منتخبات اليمن تعيد الأمل
في خضم الأحداث المتلاحقة والمستنقع الآسن الذي وصلت اليه اليمن بعد مضي خمسة أعوام من الانقلاب المليشاوي وما حدث بعده من حرب لم تضع بعد أوزارها وبعد ان عاش المواطن اليمني اقسى أنواع التهجير الداخلي والشتات في خارج البلاد ومع كل بارقة امل تأتي بعدها مصيبة اكبر من التي قبلها واذا بنا من حفرة الى شفأ جرف هار.
انعقدت الآمال بانطلاق حكومة الشرعية من العاصمة المؤقتة عدن فإذا هناك اجندة اخرى ترعى امر جللٌ آخر ليستكمل ماتم انجازه في صنعاء قبل خمس سنوات، وعندما استنهضت الشرعية قواها وغيرت المعادلة في شبوه وخطت خطواتها لاستعادة زمام الأمور في عدن فإذا احد اركان التحالف الذي يفترض انه جاء لنصرة الشرعية يصب جام غضبه عليها ويقصف مقدمة جيشها وهو في طريقه لاستعادة العاصمة المؤقتة وبكل بجاحة يعترفون بما اقدموا عليه لأن جيش الشرعية في نظرهم جيش ارهابي واستمر صمت الشرعية الا من بيانات لا ترقى ومستوى الجرم والحدث ومجموعة أصوات من بعض المسؤلين الحكومين لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة.
وضع اليمنيون أيديهم على قلوبهم لأنهم اصبحوا امام ماساة جديدة تطيل امد الحرب وتفرض أمراً واقعا مزروعا بالثارات والصراعات المناطقية ولن يسلم احدا من نتاج ما سيحدث حتى المخدوعين بما يزينوه لهم باعة الوهم سيعيشون الصدمة مرتين مرارة الواقع ومرارة جرعات الكذب الزائفة المغلفة بالأحلام الوردية التي قطعا ماهي الا سراب يحسبه الضمآن ماء.
ولن استرسل فالمآسي والأحزان كثيرة ويصعب حصرها او تفصيلها لكن ورغم كل ذلك تنبثق بين الحين والآخر انوار أمل مشعة تضيئ بعضا من ظلام دامس أرخى سدوله على كل جوانب حياة الانسان اليمني.
وهذه الأنوار الساطعة اتت هذه المرة من جانب الشباب اليمني ومن خلال المنتخبات الكروية التي في الاصل لها خمس سنوات محرومة من اي نشاط رياضي رسمي فإذا هي تصنع تألقا لم يكن في الحسبان فهاهو المنتخب الأول وضمن التصفيات الآسيوية المؤهلة لكاس العالم 2022 يقدم مباراة في قمة الروعة وعلى غير ارضه امام منتخب حقق بطولة الأمم الآسيوية ثلاث مرات ونجومه من أغلى اللاعبين في الوطن العربي تصل بعض عقود لاعبيه الى 25 مليون SR. فإذا بأسود سبأ يتقدمون عليهم مرتين وبأهداف خرافية بالمصطلحات الكروية وتغنى بها المحللين والمعلقين الرياضيين وستضل محفورة في ذاكرة الجمهور اليمني امتدادا لهدفي ابوبكر الماس وجميل سيف في النصف الاخير من سبعينيات القرن الماضي . وفرضوا تعادلا مع المنتخب السعودي بطعم الانتصار الذي كانوا قاب قوسين او ادنى منه.
وبعدها حقق منتخب الناشئين انجازا آخر بتأهلهم الى نهائيات بطولة آسيا للناشئين التي ستقام في البحرين 2020 م ليدخل الفرحة أيضا الى قلوب الملايين من اليمنيين في شرق البلاد وغربها وشمالها وجنوبها وفي كافة مهاجر اليمنيين،
هذا الإنجاز يفتح باب الأمل امام الانسان اليمني ويعطينا انطباعا على اننا قادرون على اللحاق بالآخرين متى ما حل السلام والأمان في بلادنا ومتى ما خرجت من ازماتها ومتى ما تحركت القوى السياسية وأخذت العبرة من لاعبي المنتخبات اليمنية الذين مثلوا كثير من المحافظات والأندية لكن كان همهم اليمن اولا فارتفعت معنوياتهم وقدموا فوق طاقاتهم وإمكانياتهم فحققوا انتصارات لبلدهم ومواطنيهم.
فلو غيّرت بعض القوى السياسية مساراتها التي خرجت من خلالها عن الهدف الأسمى والأغلى واعادت بوصلتها نحو اليمن أرضا وإنسانا لما لحقت بنا هذه الأزمات والكوارث المدمرة ولما أصبحنا لقمة سائغة لمن أراد ان يتوسع على حساب اليمن أرضا وإنسانا.
والله غالب على أمره.