الاعتصام بوحدة التفكير والانتماء
ماهي المسؤولية ..؟ هذه التي آثرت أن أمر بشريطها - عليك – في الحديث - هذا - ..؟ وما صلة الإنسان السوي بها ..؟ أهي صلة تأدية ورعاية أم صل تخل وإماتة ..؟! إنها فيك وفيه وفي كل نفس وضمير حي يعيش في دنيا الوجود ، ويدرك غايته وفلسفة حياته .. إن المسؤولية عنصر ملهم يحمله کل إنسان ولكن الناس يختلفون في تأديته وتلبية ندائه ، وقليل هم أولئك الذين ينبعث في وجدانهم موفور الحظ فيه من الإجادة والنزاهة والاستقامة والأمان .. !! والمسؤولية - في هذا الزمان الرطيب - أخت توأم لسلاح عصري جديد.. هذا السلاح مستحضر ومستخرج من مناهل العلم ومدخراته – وهو الإدراك والإيمان والسلوك - وقد أجمعت الأمم والشعوب على جدواه ونفعه - لمن أراد الانتفاع به - لأنه الحصن الحصين والسلاح الواقي من الآفات واللأواء والشرور. والعلم هو النتيجة المرجوة للتعليم ؛ وهو - الآن السلاح العصري الذي نعنيه - ؛ وقد امتد - بحمد الله - سناؤه إلى كل موقع من هذا الوطن الفسيح - في ظلال الفجر العالمي الجديد - ، وهو - في حقيقته - موكب للخير والهداية ينساب في جداول هذه الأرض الزكية التي كانت - في يوم سلف عاطر الذكر والذكرى والتأريخ - ضياء وهاج" ينير هذا الكون الرحيب بتعاليمه وإنسانيته وطموحه .. ولذلك كان انبعاث التعليم - بفنونه وشموله - بالنسبة لهذه الرحاب - مجدا يعود وبضاعة تسترد - بعد أن غشيها غاش من نوائب الزمان فكانت فريسة سائغة - خلال ذلك الدهر الطويل - .. !! ولئن ولي ليل الجهل وأدبر ، وانجلى صبح العلم وأسفر ؛ فقد وجب على المصلحين التربويين وعلى حاملي مشاعل النهضة التعليمية أن يتحملوا المسؤولية – من أجل مصلحة الجيل والوطن - وأن يتنبهوا ويستيقظوا إلى ما يحيق – بغيرهم وبزمنهم - من ألوان التنكب والمغريات التي تجعل مهمة التربية والإصلاح عسيرة شاقة تستوجب مزيدا من الطاقة والجهد والبذل .
ولا شك بأن هذه الأمة - العريقة - لتترقب بروز أبنائها - من جديد - اليستعيدوا المجد المفقود ، وليشيدوا معالم البناء والحضارة - بأنفسهم – وبوحي من إيمانهم وعلمهم وولائهم لأمتهم ووطنهم - فيحيوا في الأنفس الضامرة واليائسة آمالها ورغباتها الموؤودة .. !!
ألا إنه ليجمل بقادة هذا الجيل وولاته ومرشديه أن يسقوا هذا الروض المهجور لينبت ثراه الزكي نفوس أبية صادقة تربو وتهتز في أفيائه فتعطي أطيب الثمرات وأشهى الهبات والمنافع والمواهب ..ولعلك لا تجانب الحقيقة والصدق إن قلت - ولو بمرارة تعقد اللسان والجنان - بأن كثيرا من المؤسسات والأفراد والمنتمين إلى مظلة التعليم والتربية والخدمة الاجتماعية - ليسوا على مستوى مرض من الشعور بالمسؤولية التي يتطلبها المجتمع على هذه الأرض .. وما ذاك إلا من جراء آفة الإعراض والتخلي عن الواجب ، ومن رقدة الشعور بالولاء والوفاء لهذا الصعيد الطاهر .. !!
فإلى متى تظل الأمة يستبد بها ويستعبدها لهيب اللوعة والحنين إلى استعادة المجد والسيادة والرأي المسموع والمرفوع وكثير ممن يرجون ويؤملون بعيدون عن مسلكها الأمن .. !! وليتهم يعودون إلى الاعتصام بوحدة التفكير والانتماء والمسؤولية .. وينبذون الأنانيات والمصالح المادية والذاتية .. ويتلقون دروسا واعظة من ماضي أسلافهم وحاضري غيرهم ؛ ليصلوا بأمتهم إلى شاطئ الأمان والوئام والسلام وحسن المصير .. ولن نسير إلى الأمام إلا بمركوب الوئام .