المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 25 نوفمبر 2024
د.ابراهيم عباس نــَـتــّو
د.ابراهيم عباس نــَـتــّو

عن د.ابراهيم عباس نــَـتــّو

عميدسابق بجامعة البترول.

الديموقراطيا سبيلي!Democracy is the Way!




توطئة: ارجو ان نبعد فضلا عن سفاسف الاشارة الى معنى سيء يتداول احياناً للفظة الديموقراطيا التي يجري تداولها مثلما لاك بها زعيم ليبي سابق في سياق الإساءة لهذا المفهوم السامي!

'الديموقراطيا' هي أصلاً مفردة يونانية مركبة من مقطعين أصلهما (من الناحية اللغوية) كلمتان مستقلتان: 'ديموس'، و تعني 'الناس'. و مع لفظة ديموس جاءت مفردات 'الشعب'، 'الجمهور'.. بل و أخذت تشمل 'عامة' الناس.

أما الجزء الثاني من الكلمة 'كراتيا/قراطيا'، فتعني 'السُّـلطة'. و أستعملها أنا هنا بالياء و الألف في آخرها، بدلاً من التاء المربوطة "، و كما في 'جيولوجيا'، "آسيا/افريقيا'.

فمصدر اللفظة و موئلها إغريقي/ يوناني و تطور فيما بعد، ماراً بالفكر البريطاني ثم بالثورة الفرنسية و ما تلاهما.
و بالرغم من أن فكرة و مصطلح 'الديموقراطيا' تنمُّ عن الناس/ 'الشعب'..و بالتالي عن فكرة 'حكم الشعب للشعب'؛ و لو أنه يلزم الإشارة إلى ان معنى لفظة الشعب".. كان قد تدرّج و تطور عبر العصور؛ ففي الأصول اليونانية كان مفهوم "الشعب" محدوداً.

و لكن، كان من جملة تطورات الحركات الدستورية البريطانية منذ 'العهد الأعظم'/الماگنا كارتا)؛
و أيضاً بعد نتائج الثورة الفرنسية، أن أعيدت بلوَرة فكرة و مفهوم (الديموقراطيا) في شكل متطور و راقٍ.

فمن تأثيرات الثورة الفرنسية أن اكتساب مبدأ (المساواة) في الحقوق السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية لجميع المواطنين؛ و الرقابة على الحكومة عن طريق هيئة نيابية يشترك في انتخاب أعضائها كل البالغين من أفراد الشعب على أساس النظرية القائلة بـ'صوت واحد لشخص واحد'؛ و أن من حق الشعب في أن يقرر أموره العامة بأغلبية أصوات نوابه.

يرى محمد أسد في كتابه: (منهاج الإسلام في الحكم)، تعريب منصور محمد ماضي. بيروت: دار العلم للملايين، 1983م، ص.ص47-49: ''الديموقراطيا الغربية السائدة اليوم هي في الواقع أكثر قرباً و أوثق نسباً بتصور الإسلام للحرية منها بتصور الإغريق القدامى، ذلك بأن الإسلام ينادي بأن الناس جميعا متساوون من الناحية الاجتماعية؛ و لهذا، فلا بد أن يُعطوا فرصاً متساوية كذلك للتطور و للتعبير عن إرادتهم."

و بالطبع، فإن مجرد استعمال و تداول كلمة 'الديموقراطيا' لا يكفي؛ و مجرد نطقها و استعمالها كمفردة لا يُسمن و لا يـُغني!

فالديموقراطيا ركيزة ُ 'الشأن العام؛؛ و الديموقراطيا في القطاع العام تعني أن الحكومة تستمد سلطاتها -بصفة عامة لكنها أصيلة- من الشعب، حيث يقوم نوابه بالدفاع عن مصالح الأمة قصيرة المدى و طويلته، و حيث الناس هم مصدر الشرعية، فهنا يقوم ممثلوهم (اعضاء مجلس النواب) بالمشاركة بوضع القرارات، و سَن القوانين، و إقرار المعاهدات و 'التصديق' عليها.. بعد قيام السلطة 'التنفيذية' في الدولة بإتمام مراحل الاتصالات و المفاوضات الخارجية.

فالناس في النظم الديموقراطية يكونون مسؤولين عن مصيرهم، و يجدون أنفسهم شركاء في إقرار قراراتهم، و ذلك بتكاتف مختلف مكونات المجتمع في القيام بذلك، بما فيها الطبقة الوسطى التي هي العصب الاقتصادي و المالي في البلاد.. و يحتاج هكذا نظام إلى 'مؤسسات المجتمع المدني' NGO’s.. النشطة الواعية.

و في الديموقراطيا يتجلى التعاون، و تبرز الفائدة المشتركة حين ينخرط السواد الأعظم من الناس في خِضّم العمل الاجتماعي، و كلْ يؤدّي دوره، و كل يُسْهمُ بسهمه و يدلو بدلوه. و تكون نتيجة هذا التعاون بشكل 'الكل كسبان’.. بدلاً من التسلط من جهة و التناحر من جهات.. فلا يكسبُ هذا و لا ذاك.. بل حينها يخسرُ الجَمعُ و يُوَلّونَ الدُّبـُر!

ففي الديموقراطيا، و في العمليات الديموقراطية تُوضع القرارات، و تخرج الأطراف جميعُها شاعرة بأنها 'كسْبانة'، بل منتصرة؛ و حين تلاحظ الأطراف المتعاونة و حتى المتعاركة أن 'الديموقراطيا' تقود إلى نتائج..و لو متدرجة.

و من المفاهيم الأساسية وراء هذا: تعددية المشارب و المذاهب و الأفكار؛ بل و المصالح. و في هذا يلزم أن يأتي 'تمكين' المرأة، نصف المجتمع، بمشاركتها المشاركة الفاعلة الكاملة بمختلف المجالات و الاتجاهات.

و تحقيق الديموقراطيا بالمجتمع بعامة يحتاج إلى إقرار 'سيادة القانون'، و أنه فوق الجميع، و أنه يطبق على الجميع، و يساوي بين الجميع.

و من المقومات الأساسية للديموقراطيا: الفصل بين السلطات (التنفيذية و التشريعية و القضائية)؛ حماية حقوق الأقليات؛ حق الفئات العاملة للمطالبة بحقوقها؛ حرية التعبير بعامة بتمكين إقامة منابر التعبير بكافة المطالب الحياتية.

و غني عن القول بأن الديموقراطيا تتطلب حرية و خصخصة الصحافة و كذلك الى الشفافية و مقاومة الفساد.

كما و إنّ من الأهمية (توطين) الفكر الديموقراطي أثناء تنشئة الأجيال: فعلينا أن نسعى لترسيخ المفردة و مفهومها؛ و أن نعمل على (تربية) النشء على مبادئ و تطبيقات التعايش، و توليفهم على النمط التشاوري في عمليات 'حل المشكلات'، و أن نقوم بتدريبهم على مبادئ و خطوات 'المشاركة' في عمليات وضع القرار، و ذلك منذ 'نعومة أظفارهم' و مذ بداية سني دراساتهم، بل..بالبيت أصلاً و بدايةً،
مثل:-
• إانتظار كل مِنـّا دوْره، و تحاشي التعدي بالتقدم على الآخرين الواقفين في نفس الطابور؛
• التدرب بانتظام على تقاسم الأشياء، و قبول كل شخص بقسط؛
* تبادل التحية اليومية..و مختلف المناسبات، الشخصية و العائلية و الوطنية و الإنسانية العالمية؛
* التدرب على إتباع الإرشادات المرورية و قواعد السلامة، بما يشمل حقوق الآخرين، كحق مرور المشاة، و حق المرور للطرف الآخر؛
* الإكثار من استعمال الألعاب و التمارين التي تحتاج إلى العمل التعاوني (و تكوين 'الفريق') أكثر من التركيز على الألعاب 'الفردية'؛

و لكن،
تبقى العدالة 'ضالة' و مطلب المواطن..في كل مكان، و خاصة في الدول النامية و المتخلفة. و تبقى العدالة من أساسيات الديموقراطيا، حيث ينبغي أن يكون القانون 'اسمها'، و القضاء العادل المستقل عنوانها، و توازن 'الحقوق' و 'الواجبات' ديدنها.

فالديموقراطيا مشوارٌ نضاليّ كفاحيٌ يحتاج إلى الصبر و المصابرة.
و يبقى القول بأن الديموقراطيا نظام له نواقصه؛ لكن، و كما نوَّه ذات مرة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق ونستون چِرچِل (تشرشل)- فإن النظم البديلة لها أسوأ بكثير. اي ان الديموقراطيا هي الأحسن.

و بعد،
و كما جاء في أبياتٍ كنتُ قد نظمتـُها في قصيدة ذات مرة:-
و الناسُ مََهمَا غابَ طاغٍٍ أو أتَى# فهُـمُ الأساسُ على الدوامِ يقينا!

إن الحكم الثيوقراطي (اللاهوتي، الديني) فيه أذىً و تسلطاً و ضنكا؛
بينما الأسلوبُ (المدني) هو ُ أنفعُ و أبقى؛
و الديموقراطيا هي السبيل
 0  0  15.1K