المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 25 نوفمبر 2024
فهد حميد الثقفي
فهد حميد الثقفي
فهد حميد الثقفي

لا تنه عن خلق فتأتِ بجيفةٍ



يعيش العالم طفرة تقنية جامحة،وثورة اتصالات كبيرة، وعلى الرغم من فوائدها الحضارية إلا أنها تمثل – أحياناً – انتكاسة أخلاقية،تدمر رواسخ الأخلاق والقيم التي هي بمثابة الأوتاد الداعمة لبقاء الأمم ونهضتها،لاسيما وقد أصبحت التقنية تشكّل عقول الناس وتبني تصوّراتهم وتوجّه أفكارهم....
وديننا الإسلامي هو دين الأخلاق والقيم فقدجاء الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم متمماً لمكارم الأخلاق والفضائل والمحامد و التي أرسى بها قواعد المجتمع الراشد وحفظ بها بناءه، وجعلها قائمة على عقيدة تغرس في النفوس قيماً مثالية تحفظ على الناس أعراضهم، وتستر عوراتهم...

ومما يندى له الجبين ويكشف عورات العقول ومن جملة الأخطار التي هزت أرض القيم والأخلاق هزة عنيفة أطاحت برواسخ الثبات وقوضت عرى المجتمع هو استخدام التقنية في تتبع عورات المسلمين والمسلمات ونشرها وتداولها ونقلها بدعوى فهم خاطئ وجهل ظاهر للنهي عن المنكر..نهجوا فيه منهج الخوارج فتجاوزوا الحدود الشرعية والضوابط المرعية والأخلاق الإنسانية...

هكذا هو اعوجاج الفهم والإناء الناضح بالتجسس والتحسس والتتبع لعورات المسلمين عند رويبضة العصر ومن يدعون الإصلاح الاجتماعي ويتصدرون الحراسة على دين الله...والحديث في أمر العامة..

نعم لقد ابتلينا في عصر التقنية ببعض المتعالمين والمؤدلجين الذين نصبوا أنفسهم قضاة على دين الناس وأخطائهم... يفضحون وينشرون ويجرمون ويفسقون بلا رادع ديني ولا مانع معرفي ولا مبرر أخلاقي...
فقد تتابعت حلقات التشهير بأعراض الناس واستغلال صورهم ومقاطعهم وتتبع عوراتهم حتى استطارت الأفئدة منها خوفاً وقلقاً ...
بل إن كثيراً من هؤلاء المؤدلجين وغيرهم من أصحاب الأجندات الخاصة قد فرغ وقته للصيد المحرم ونقل الجيف النتنة فرحين بسبقهم الصحفي...ومتجاوزين صلاحياتهم الشرعية وولايتهم الدينية ومسؤولياتهم الأخلاقية...اعتقاداً منهم بأنهم صالحون مصلحون وأننا نعيش في الجنة وضمن مجتمع ملائكي خالٍ من الأخطاء والذنوب والمعاصي...جاهلين ومتجاهلين فقه إنكار المنكر وأحكامه ودرجاته..وناسين ومتغافلين عن عدم جواز الإنكار في الأمور الاجتهادية..

فأي إنكار يبرر لنا أن نفضح خلق الله؟!!
وأي إصلاح نكشف به عورات المسلمين؟!!!
وأي حرص على الدين يدعونا إلى هتك أعراض المؤمنين ونقل أخطائهم؟!!
وأي مبرر يسوغ لنا أن ننصب أنفسنا قضاةً على دين الناس؟!!..
قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه ولو في جوف بيته».
وقال ابن القيم في مدارج السالكين: "ومن النَّاس من طبعه طبع خنزير: يمرُّ بالطَّيِّبات فلا يلوي عليها، وهكذا كثير من النَّاس، يسمع منكَ، ويرى من المحاسن أضعاف أضعاف المساوئ فلا يحفظها، ولا ينقلها، ولا تناسبه، فإذا رأى سقطة، أو كلمة عَوْراء، وجد بُغيته، وما يناسبها، فجعلها فاكهته ونقله".
كل هذا وذاك يحتاج منا وقفة تأمل...وتفكير ناضج...ومعرفة دقيقة...وفرصة للمراجعة...ومن ثم عبادة الله على بصيرة..فمن حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه...

بواسطة : فهد حميد الثقفي
 0  0  18.7K