جدة .. ليت الزمان يعود يوماً
زامل عبدالله شعــراوي*
رغم ناطحات السحاب العملاقة والبنايات الرائعة في عروس البحر الأحمر جــدة .. ورغم النهضة العمرانية التي تحتويها الان وتتخللها .. إلا أن هناك سنوات طويلة تركض بنا للوراء فلا تترك خلفها سوى الذكريات .. حياة كاملة حلوها ومرها تعيش في الذاكرة .. تدب فيها الحركة فتظل منها شخوص تتحرك كلمات يعاد تكوينها .. مدينة بكامل هيئتها وطبائع وعادات لم يدفنها غبار الزمن .. جدة القديمة وحاراتها وبيوتها في احضان جدة الحالمة اليوم ..
فهي موطن للذكريات وعبق لحاضر جميل يذخر بنبض تاريخي وتراثي حجازي.. جداوي متأصل في جذوره .. وتكتنز في رحمها ميلاداً ثقافياً مجيداً كتبته أيدي الأباء والأجداد والأحفاد وأجيالهم المتعاقبة .. ولا تزال أسطورة جدة القديمة تعيش بين رواشين مبانيها وأزقتها العتقية التي لكل منها الف حكاية والف ذكرى لكل من عاش فيها .. ومصابيحها القصيرة القامة المتبرجة بفوانيس تشعلها في سماء رحلتها بين عيون عاشقة لسماء الإبداع .. وإذا كانت الحارات هي كل جدة القديمة ..
فهي اليوم قلب العروس والمنطقة التاريخية هي زاوية جميلة في هذا البرواز الأشمل والأجمل لجدة التاريخ والحضارة .. وأحد شواهد معالمها وحاراتها التي سطرت وثيقة العراقة .. كما أن الحارات تراث غائر في الزمن لها الف وجه ورواية .. وهي متكأ لحديث الزمن الجميل الذي يلامسنا بكثير من العشق ونلامسه ونبحث عنه كزمن أخر افتقدناه وبحثنا عن تفاصيل العلاقة بين الأنسان والمكان .. هكذا هي العلاقة بين تاريخ جدة وحاراتها وماضيها الجميل الراسخة في الوجدان وبين من عاشها بكل تفاصيلها بجوار بحرها الذي سبغ تلك الأزقة برائحة الوفاء والاستمرارية.. وليت الزمان يعود يوماً .
*
رئيس تحرير مجلة جدة والناس
*
23-11-2014 07:44 صباحاً
0
0
9.2K