الوزغ البشري
ارسل الله سبحانه وتعالى ابراهيم عليه السلام إللى قوم أولي قوةً وأولي بأس شديد، ويتضح ذلك جلياً من خلال ابداعهم في صنع التماثيل والأصنام من الأخشاب والأحجار وكذلك علمهم في مواقع الكواكب والأفلاك والنجوم كما أنهم يقدسون ويعظمون ملوكهم إلى درجة أن فئةً منهم تعبدهم، وقد ورد بشأنهم العديد من الايات والاحاديث.
كما أن ابراهيم عليه السلام أتاه الله النبوة والرسالة والكرم والشجاعة والحلم والأناة وأيده بكثير من المعجزات كيف لا وهو من أولو العزم من الرسل.
في قمة الصراع بينه وبين قومه قرر قومه ان يحرقوه ظلماً وعدواناً، فأعدوا له ناراً تلظى جمعوا وأعدوا لها كل قواتهم وخبراتهم ماذاك إلا بغياً من عند انفسهم، بينما ابراهيم عليه السلام كان مؤمناً ومطمئناً وموقناً وواثقاً لنصر الله له وأن قومه لن يتمكنوا منه، وكأني اقول صراع الحق مؤيداً من الله تعالى وصراع الباطل يتخبطه الشيطان في كل مقام، فلا كبير ولا صغير يقدم في النتيجة أو يؤخرها، وهكذا هي صراعات الحق والباطل.
وفي خضم هذا المعترك يقبع الوزغ على ضفاف النار التي اقودت وسعرت، وهو ذلك المخلوق الدنيء والضعيف جاء به الحقد والحسد، ينفخ في النار لتزداد شعلتها وترتفع حرارتها ويتوقد لهيبها مؤملاً في ذلك أن وجوده وعمله يرجح كفة القوم الظالمين.
والغريب أن قوم ابراهيم ليسوا في حاجة نفثاته، كما أن نفثاته لن تهدد ابراهيم عليه السلام ولن تؤذيه.
كذلك هم بعض البشرية فيه من صفات الوزغ مافيه، حاقد وحاسد يدخل في معترك الاقوياء وصراعات الحق والباطل وهو الضعيف والذليل والحقير، علاوةً على ذلك لم يوجه له أي دعوة ولم يطلب منه أي نجدة أو مساعدة، ونهاية أمره يكون جزاءه جزاء الوزغ، أن شوهد عياناً قتل أو طرد خشية نفحاته ونفثاته القذرة وإن رؤي بالمنام كان فأل شؤم لا خير فيه، ذلك هو الوزغ البشري الذي يدخل في كل أمر هو أقوى منه كما أن ذلك لا يعنيه، وكأنه لم يسمع بقول الرسولﷺ قال:*(مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ، تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ).