ربيع تونس يتجدد
عندما نذكر تونس نتذكر عقبة بن نافع وذلك الرعيل الأول الذين حملوا الرسالة المحمدية الى شمال أفريقيا والمغرب العربي.
وعندما نذكر تونس نتذكر العلامة المؤرخ عبدالرحمن بن خلدون الكندي الحضرمي رائد علم الاجتماع الذي هاجر اجداده من ارض حضرموت فمنهم من استقر في تونس الخضراء ومنهم من واصل السير الى ارض الاندلس المفقود.
وعندما نتذكر تونس نتذكر مدينة سوسة التي كانت تحمل اسم (حضرموت) على مدى قرون خلت ويبدو من خلالها مازالت الباء الحضرمية متواجدة في اسماء بعض العائلات التونسية.
وعندما نتذكر تونس أيضا نتذكر ابو القاسم الشابي
وأبياته الشعرية الخالدة التي رددها ويرددها ملايين الأحرار في العالم.
اذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد ان يستجيب القدر
ولا بد لليل ان ينجلي
ولا بد للقيد ان ينكسر.
تصدرت تونس مشهد الربيع العربي الذي طال انتظاره في نهاية ديسمبر 2010 بعد أن اضرم النار في جسده صاحب عربة الخضار محمد البوعزيزي في مدينة سيدي بوزيد احتجاجا على مصادرة عربته من قبل ضابطة شرطة مستهترة ومجردة من ابسط القيم والأخلاق والإنسانية.
لتنطلق بعدها ثورة سلمية أطاحت بأحد جلاوزة الطغيان في عالمنا العربي ومهندس القبضات الأمنية وراعيها الأول. فانبلج فجر الربيع الساطع والذي سرعان ما اختفى بخريف الثورة المضادة التي أحكمت قبضتها بالدماء والأشلاء. وكانت تونس الوحيدة التي تجاوزت هذه المحنة بفضل الله اولا ثم بالنضوج الفكري لدى عقلائها من النخب السياسية والفكرية وواجهاتها الاجتماعية. فتعلقوا جميعا بخيط الديمقراطية الرفيع ليجنبوا بلادهم الفتن والمحن التي طالما اضرمها عشاقها في كثير من البلدان ومازالت تصطلي بنارها
حتى اللحظة.
وهاهي تونس من جديد ومن خلال شعبها الأبي المغوار الذي لم يتأثر بثقافة الفرْنسةِ والتغريب ذات يوم بل بقيت الدماء العربية تجري في عروقه وشعلة الإيمان وروح الإسلام تتقد في فؤاده فعاد هذا الشعب يسطر من جديد ملحمة جديدة من خلال صناديق الاقتراع ليختار قائدا جديدا مغمورا لم يكن من المشاهير الا في عالم القانون والدساتير لم يكن لديه حزب ولم تدعمه أيادي خفية ولا عصابات المافيا ولا الدول الطامعة.
كان واضحا في برنامجه الانتخابي لا تجاوز لثوابت الدين والعقيدة لا لمشاريع التطبيع مع العصابات الصهيونية بل اعتبرها خيانة عظمى
نعم للعدل والمساواة والمواطنة المتساوية. فاصطف حوله الشعب وساندته الأحزاب وحصل على نتيجة تجاوزت السبعين في المائة.
فهنيئا لتونس هذا الإنجاز العظيم وهنيئا لشعبها الذي وصل لمرحلة من الوعي والإدراك كبيرة لم تضلله وسائل اعلام التضليل الرهيبة كما حصل لشعوب كثيرة ولم تنطلي عليه الأكاذيب والافتراءات والفبركات المصطنعة هنا وهناك على أيدي ابالسة العصر .
فإذاً هذه معالم ومسارات خطها ليقتدي بها الباحثون عن الحرية.
قيس ابن سعيد نجم تلألأ في سماء تونس حقيقة وسطع شعاعه بأمل جديد للشعوب التواقة للحرية.
فهنيئا لتونس هذا الإنجاز العظيم.