الكلب والخروف
يحكى ان رجلا قرويا أخذ خروفا من خرفانه واراد بيعه في المدينة ليستفيد من قيمته في شئون حياته.
فراقب خروجه من القرية أربعة لصوص فأعدوا خطة محكمة بدهاء بالغ ليسلبوا من الرجل خروفة فاعترضه احدهم في اول الطريق فسلم عليه وقال له لم انت رابط الكلب والى اين ذاهب به قال له ليس كلبا وإنما خروفا قال له بل هو كلب اين عقلك يارجل ؟ وانصرف عنه ومضى صاحب الخروف يمشي في طريقه وبعد ان قطع مسافة لا باس بها فإذا الرجل الثاني من عصابة الأربعة يعترض طريقه مسلما عليه ويبادره بنفس السؤال اين ذاهب بالكلب ولِمَ تربطه بحبل ؟
قال يارجل انه خروف ذاهب به الى سوق المدينة لأبيعه وليس كلبا!
قال له ابعقلك انت انه كلب!
وانصرف عنه ومضى الرجل في طريقه الى المدينة. فاعترضه الثالث وبنفس طريقة صاحبيه فجن جنون الرجل هل انا عاقل ام مجنون وهل هذا الخروف كلبا حقيقة وانت لا ادري؟!
فانصرف ثالث اللصوص والرجل مضى في طريقه لكنه اصبح ضحية الهواجس والأفكار وتشوش عقله تماما
حتى بات مقتنعا ان خروفه الذي يسير خلفه كلبا.
وبينما هو على وشك الوصول الى سوق المدينة المقصودة اعترضه رابع اللصوص واذا به يكمل مابدأ به أصحابه فأكمل بقية الخطة المحبوكة سلفا وأكد له ان الذي يجره خلفه كلبا وليس خروفا وانصرف عن ناظريه.
فقال الرجل نعم يبدو انني اخطات فأخذت الكلب وتركت الخروف في البيت فاخرج الحبل من رقبة الخروف الذي اقتنع انه الكلب واطلقه في البرية وعاد ادراجه الى قريته ليرى الكلب باسط ذراعيه امام منزله. واما اللصوص الأربعة فقد أحاطوا بالخروف وعملوا منه وجبة دسمة لهم مابين المظبي والمقلقل.
ولا عزاء للمغفلين.
ما نعيشه اليوم في الفضاء المفتوح من قنوات إعلامية ووسائل تواصل عبر الشبكة العنكبوتية يجعلنا نعيش هذه القصة بحذافيرها فكم من الضحك على الذقون ينساب عبرها وكم من الحقائق التي تتحول الى اوهام وكذب وكم من كذب وباطل يصبح حقيقة وتعقد له جلسات المناظرات والبرامج المتعددة والندوات وورش العمل وقنوات متخصصة ومحللين أتقنوا كل فنون الكذب والتضليل وأصبحوا من المهرة في هذا المجال على الرغم انهم يعلمون قبل غيرهم ماهم الا مثال حي لسارقي الخروف الذي حولوه كلبا في نظر صاحبه.
واما صاحب الخروف الحقيقي الذي تحول هو الى خروف فهو يمثل ملايين الخرفان التي تعيش كقطعان يسوقها هذا الاعلام او ذاك يسير بها نحو الهدف الذي رسمه لهم بدقة حتى جعلهم يقتنعون ثم بعد ذلك يدافعون عن هذا الباطل قولا وفعلا.
المدركون لبواطن الأمور يعلمون حقيقة مايجري ولا تنطلي عليهم الجمل المنمقة ولا القصائد البليغة المدفوعة الثمن ويتحملون الكم الهائل من سهام البغي التي توجه اليهم لكنهم يبقون شامخين شموخ الجبال
لن تؤثر فيهم ولن تسترهبهم افعال السحرة كما استرهب سحرة فرعون اعين عوام الناس ، وسيبقى الحق واضحا جليا سيلقف ما يافكون سواء عاجلا ام آجلا وحينها سنسير وسنخطوا الخطى الوثابة نحو مستقبل ينعم فيه الجميع بحياة مزدهرة وامن وأمان وحينها سنكون شامة بين الأمم في مشارق الأرض ومغاربها.
فهل سيدرك القادة انهم يتحملون الوزر الأكبر بأن جعلوا الشعب ضحية لهؤلاء السحرة بعد أن مكنوهم من أدوات سحرهم ومنابر ارجافهم وضلالهم وتركوا الشعب دونما حصانة تحميه ليصبح ضحية ومجرد أصفارا على الشمال لا تشكل رقما حقيقيا في عالم الحساب.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
خاتمة:
قال الإمام علي سلام الله عليه
( خيركم من كفَّ فكَّه وفكَّ كفَّه )