دوعن في الظلام
مجرد ان تنطق او تكتب كلمة دوعن سيخطر امام المتلقي العسل الدوعني الشهير بجودته العالية التي لا يصل اليها أيا من أنواع العسل في العالم ومجرد ان تنطق كلمة دوعن سيخطر على بالك عشرات الأسر الحضرمية الشهيرة التي وهبها الله من واسع فضله فأصبحوا ضمن مصفوفة كبار المليارديرات في العالم وتليهم أيضا ميئات الأسر أيضا ممن هم دون أولئك لكنهم من اصحاب الملايين والتجارة الواسعة في مجالات شتى ولكن أيضا هناك في دوعن آلاف الأسر من ذوي الدخل المحدود وهم في الغالب الذين لم يبارحوا دوعن ولم تتح لهم ولا لأجدادهم فرصة الاغتراب في ذلك الزمن الجميل الذي انطلقت اعداد كبيرة من هذا الوادي الجميل قبل قرون مضت باتجاه المكلا وعدن والحجاز والى ارض الأحباش عبر ميناء مصوّع في الساحل الإريتري ولأن لفظة ( مصوّع ) في اللهجة الحضرمية لفظة غير جميلة فقد كانت الأمهات لا ينطقنها بل حوّلنها الى ( مسهّل) التي عكس تلك ويدعين لأبنائهن المهاجرين بان يسهل الله لهم رزقا في ( مسهّل). وفعلا فقد تخطوا الصعاب وصارت الأمور سهلة ومسهلة لهم بفضل الله تعالى ثم لتفانيهم المنقطع النظير الذي صار مثلا يحتذى به في طرق النجاح.
وبكل تاكيد انتعش الوادي وساكنوه بما يجود به المغتربين على اهاليهم بل ان كثيرا من الميسورين الموفقين لعمل الخير وعلى مدار نصف قرن مضى أقاموا الكثير من مشاريع البنية التحتية على طول مناطق الوادي بشقيه الأيمن والأيسر بداء من مشاريع المياه والمدارس والمستشفيات والمساجد والطرقات المسفلتة التي قربت المسافات المتباعدة ولم تعُد حُسُرْ دوعن عسيرة ،
وانتشرت مؤسسات العمل الخيري وتحصل الكثير من ابناء دوعن عبرها على فرص التاهيل العلمي الأكاديمي في كثير من بلدان العالم ناهيك عن مستوى عال من برامج التكافل الاجتماعي الذي يقدم للأسر الفقيرة والمحتاجة.
وبقيت في دوعن معضلة توفير التيار الكهربائي فكانت هناك مشاريع صغيرة في معظم القرى المتناثرة باستثناء مدينة الهجرين التاريخية وهي واجهة الوادي عندما تقدم اليه من وسط حضرموت فقد حضيت بربطها بمشروع كهرباء وادي حضرموت منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي وتكفل بذلك وعلى حسابه الشيخ سالم بن محفوظ رحمه الله ، وأما بقية مدن وقرى الوادي فقد ربطت بشركة غير حكومية تعرضت ماتعرضت له الكثير من الشركات في ظل تدهورالاوضاع التي تعيشها البلد بشكل عام وأصبح انقطاع التيار عن الوادي يستمر اياما طويلة واذا عاد فهو لساعات محدودة فقط
ونظرا لما تمثله الكهرباء من أهمية في كافة مناحي الحياة فقد حصل الضرر لعدم توفرها في شتى الجوانب ولان الوادي مليء بأشجار النخيل وأشجار السدر وغيرها ونظرا لكثرة المستنقعات وغير ذلك فقد انتشر البعوض والذباب وغيرها من الحشرات واستمتعت بأجواء الظلام الدامس وأصبحت مصدر قلق للكبير والصغير وبالذات حشرة البعوض التي تسبب كثيرا من الأمراض ناهيك عن صعوبة النوم بوجودها فانتشرت الكثير من الأمراض ومنها الملاريا وغيرها من الحُميات .
ولن أخوض في تفاصيل وأسباب انقطاع الكهرباء من خلال الشركة الغير حكومية.
لكن ماتم نشره ان شركة كهرباء وادي حضرموت الحكومية بامكانها ربط وادي دوعن كله بها وبتكلفة مقداره 3600000 دولار وهو مبلغ في حقيقة الأمر بسيط جدا بالإمكان فردا واحداً ممن أشرنا اليهم ان يتكفل به او يتم توزيعه بين أربعة منهم وبالتالي سيصغر المبلغ ويتضآءل أمامهم ويصبح صغيرا جدا لكن اثره عليهم سيكون كبيرا بإدخالهم السرور الى قلوب الآلاف من اهاليهم سواء قرب النسب او بعد وعليه فان اجر ذلك عند الله عظيما فإدخال السرور على اهل بيت من المسلمين ليس له جزاء الا الجنة او كما قال سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام.
وبعيدا عن الاجر و الفضل فهذا واجب وطني وحق على ابناء البلد من الاثرياء وكثيرة هي المشاريع الخدمية التي بامكان الاثرياء الحضارم عملها دون ان تطيح بامبراطورياتهم المالية !!
ولهذا اهيب بالمقتدرين وبذوي الوجاهة والقادرين على إقناعهم بسرعة ادراك اهلهم وذويهم وهم اهل لهذا العمل الخيري الكبير.
وأما مسؤلي دولتنا ان أرادوا هم أيضا الأجر وتخفيف الخطايا فقط 10٪ من رواتبهم ستغطي هذا المشروع وغيره لكنني اعلم انها مناشدة في غير محلها ولكن من باب الاعذار الى الله.
فصبرا اهلنا في دوعن وفي عموم الوطن فان بعد العسر يسراً.
وسلّوا على انفسكم بما ترنّم به ابوبكر سالم من كلمات المحضار المتوارثة عبر الأجيال
خلوني على صبري ..
خلوني على جمري
معك صابر سنين
منك يا عسل دوعن ..
منك يا عسل دوعن
قوت العاشقين