عفاف الروقــي :
تناقلت العرب على مدى عصور متتالية بإهتمام قصص الجان والعفاريت ، و صدقتها تباعاً لنزاهة و أمانة الراوي، و بتطور *التقنيات الحديثة أصبحت قصصهم هوساً لمن يبحث عن توثيق حسي و تبرير منطقي لأسرار الميتافيزيقيا “ماوراء الطبيعية“ و محاولة إقحام الإنسان بهذا العالم الغامض، و لعب الإعلام الإجتماعي دور هام في الترويج لتلك الحمى *حتى أصبح في كل بيت شخص مصاب بهاجس المس، و بوصف أدق عمت حالة من “الهستريا الجماعية “ أو مرض الجمهور، و أغلبية المصابين به يعانون من إضطراب الجسدنة، فتجده يستعرض و يبحث في قوائم أعراض المس و يطابقها مع حالته الراهنة وبعد أن يعيها يتلبسه الوهم بالمرض فيدخل في دوامة الإضطراب التصنعي.
لا أنكر وجود الجن فهم موجودين من قبل خلق الإنسان و ربما أشهر قصة بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم
( حين هتف الشيطان “مسعر” لآبي قبيس يحذره من تبديل دين آبائهم وأتباع النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً :
قبح الله رأيكم آل فهر
ما أدق العقول والأفهام
حين تعصى لمن يعيب عليها
دين آبائها الحماة الكرام
حالف الجن جن بصرى عليكم
ورجال النخيل والآطام
توشك الخيل أن تردها تهادى
تقتل القوم في حرام بهام
هل كريم منكم له نفس حر
ماجذ الوالدين والأعمام
ضارب ضربة تكون نكالا
ورواحا من كربة واغتمام
فأصبح شعره حديث أهل مكة و ينشدونه، و قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا شيطان يكلم الناس في الأوثان يقال له مسعر والله مخزيه .
وبعد مضي ثلاثة أيام ، سمعوا هاتف من أعلى الجبل يقول:
نحن قتلنا في ثلاث مسعرا
إذ سفه الجن وسن المنكرا
قنعته سيفا حساما مشهرا
بشتمه نبينا المطهرا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا عفريت من الجن أسمه “سمج” آمن بي سميته عبدالله أخبرني أنه في طلبه ثلاثة أيام ) أمكنه الله منه فقتله.
لا أنفي حصول المس و الأذى منهم فقد قال محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في إحدى خطب الجمعة (أن صرع الجن للإنس ثابت بالكتاب والسُّنَّة و الواقع و إقرار الأئمة و هذا أمر لا شك فيه) وحذر أن ينساق المسلم خلف هذا قائلاً (مِمَّا يفتح الوساوس و الأوهام على الإنسان حتى يصير صريعًا بالتخيّلات والأوهام للجن)، كفانا بذكر الله حرزاً ،و رسول الله صلى الله عليه و سلم أرشدنا إلى طرق التحصين من أذاهم.
الترصد للظواهر الغريبة في المنازل المهجورة و المناطق النائية والجبال الوعرة والمغامرات الإستكشافية لمستشفى عرقة ، و خرافة وسم "هاشتاق" رائف العتيبي ، و خروج الشباب محاربو الجن في أبها، يوجب علينا الوقوف وقفة جدية و توعية الشباب بأهمية ترك الهرولة خلفها فقد أصبح الوضع مستفحل، فيجب أن نعي جيداً قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال) ، فما الجدوى من البحث في مما لا يقدم منفعة و التنطع و القول بالظن ، و ما حجب الله عن الإنسان شئ الإ و هو خير له أن يحجب و لو علمنا ما لا نعلمه لفاق ذلك طاقاتنا فتلك المسائل عويصة تجاوز مدى إستيعابنا فتفتح أبواب للكهنة و السحرة كما يفعلون الآن بتقويض السحر إلكترونيا و إستخدام وسائل التواصل لنشر الشعوذة والدجل وإستغلال الناس، و قد تدلف بالجاهل ضعيف الإيمان لمزالق الشرك والتشكيك تصل به إلى عتبات الكفر أعاذنا الله منه.
*
*
*
*