المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 25 نوفمبر 2024
د.ابراهيم عباس نــَـتــّو
د.ابراهيم عباس نــَـتــّو

عن د.ابراهيم عباس نــَـتــّو

عميدسابق بجامعة البترول.

لتعزيز 'الرَّفاء'، مع محدودية 'البنين'!



اعاودُ هنا مع مطلع ٢٠٢٠م الكتابة عن أهمية تخفيف الإنجاب و التأكيد على ضرورة الحد من النسل و التناسل و الإفراط و الضغط و التكاثر!

في مجتمعنا الشرقي العربي نجدُ توالي إصدارِ الدعوات لحفلات 'عقد النكاح' و 'حفلات الزفاف'.. و فيها نجدُ العبارة التقليدية الثابتة و التي تحمل العشم و الدعاء للمخطوبين بالرفاء و (البنين). ثم نجدُ في كثير من الأحوال الخلطَ بين 'الرفاء' و 'الرفاه'.. (و شتّان بينهما!) و نأمل انهم يقصدون أن يعمّ (الرفاء) و أن يعشعش على العروسين.. و ذلك بمعنى موفور 'الوفاق' و التوافق و الاتفاق؛ و وافر الانسجام و عامر السلام.. بينما الذي نلاحظه فعلاََ هو -في المقابل- مظاهر (الرفاه).. و انواع (الرفاهية) و الترف و الاسراف.. و ذلك في النشاطات و التجهيزات و الترفيه و المأكولات و المشروبات! و بذا يجري التركيز على (الرفاه) على حساب (الرفاء)!

و ليتنا نسارعُ هنا بالتركيز على أهمية الاعتناء بتنسيق و ترتيب (سيرورة) الحياة عند الزوجين، و من ذلك الحمْل و النفاس.. فنرشّد منظومة الانجاب بتقديم النوع على الكم؛ و أن نمعنَ النظر في أهمية عدم الاستعجال في الحمل.. بل ان نترك لطرفي شركة الحياة المبتدئة أكثر من فرصة لترسيخ العلاقة الثنائية (بينهما)؛ فلعله من الغنيّ عن القول بأن فترة التعارف و الخطوبة حتى و لو استمرت لفترة فإنها تبقى مجرد فترة تعارف و خطوبة.. و ليست هي الحياة الفعلية فيما بعد النطق بلفظة `قبلتُ'، مِنها و منه!
فليتنا نؤجل قليلاََ استعمال كلمة 'البنين' في عبارة (بالرفاء و البنين)، و أن ندعوا ضارعين
لهما -في المقابل- بموفور (الرفاء و الوئام و (التوفيق) و الانسجام.

و مما يُساهمُ في توطيد 'العلاقة' الحسنة و تثبيت 'الرفاء'.. تأخيرُ الاستعجال بالبنين و ترك مجال لتنمية أحوال الزوجين العروسين، الاقتصادية و الاجتماعية.. و أن يمضيا في التشارك في اكتساب موارد العيش و المعيشة -بعد فترة الملف الأخضر و تحسس معنى الشغل و تلمس مقدار الراتب الصافي- و في تنمية قدراتهما المادية و الشخصية و النفسية.. و لتكوين بيت عشرتهما الزوجية بمختلف متطلبات السكن الأساسية بالتجهيز الكافي لنمو و نماء عش الزوجية؛ ثم بما يلزمها من الإعداد لمولودهما الأول.. و ذلك (بعد) مرور سنة أو سنتين من عقد زواجهما و حفل زفافهما.. و بعد اكتشاف الحياة على حقيقتها.. فيما وراء جلسة قهوة هنا أو عشاء في سهرة هناك.

فإن من حقيقة حقائق الحياة انها أصبحت فائقة في التعقد و في التشعّب.. سواءََ في المأكل و المشرب، أو في الصيانة و العلاج؛ او في الترفيه و تنمية أوجه المواهب و تنمية الإبداع عندهما و عند من يـُنجبانه. و قد تكفي هنا الاشارة إلى تكاليف حتى بعض أدوات التواصل و أجهزة التسلية و التعلم.. و هل لنا أن نذكر -و لو فقط على سبيل المثال: اقتناء اول (جوّال) للطفل و هو في سن السنة الأولى الابتدائية او حتى في الروضة: فهل يا تُرى سيقبل بالجوال ذي قيمة الخمسين او المئة ريالاََ؟! ام انه سيطلب - و يطالب!- بأمثال الآيباد و الآيبود و الآيفون.. و ما يتلو هذا و ذلك و ذاك من (آي-آي)!!

فالمأمولُ هو تحاشي تركيز التعجيل بـ(البنين).. و العمل على تأجيل و تنظيم الحبـَل و النفاس قليلاَ.. بما يساهم في تخفيف وطأة الأعباء الاقتصادية، و الاجتماعية، و السكانية/الاسكانية و العطالة و البطالة. و بذا يمكننا التركيز على تقديم الاهتمام بتوفير الضروري و اللازم من أسرّة المشافي و مقاعد الدراسة في مختلف درجات السلّم التعليمي.. من الروضة إلى الجامعة؛ و بتوفير مواقف السيارات و تخفيف كظة المرور و اكتظاظ الطرقات.. و كذلك توفير العديد و الضروري من الحدائق و المماشي و أماكن الترفيه و المسابح و البلاجات و المسارح و المراسم و المنتزهات.

و إلاّ فلا و لن يتحقق ايّ من هذا مع وافر التدفق الدافق للإنجاب. و لنا العِبرة في دول من الشرق للغرب، من إندونيسيا إلى إيران إلى مصر إلى نيجيريا. حيثُ لم يُسعف كون جلّ هؤلاء دولاََ نفطية و بمستوى عضوية رابطة الأوبك. و يمكننا هنا تصور حتمية المفارقة و المعضلة بأنّ توافر و تعالي مستوى النفط لم يُسعف -بذاته- في توفير الحياة الكريمة و لو للغالبية الأساسية. و أنّ (أحد) اهم أسباب ذلك هو اختلالُ الميزان بين الموارد و الإفراط في الوالد! و لن يقطع أرضاَ و لن يصل رحِماََ مجردُ تصميم و حبك و اعلان الخطط تلو المخططات طويلة المدى و متوسطها؛ ربما و لا حتى في ٢٠٩٠م.. إن نحن ظللنا نعاركُ و نفارك في لملمة قِربة مخزوقة!

كما و لم و لن يُجدِ التعلـّقُ بالاشارة فقط إلى سعة مساحة الأرض أثناء تبرير الدعوة للتوالد و التناسل و التكاثر؛ فمساحة الأرض بذاتها (دون توافر وسائل و مقوّمات الحياة الكريمة) لن يجدي نفعاََ. و لنا في مصر المثال الواضح، حيث انه رغم نهر النيل الطويل السلسبيل إلاّ أن (مساحة) الأرض المأهولة و الصالحة للسكنى لا تتعدَّى ٩,٥٪ من إجمالي البلاد!!

فدعونا نتضرّع في الدعاء لعرساننا بموفور الرفاء (التوفيق و الوفاق)، لكن مع الحرص الحريص على ارساء قواعد بُنيتهم الزوجية المعتمدة على العقلانية في الإنجاب..مع النوعية في التنشئة!
 0  0  12.0K