الذي يدعو للسلام والتعايش، وتعرية لواقعهم الظلامي الإنتقامي الإرهابي الذي لا ينمو الا على الحروب، ولا يعيش إلا وسط مستنقعات الدماء.
قُتل سليماني في العراق إثر ضربة أمريكية استهدفته مع قادة من المليشيات الإيرانية في كل من العراق وسوريا ولبنان، وسرى الوجع حتى وصل إلى وكلاء إيران في اليمن؛ ظهر ذلك جليا من خلال تصريحات قيادات مليشيا الحوثي الإنقلابية ، ووسائل إعلامهم التي تنوح على هذا الإرهابي، حيث هددت باستهداف المصالح الدولية انتقاما لقائدهم الفعلي والدينمو التي كانت تُحرك الحرب في اليمن.
لقد كان سليماني للحوثيين الرجل الأول مباشرة، حيث زار صنعاء في إطار مهمة حربية كلفه بها خامنئي لإدارة المعارك ضد اليمنيين، وكانت اليمن هي ثالث جبهة عسكرية في الشرق الأوسط تشارك فيها إيران وتدعمها بقوة وتشرف على كل تفاصيلها بعد العراق وسوريا، وقام بخدمات كبيرة قدمها لهم في إطار الحرب على اليمنيين وعلى الدول الداعمة للشرعية، تمثلت ـ هذه الخدمات ـ بالتدريب والدعم اللوجستي وتزويدهم بالأسلحة الحديثة وتقنيات متقدمة ساعدتهم في تطوير الصواريخ والطائرات المسيرة والألغام والمتفجرات، وكذا مساعدتهم في إعداد الخطط العسكرية والعمليات الإرهابية المختلف.
تصريحات الحوثيين وبكائهم عبر وسائل اعلامهم تكشف مدى حجم الفاجعة والصدمة أو الصفعة التي تلقونها، وتظهر للعيان أنها تابعة لإيران حذو القذة بالقذة، وأنها عبارة عن وكيل غير شرعي لتنفيذ مخططات إيران في المنطقة لزعزعة أمن واستقرار اليمن والإقليم، وتبين للعالم حقيقة كونها جماعة إرهابية لا تقل سوءا عن داعش والقاعدة.
إن بقاء هذه المليشيات تعيث في الأرض فسادا، وتمارس أبشع الإنتهاكات في حق المواطنين القاطنين في مناطق سيطرتها، وإطالة أمد الحرب في هذه اللحظة يعطيها الفرصة لإعادة لملمة جراحاتها وتمكينها لإلتقاط أنفاسها وتقوية ترساناتها العسكرية، والواجب اللحظي هو إنهاء الإنقلاب وفقاً للمرجعيات الثلاث والقرارات الدولية واستعادة الشرعية تحت مظلة فخامة المشير عبد ربه منصور هادي، وبناء اليمن الاتحادي الجديد، وعودة اليمن إلى حضنه العربي الأصيل، قبل أن يتم طمس هوية اليمن العربي وهويته الإسلامية السنية الوسطية.
ليدرك الجميع بأن هذا الفكر الذي تصدره ايران للمجتمعات عبر وكلائها قائم على النحيب والندبة، فلا زالوا يقتلون الناس ثأرا للحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه والذي هو برئ من كل قطرة دم ارتكبتها حماقتهم، واليوم يندبون على مقتل سليماني، وسيظل النحيب اوجاعا ودماء تسال من إجل الثأر له وهوما كشفته تصريحاتهم وردود أفعالهم، وهو ما يدعو إلى الحيطة والحذر، وبتر اليد قبل أن تبطش، وفي اليمن يجب إستعادة الدولة، وإنهاء انقلابهم ومحاربة فكرهم الدخيل على مجتمعاتنا...