مؤشر المسؤولية الاجتماعية
أ. احمد بن صالح الرماح*
سعيا نحو مأسسة العمل الخيري والإجتماعي والتطوعي والحرص على إستدامة هذا القطاع الحيوي، ولتحفيز العاملين به، تظهر الحاجة جلية وملحّة في إنشاء مرجع لتعريف وتقييم كل هذه العمليات الخيرية وإنشاء ما يسمى “مؤشر المسؤولية الإجتماعية”. فهذا المؤشر ما هو إلا أداة لقياس الأداء الخيري وخلق نوع من التأسي الإيجابي والقدوة الحسنة في هذه المجال البكر والذي تسوده الإجتهادات والضبابية في الرأي عوضا عن الأخطاء المرتكبة نتيجة عفوية الأداء والممارسة.
فعند تأسيس أي عمل خيري يجب أن تكون النيّة منعقدة لوجه الله سبحانه وتعالى وإبتغاء مرضاته وأن يكون الهدف الأسمى ليس للظهور وإنما لتحفيز الآخرين ولسن سنّة حسنة.
ولعل من أهم ركائز “مؤشر المسؤولية الإجتماعية” المقترح هو إنطلاق العمل الخيري من صميم أعمال الشركة فهذا يعزز التخصص وحسن الأداء إذ أن الملاحظ أن الأعمال الغير المتخصصة تكون مآلاتها الضمور في أغلب الأحايين. ويجب أن يراعي المؤشر أن موظفي الشركة القائمة بالأعمال الخيرية هم أولى بالرعاية من غيرهم. فمتى ما تم إكتفاء الموظفين، تتجه الشركة نحو المجتمع تحقيقا لمبدأ العدالة الإجتماعية “خيركم خيركم لأهله”.
وعند تأسيس العمل الخيري، يجب أن تراعي الشركة أو الجهة القائمة بالنشاطات الخيرية تلمس حاجات المجتمع إذ من غير اللائق تنفيذ مبادرات لا تمت للمجتمع بصلة أو ليست من دائرة إهتماماته الأساسية.
أما مكونات المؤشر فلعلها تحوي التالي (ولا تنحصر عليه).
المواطنة:
حيث تكون جميع العمليات الخيرية منصبة نحو رخاء المواطن وبناء طاقات المجتمع والنهوض بالوطن.
البيئة:
يجب أن تكون الأعمال الخيرية مساندة لنقاوة البيئة ومحاربة التلوث والحث على حياة صحية وبأمثل طريقة.
الإستدامة:
حيث تكون جميع المبادرات الخيرية المطروحة ذات ديمومة وتستطيع النهوض والإستمرار بذاتها بعد مدة عن طريق أوقاف مستدامة مع التعهد بتسلسل القيادات الفاعلة لضمان أعلى مراتب الجودة في جميع العمليات ولمنع حصول أية فجوة طارئة.
الإبداع:
السائد في الأعمال الخيرية حاليا الرتابة والتكرار وغياب عنصر الإبداع ( إلا في حالات نادرة مثل إطعام وغيرها ). آن الأوان لتكون جميع هذه الأعمال (خارج الصندوق) بل أدعو أن لا يكون هناك صندوقا أصلا أملا بالوصول لأعمال إحترافية تقود العمل نحو آفاق جديدة وذات تميز كبير.
وعلى وزارة التجارة التمييز بين الشركات ذات البعد الخيري وذات النشاط الملموس في خدمة المجتع من تلك التي لا تعبأ بهموم المواطن ولا تكترث بطلباته. هذا التمييز يجب أن تنتج منه حزمة تحفيز لهذه الشركات تشجيعا لها وإيمانا بدورها الإيجابي. وكذلك على مصلحة الزكاة والدخل مساعدة هذه الشركات بنوع من الإعفاءآت الضريبية وخصم تبرعات الشركات من أموال الزكاة (بدلا من الوعاء الزكوي المعمول به حاليا) فبهذا إعترافا بالجميل ومساعدة للجميع بتسنم عرى الأعمال الخيرية والأخذ بناصيتها.
وأخيرا وليس آخرا، نتمنى تطبيق هذا المؤشر من قبل الجهات الحكومية المسؤولة ووضع هيئة عليا لتقييس الأداء والسعي نحو (حوكمة) كاملة لجميع الأعمال الخيرية تعظيما للمنفعة وإيغالا بالفائدة المرجوة.