المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 27 ديسمبر 2024
محمد توفيق بلو
محمد توفيق بلو

المكفوفون العرب والمنافسة العالمية

في العام 1990م كرم الكفيف الأمريكي السيد «بِل ايروِن» على إنجازه كأول كفيف في العالم يقطع سيراً على الأقدام مع كلبه "اورينت" درب الأبالاش من ولاية «جورجيا» بجنوب الولايات المتحدة الأمريكية إلى ولاية «ماين» بشرقها شاقاً طريقه بين الأودية والجبال مسافة 3524 كم.
وفي العام 1992م قامت الكفيفة الألمانية «صابري تنبيركين» بتعلم لغة بلاد التبت واستحداث طريقة برايل لها والسفر إليها في العام 1997م والتنقل على الدواب بين قراها النائية بمفردها لتقييم أوضاع المكفوفين، وأسست مدرسة لتعليم المدرسين والمكفوفين القراءة والكتابة بطريقة برايل لتكون أول من أسس تعليم المكفوفين في بلاد التبت.
وفي العام 1998م أصبح الجنوب أفريقي السيد جيف هيلتون باربر أول كفيف يقطع المحيط الهندي بمفرده من مدينة «ديربن» بجنوب أفريقيا إلى «فريمانتل» باستراليا قاطعاً 6000 ميل في 50 يوم بيخته «اباكُس» مستخدماً خرائط بطريقة برايل وأجهزة صوتية الكترونية لتحديد موقعه الجيوغرافي.
وفي العام 2001م كان الكفيف الأمريكي السيد «إريك واينماير» أول كفيف يتمكن من تسلق جبال الهملايا والوصول إلى قمة ايفرست.
وفي العام 2007م أستطاع الكفيف الأمريكي «مايلز جيف هيلتون» أن يكون أول كفيف يقود طائرة خفيفة في رحلة جوية استغرقت 55 يوماً قاطعاً 21.500 كم من مدينة «لندن» إلى «سيدني» باستراليا، معتمداً على التقنيات الصوتية ومساعديه «براين ميلتون» و «ريتشارد ميريديث هاردي».
وقد وثقت تلك المنجزات بالصوت والصورة وألفت حولها كتب وصنعت لها أفلام سينمائية ونال أصحابها التقدير والتكريم العالمي على أعلى المستويات.
وحقيقة، ما دفعني للتعريج على تلك الإنجازات وأصحابها، هو غياب إنجازات المكفوفين العرب العالمية، ونقص الوعي المجتمعي عن الإنجازات العالمية للمكفوفين وقدراتهم، فلقد حضرت حفل «جائزة بصير» الذي نظمته الجمعية السعودية لطب العيون بالمنطقة الغربية يوم الجمعة الماضي «23 نوفمبر 2019م» بفندق ريتز كارلتون بجدة برعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن أحمد بن عبد العزيز آل سعود «رئيس الجمعية السعودية لطب العيون» وبحضور صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلطان بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود، على هامش مؤتمر البحر الأحمر الدولي الخامس لطب العيون 2019م، وتضمن برنامج الحفل كلمة لرئيس لجنة الجائزة الدكتور سعود الجهني وعرض فيديو، ثم تقديم نماذج لقدرات بعض ذوي الإعاقة البصرية، وأوبريت «عيون الخليج» الإنشادي، ثم كلمة لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلطان بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود، أعقبها صعود المكرمين للمنصة وألقى كل منهم كلمة مقتضبة عن نفسه، واستلام دروع التكريم، وختم الحفل بتسليم درع تذكاري لسمو الأمير فيصل بن سلطان بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود، والتقاط صور تذكارية.
وبالعودة إلى ما تم استعراضه في الحفل من إنجازات للمكرمين فإنها تعتبر اعتيادية مقارنة بالإنجازات العالمية، وأي كفيف لديه الرغبة والإرادة يستطيع القيام بها لو حصل على التخصص العلمي اللازم والفرصة الوظيفية لممارسة ما تعلمه، وتكريمهم على مثل هذه الإنجازات فقط يعني التقليل من قدراتهم باعتبار أن أي عمل يقومون به يستحق التكريم، واعتقد أن السبب الرئيسي في ذلك هو العاطفة والشفقة التي تهيمن على مجتمعاتنا العربية ونظرتهم تجاه المعاقين بصرياً وقدراتهم.
فكان من المفترض أن يُعطى المكرمون الوقت الكافي للحديث عن إنجازاتهم وكيف حققوها والتحديات التي واجهتهم والدروس المستفادة، ليتسنى للحضور الاستفادة والتعلم من التجربة بدلاً من أن يتحدث عنهم الأخرون بمبالغة تؤدي إلى الانبهارية بأعمال اعتيادية يستطيع أي إنسان أن يؤديها، في ظل غياب إنجازات عالمية حقيقية موثقة لهم.
فبحكم معرفتي بالأستاذ أنور النصار والأستاذ سلمان الشهري وهما من المكرمين أعلم أن إنجازاتهم منذ بداية تحصيلهم العلمي ومسيرتهم الوظيفية وما قدموه لمجتمع المكفوفين والمبصرين معاً في الحقلين التربوي والإعلامي تتجاوز بكثير عما أذيع في الحفل.
كذلك كان من الضروري أن يتضمن برنامج الحفل استعراض نماذج تاريخية لمعاقين بصرياً وإنجازاتهم، بالإضافة إلى نماذج حديثة لإنجازات وإبداعات عالمية لمعاقين بصرياً، بهدف التوعية بالقدرات الحقيقة لذوي الإعاقة البصرية، وتوسع آفاق وطموحات الحضور منهم ليتطلعوا إلى المنافسة العالمية في تحقيق إنجازات تعود بالنفع على الإنسانية وقضايا المعاقين بصرياً.
 0  0  17.9K